(6)
"والدِةُ راشد"
بعد مرور أيام قليلة، اتجهت للشركة باكراً كعادتي، وفي كل صباح نصل أنا و(راشد) معاً أو يصل قبلي، ولكن هذه المرة لم أجد سيارته6، فهذا اليوم الذي اتفقت معه عليه لأعرف الموضوع المهم الذي يودّ أن يُخيرني عنه، أثار الأمر استغرابي واتجهت مباشرة لمكتبه المجاور لمكتبي لأسأل عنه السكرتير وأطمئن عليه، عله يعلم أمراً لا أعلمه، وكان هذا فعلاً 66، فقد أخبرني بأنّ حالة والدة (راشد) الصحية سيئة للغاية وتدهورت فجأة، فاتصلت به مباشرة، بدا صوته وكأنه مختنقاً، قلقت لشانه وسألته والقلق طاغ على حنجرة صوتي:
- ما الأمر يا (راشد)؟ أخبرني السكرتير بأن حالة والدتك الصحية ليست على ما يرام ..
- نعم صحيح ، لا أعلم ما الذي حلّ بها، استيقظت مُتعبة من دون مقدمات في الليلة الماضية، فقد كانت بحالة جيدة، وأنا الآن في المستشفى في انتظار نتائج الفحوصات.
- تفاءل ولا تكن قلقاً، ستتحسن حالتها بإذن الله، ولا تقلق أيضاً بشأن الشركة، سأنهي الأمور التي يمكنني إنهاؤها، وسأؤجل لك أمورك الخاصة.
- شكراً لك.
- لا داعي للشكر، أرجوك أخبرني بأي شيء يستجد بحال والدتك.
- حسناً، سأبقى على اتصال دائم معكِ، إلى اللقاء.
أنهيت الاتصال والحزن يغمرني، أتمنى أن تكون والدته بخير.
طلبت من السكرتير أن يأتي لي بكل ما أُسنِدَ ل (راشد) من مهام لهذا اليوم، وفعل ذلك، وكما وعدته، أنهيتَ الأمور البسيطة التي لا تحتاج لتطلّعه الشخصي عليها، وما تبقى من الأعمال وضعتها على مكتبه لينهيها بنفسه حالما يعود، وبدأت بعدها بمتابعة المواعيد لهذا اليوم وانهمكت كثيراً في العمل، وانتهت ساعات العمل الرسمية وأنا في قمة التعب والإجهاد ..
دخلت المنزل ولا رغبة لي في تناول الغداء، أحزنني خبر والدة (راشد) وكنت بانتظار اتصال منه ليخبرني عما يستجد بشأن حالتها، ومن شدة الإرهاق بُتُ في قيلولة عميقة، وأيقظني صوت الهاتف، كان (راشد) المتصل كما توقعت، وحالما أجبته استرسَل دون مقدمات قائلاً:
- حالة والدتي في تدهور مستمر، عجز الأطباء عن تشخيصها، وعلى حد قولهم إن هذه الحالة نادرة وإنهم يواجهونها لأول مرة، أنا مضطر لعلاجها خارج البلاد، وأودّ أخذ الإذن منكِ كونكِ شريكتي، بأن أسحب مبلغاً من المال من رصيد الشركة، لأتمكن من دفع مصاريف السفر، فلا وقت لدي!
- لا داعي لأخذ الإذن مني، فصحة والدتك لا تساوي الشركة والأموال، اسحب ما تشاء من الأموال، ونستطيع التعويض عند شفائها بإذن الله، لا تنسى أن بدايتنا كانت من نقطة الصفر واستطعنا النجاح ورفع اسم الشركة بفترة وجيزة.
- حقيقة لا أعرف كيف أشكركً، لم أنسَ الموضوع المهم الذي وعدتكِ بأن أخبركِ عنه، ولكن يجب تأجيله لبعض الوقت، ستعرفين كل شيء حال عودتي من السفر.
- لا تقلق، سأكون بانتظارك ..
- على الأرجح ستكون رحلتي بعد أسبوع، أبلغي السكرتير والموظفين بهذا الأمر، واستمري بإنهاء المهام المسندة إلي، فأنا لا أعلم متى سأعود.
- أعلم يا (راشد) أنك شغوف بعملك وتحبه كثيراً، ولكن لا داعي للقلق، اهتم بأمر والدتك الآن، وسيكون كل شيء بخير.
- لن أنسى لكِ هذه المساعدات يا (لولوة) شكراً لك.
أجبته وأنا مبتسمة من خلف الهاتف:
- واجب علي هذا كما ساعدتني في تخطي مشكلتي.
ودعته وأنهيت الاتصال، واتصلت بصديقتي (أسماء} فهي ملاذي الوحيد في أمور كهذه ..
حين أخبرتها بتفاصيل مكالمتي الأخيرة مع (راشد) ، أجابتني قائلة:
- إنها فرصة لإثبات قدراتك في فترة غيابه، عليك المحاولة جاهدةً ليسير العمل على أكمل وجه، ليعلم إنك محل ثقة وبإمكانك تحمل مسؤولية العمل لوحدك.
- أعدك بأن هذا ما سيحدث!
- إنك جديرة بالثقة، أتمنى لك دوام النجاح، لا ترددي في محادثتي إن احتجتي مساعدة من أي نوع.
- سأفعل بكل تأكيد، شكراً لك.
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا