الأسير الكويتي الوفي
عام 1990 سافر خالد، الكويتي الجنسية، ذو الأربعين عاماً، إلى أخواله في العراق، ومكث لديهم عدة أيام، وقبل عودته إلى بلده دخلت القوات العراقية، واحتلت الكويت، فاحتار خالد في أمره، ونصحه أخواله أن يظل مختبئاً عندهم ريثما تنتهي الأزمة، ويعود بعدها إلى الكويت، لكن خالد خاف على زوجته، خاصة أنها على وشك ولادة فخرج من عندهم واتجه صوب الحدود السعودية، لكن القوات العراقية المنتشرة بكل مكان ألقت القبض عليه، ولما علموا أنه كويتي اشتبهوا أن يكون جاسوساً، فاقتادوه إلى السجن، وحكموا عليه بالإعدام كغيره من الكويتيين الذين أسروهم، كان يشاهد كل فترة تنفيذ الإعدام بحق كويتيين، فخاف على نفسه أن يكون حاله كحالهم، مع أنه شرح للمسؤولين قصته، وأنه كان عند أخواله العراقيين، لكن من يسمع له في تلك الفترة الحالكة من حكم العراق؟
طلب من الحراس أن يسمحوا له بلقاء العميد زهير، لكن العميد رفض طلبه، فتحين يوما من الأيام دخول العميد زهير، وتعرض له راجياً أن يسمع كلامه، وعرض عليه أن يتنازل له عن جميع مزارعه وممتلكاته في العراق إن هو ساعده بالخروج من السجن، طمع العميد بهذا العرض، فأخرج خالداً سراً من المعتقل، وسار به إلى أماكن مزارعه؛ ليتأكد من صدقه، وبالفعل تأكد العميد زهير من صدق خالد، فاستضافه في منزله الكبير، ومنعه من الخروج خشية انكشاف أمره، وطلب من ابنته الصغرى رغد أن تحضر له الطعام والشراب، فكانت كل يوم تأتيه بالطعام والشراب، وتسأله عن حاله، فحكى لها قصته، فرقت له، وطلبت من أبيها مساعدته، ولما رأت من أبيها التردد عرضت على أبيها أن يحضر جثة، ويذهب بها إلى المعتقل، ويدعي أنه أعدم خالد.
أعجبت الفكرة أباها، وكانت الكويت قد تحررت للتو، واتفقت معه أن يرسل خالدا صوب الحدود، ومعه أكثر عساكره ثقة به، ليتأكد من وصوله الحدود، ثم نادت رغد العسكري، وقالت له: إذا لم تتمكن من إيصال خالد الحدود فلن ترى أسرتك بعد اليوم، وبالفعل تمكن العسكري من أداء المهمة، وتأكد من قطع خالد حدود الكويت، ثم عاد أدراجه إلى بيت قائده، وأخبر رغد بذلك، فسرته ورضيت .. أما خالد، ففور قطعه الحدود اعتقلته القوات الكويتية، وألقت به في السجن، وعندما تأكدوا من صدق قصته، أفرجوا عنه، وذهب إلى بيته، وأنجبت زوجته طفلة، سماها رغد .. ظل خالد يتواصل مع أخواله، ويسأل عن رغد، التي ساعدته وكانت سبباً في رجوعه إلى بلده، وعرف منهم أنها تزوجت أحد أزلام البعث، وبعد سقوط نظام صدام حسين في 2003 خسر العميد زهير وابنته رغد كل ممتلكاتهم، واغتيل زوجها، وأصيب والده بطلقة، سببت له شللاً.
ظل خالد يرسل لها المال والمساعدة مع أحد أبناء خاله مدة طويلة دون أن تعلم هي من يرسل هذه المساعدات السخية، ولما علم أن ابنها صار في السويد تكفل خالد بسفرها وأبيها، لتكون بجانب ابنها .. أصرت رغد على ابن خال خالد أن تعرف سبب تقديم كل هذه المساعدات، فأخبرها أن الذي يفعل ذلك هو خالد الكويتي الذي كان معتقلاً في العراق، وساعدته هي، فطلبت منه رقم هاتفه، وتواصلت معه، وشكرته على حسن صنيعه.
علمت زوجة خالد أن زوجها يقدم مساعدات، ويحول أموالاً لرغد وأهلها، فاستاءت وغضبت، وخافت أن يكون ذلك حباً .. فطلبت من أبنائها أن يطلبوا الحجر على أبيهم؛ لأنه يبدد أمواله في غير فائدة، لكن أبناءه لم يستجيبوا لأمهم، فازداد حنقها وغضبها، فطلبت الطلاق، وأصرت على الانفصال، فطلقها خالد، وتواصل بعد سنوات مع رغد، وطلبها للزواج، فوافقت، وسافرت للكويت، وعاشت مع خالد بهناء ورخاء وسعادة.
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا