غابة هويا باكيو
معظم الذين يزورون الغابة ينتابهم شعور غريب ممزوج بالخوف والتخاريف، بل إن البعض ادعى أنها بوابة إلى العالم الآخر، فالغابة لم تكتسب هذه السمعة السيئة من فراغ، فزائروها يختفون لفترات من الزمن ويخرجون دون أي ذكريات عن مكان وجودهم، وغالباً يعودون مع طفح جلدي غير مبرر وحروق في أجسامهم.
في عام 1960 بدأت الغابة تكتسب سمعتها السيئة عندما هجرها السكان الأصليون؛ بسبب وجود أصوات وأنوار غريبة، إضافة إلى رؤيتهم ظلال تتحرك وسماع صوت ضحكات للنساء وغيرها، مع الأخذ في الاعتبار أن جزءاً كبيراً من النشاط الخارق للطبيعة يتركز داخل بقعة معينة تعرف بالدائرة الغامضة، وهي عبارة عن مساحة من الغابة تكون خالية من الأشجار.
وتردد في الآونة الأخيرة أن من يدخل الغابة، خاصة منطقة "الدائرة الغامضة" يشعر بشيء مرعب، فمعظم الناس الذين يدخلون في هذه البقعة من الغابة لا يتذكرون كيف قضوا وقتهم فيها، كما أن هناك من التقط صوراً فوتوغرافية لأطباق طائرة.
ولفتت الغابة انتباه العالم في عام 1968 عندما زعم إميل فلورين، وهو فني عسكري أنه صور جسماً غامضاً يبدو كطبق طائر يحوم فوقها قبل أن يبدأ في الارتفاع إلى الأعلى ويختفي عن الأنظار، لكن الحكومة الشيوعية رفضت ادعاءاته واعتقدت أنه مصاب بالجنون، ما أدى إلى فقدانه وظيفته.
الظواهر الغريبة
ومنذ ذلك الوقت نالت الغابة شهرة كبيرة بين المعنيين بدراسة الظواهر الغريبة من جميع أنحاء العالم كان أشهرها بعثة جوش غيتس، التي كانت عبارة عن رحلة علمية قادمة من لوس أنجلوس بقيادة جوش ومعه رفيقان هما إيفان وريكس، حيث تلقوا تحذيراً من السكان الأصليين، مفاده "إذا دخلتم في الغابة لن تخرجوا"، لكنهم لم يبالوا وأصروا على عزمهم.
وذهب الفريق إلى الغابة في الليل، حيث ذهب جوش وريكس بمفردهما إلى الدائرة الغامضة، وشاهدا أضواء غريبة في السماء، أما إيفان فقام بجولة بمفرده في الغابة، لكنه تأخر مما تسبب في إثارة قلق زميليه، لكنهما عثرا عليه ساقطاً في الأرض يعاني جروحاً وبعض الضربات، وقال لهما: "شعرت بريح شديدة دفعتي ونار تحت جسدي وتلقيت ضربة قوية من شيء مجهول". وأدى ذلك إلى عدم مواصلة رحلتهم حتى لا تتفاقم الأمور، لكنهم لم ينسوا أخذ عينة تراب من الدائرة الغامضة لفحصها، فبمجرد عودتهم قاموا بإرسال العينة إلى أقرب مختبر لكن التحليلات لم تعط النتيجة الصحيحة. ومن أشهر الروايات المتناقلة عن هذه الغابة المخيفة، رواية لفتاة تبلغ من العمر 5 سنوات كانت تتجول في الغابة حتى تاهت، ويعد رحلة بحث فاشلة عن الفتاة، تم إعلان نبأ وفاتها، غير أنه بعد مرور خمس سنوات على اختفاء الفتاة خرجت فجأة من الغابة ترتدي الملابس نفسها التي كانت ترتديها يوم اختفائها ولم تتذكر ما حدث لها.
كانت الفتاة من المحظوظين الذين تمكنوا من الدخول إلى الغابة والخروج منها، لكن هناك العديد من الأشخاص الذين فقدوا في الغابة ولم يعودوا أبداً، والكثير منهم تم العثور عليهم أمواتاً بعد عدة سنوات.
دراكولا
ومن بين الأساطير التي تشتهر بها هذه الغابة "أسطورة دراكولا"، فالغابة تقع في إقليم "ترانسلفانيا" وهي قلب رومانيا وموطن "أسطورة دراكولا" الشخصية الخيالية لمصاص الدماء التي ألفها "برام ستوكر" في العصر الفيكتوري بناء على شخصية الملك الحقيقي "فلاد تسيبيش" الروماني الذي يعتبر محرراً الأراضي الرومانية.
لعل الأكثر رعباً في قصته فهي طريقته في التمثيل بجثث ضحاياه، حيث اعتاد أن يضعهم على عصى طويلة وخوازيق، ولذلك سمي فلاد المخوزق حتى موته يشوبه الغموض، فقد قتله الشانيون وقطعوا رأسه، لكن لا أحد يعلم أين دفن جسده، وتقول بعض الأساطير إنه دفن سراً في تلك الغابة المنحوسة هويا باكيو، وإن روحه البائسة ما زالت تتجول هناك بالذات ليلاً وفي الليالي الممطرة ليس روحه فحسب، بل أرواح الفلاحين الذين رفضوا الرضوخ لأوامر النبلاء الرومانيين في الانضمام للحملات الصليبية، لقد رفضوا الذهاب للحرب، فتم قتلهم والتنكيل بهم بعد معركة سريعة راح ضحيتها الآلاف من الفلاحين الفقراء المتمردين، لقد قتلوا بطرق بشعة، وتحولوا إلى أشباح هائمة على وجهها في غابة هويا، وأينما ذهبت أرواحهم تجلب معها الضباب الكثيف وتتميز بظهورها صباحاً على عكس باقي الأشباح التي عادة ما تظهر ليلاً، ولديها عيون حادة ذات لون أزرق مخضر، وهذا الكلام طبعاً حسب رواية السكان المحليين القاطنين بالمناطق المجاورة للغاية.
حيث يقولون إنهم يسمعون أصواتاً غريبة تصدر من مكان مجهول في الغابة، أصوات مرعبة، صراخ امرأة عالٍ قادم من مكان ما، وتارة أخرى أصوات أطفال يلعبون ونساء تضحك، ومهما تعمقت وبحثت داخل الغابة لن تعثر أبداً على مصدر الصوت، لكنك ستشعر أن هناك من يمشي خلفك أحياناً يسمع صراخاً عالياً لشخص وكأنه يستغيث.
لكن لا أحد يعلم مصدر الصوت والأصوات لا تأتي فرادى، كما المصائب، إذ تمتلئ الغابة أيضاً بالضباب الكثيف فيزداد الجو غموضاً وسوداوية، وكأنما تلك الأصوات وحدها غير كافية لاقتلاع فؤادك من الخوف!
كما قالوا إنه ذات يوم كنت هناك فتاة تتنزه هي وخطيبها عند أطراف تلك الغابة المسكونة، وبينما هما يمشيان تركت الفتاة خطيبها فجأة وسارت إلى داخل الغابة الكثيفة، حاول خطيبها اللحاق بها، لكنها سرعان ما اختفت في ظلمة الغابة وضاع كل أثر لها.
وتم إرسال فرق بحث عنها؛ لكن كل ذلك كان بلا فائدة فلم يستطع أحد العثور عليها أبداً! فقامت عائلتها وخطيبها بعمل نصب تذكاري لها بالقرب من المكان الذي اختفت فيه وذلك تخليداً لذكراها.
ويشاع أن شبح الفتاة ما زال يتجول في الغابة، حيث تمت مشاهدتها وهي ترتدي فستان زفاف أبيض وتنادي على خطيبها، وقد أطلق السكان الأصليون عليها اسم شبح "العروس"، ومن الجدير بالذكر أنها تظهر للنساء فقط، كما تظهر المحبة والود لزوار الغابة وتلوح للأطفال وتبتسم لهم.
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا