23. الكذب
ألاحظ على ولدي البالغ من العمر عشر سنوات كثرة ترديده للكذب، وهو ما يزعجني ويزعج والده. ولا أعلم سبب ذلك، ولماذا هذه الموجة العارمة من الكذب التي تنتابه هذه الأيام فيما يوكل إليه من الأعمال أو الدروس.
وداد. خ
حسب آخر الإحصاءات التي قام بها علماء النفس فإن الإنسان يقول ثلاث كذبات في اليوم أو أكثر من ألف كذبة في السنة!
ولكن مواقف حياتنا اليومية تكشف عن زيادة ملحوظة في هذا المعدل.
والأطفال أكثر الناس كذباً، ولكن قبل سن الخامسة .. فالأطفال لا يكذبون حقيقة. أن كذب الأطفال يكون من نتاج أخلاقهم، وخيالهم الطليق. وفي مرحلة الخامسة وحتى العاشرة .. قد يتطور هذا الكذب وبشدة إلى نمط من السلوك يعمر طويلاً في حياة الشخص من نتائج سيئة. ولكن لحسن الحظ، فإن بالمقدور جعل الكذب في أقل معدل له في الأطفال. لقد درس الباحثون في جامعة كولومبيا بنيويورك خمسة آلاف طفل وعلى مدى خمس سنوات، وقد وجد بأن الحافز الرئيسي والأكثر قوة لقول الحقيقة عند الطفل هو البيت، وما يتوفر فيه من ميل نحو الصدق والصراحة بين أفراده جميعاً.
وتقترح الدكتورة اليزابيت هارلوك، الرئيسة السابقة لرابطة علماء النفس بنيويورك الأمور التالية لمعالجة الكذب عند الأطفال:
1. على الوالدين أن يتأكدا لماذا يكذب الطفل لأن أسباب الكذب عنده شاملة وعامة.
2. العمل على تجنب العلاج من قبيل: غسل الفم بالصابون أو الضرب بالعصى.
3. عدم اللجوء إلى اسم الله من قبيل: الله يعلم إنك تكذب، وسوف يعاقبك. لأن ذلك يدفع الطفل خطأ إلى تصور الخالق في صورة الحاكم والقاضي.
4. على الأهل أن يساعدوا الطفل على تفهم خياله، وسوف يتعلم كيفية السيطرة عليه.
5. إذا اقترف أحد الأبوين خطأ ما، عليه أن يعترف به لعائلته، لأن عدداً كبيراً من الأطفال يكذبون لتغطية أفكارهم.
وبالنسبة للكبار وجدان الاستعداد للكذب يختلف بشكل كبير من شخص لآخر. ولقد أظهرت الدراسات النفسية أن السلم التنازلي لالتزام الناس بالصدق يكون على الصورة التالية:
يحتل العلماء المرتبة العليا، ثم يليهم عمال المختبرات، المهندسون المعماريون، والمهندسون الذين يعملون في وضع قياسات مضبوطة لا يفلت من حسابهم فيها مليمتر واحد زيادة أو نقصاناً. ثم يأتي رجال التمثيل السياسي، ويليهم وكلاء الدعاية، والفنانون والنحاتون، ثم المؤلفون الموسيقيون بمعدل منخفض لدرجة عظيمة، وذلك يرجع دون شك لملكة التصور العالية لديهم.
وتلعب العاطفة النفسية للفرد دوراً كبيراً في الاستعداد للكذب. وقد وجد أطباء النفس في جامعة ليدن بهولندا بأن أكثر من 85% من مرضاهم الذين تنازلوا عن كذبهم كانوا مثيري مشاكل وتأكد كونهم عصبي المزاج، شديدي النزق والانفعال. يقول الباحثون: أن تلك الاستجابات الكاذبة عند الابتداء تكون عرضاً لمرض عاطفي غير ظاهر .. من قبيل ..
رجل كان يكره عمله الكتابي ولكن دون الاعتراف بذلك حتى لنفسه! لقد وجد اعتبار نفسه واتزانها في الكذب حول نجاحاته الوظيفية في اشغاله .. والمرأة في متوسط عمرها كانت تكذب بإصرار لطفلها حول مزاعم بتقصير أبيها واعترفت أخيراً بأنها كانت تغار من الرجل. كان أصغر منها باثني عشر عاماً وذا شخصية جذابة.
أما دراسة الكذب عند محترفي الأجرام فإنها تتطلب تصنيفاً جديداً، ذلك أن العضو في العصابة الإجرامية يكون في الغالب متناقضاً في ادعاءاته. كما أن عدداً من هؤلاء المجرمين من المرضى النفسيين يدمنون الكذب تعبيراً عن اختلالاتهم العقلية. ولحسن الحظ فمن النادر معالجة هذا النوع من الكذب المرضي أسوة بالكذب الخاضع للقانون والسائد بين الناس لحاجة المرضى بهذا النمط من الكذب إلى مساعدة ومعالجة الباحث النفسي أولاً.
وبعد .. فإن الكذب ينطوي على فعالية حقيقية من الفرد تؤثر في التمثيل الغذائي وفي معدل النبض وضغط في الدم وارتفاع سرعة التنفس، وحالة من التنقل القلق في حركة العين.
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا