(4)
"حفل الافتتاح"
قمت بتصميم ديكورات الشركة بشكل يتناسب مع ذوقي وذوق (راشد} وكان يساعدني كثيراً في الاختيارات ويضع لمساته بكل عمل أقوم به، كان متعاوناً جداً ..
وأخيراً "يوم الافتتاح" ..
رافقتني صديقتي (أسماء) منذ صباح اليوم، ارتديت فستاناً أسوداً طويل، وأكملت أناقتي برفع شعري الطويل وعقد مجوهرات بسيط، زي مناسب ل (سيدة أعمال صغيرة} وعلى الجانب الآخر كان (راشد) بكامل أناقته أيضاً مرتدياً الزي الكويتي الرسمي -كعادته-، بدء الحفل في الشركة في تمام الساعة السابعة مساءاً، دخلت وسط الحضور بهيبة تضاهي هيبة "عروس" في ليلة زفافها، حيث دخلت من أوسع أبواب القاعة بعد أن رحب بي (راشد) وسط زحام الناس وكان من الحضور عدد من أصدقاؤنا وأقاربُنا، وبعضاً من رؤساء أقسام التصميم الداخلي في عدد من الفنادق والمؤسسات المهمة الشغفين في هذا المجال ..
وأعلن (راشد) خلال الحفل عن الفكرة التي تميز هذه الشركة.
قائلاً بابتسامة:
- مساء الخير، بدايةً أشكر حضوركم وتلبيتكم للدعوة ومساندتي ودعمي في مشروعي الأول، وأودّ أن أذكر لكم أمراً هاماً عن هذه الشركة، إن شركتنا لها ميزة خاصة لم تسبقنا بها شركات التصميم الأخرى، وهي أننا نقدم التصاميم بتكاليف رمزية لحديثي الزواج متوسطي الدخل.
رحب الجميع بالفكرة وسادت القاعة روح الحماس وكانت ردود الفعل طيبة وجميلة وشكرنا الجميع على هذه البادرة الخيّرة ووعدونا بالدغم المستمر.
كان كل شيء يسير على ما يرام وحسب مخططاتنا، وبعد الحفل وقبل خروجي من الشركة عائدة للمنزل، التقيت ب (راشد) عند المدخل، أبدى إعجابه بأناقتي قائلاً:
- لقد كنتِ مميزة اليوم وجذبتي جميع الأنظار نحوك.
- شكراً لك.
- الشكر موصول لكِ، لولا جهدكِ المتواصل ولمساتكِ الرائعة، لم يكن الحفل ليظهر بهذه الصورة المُبَهِرة.
- لا تنسى جهدك في الأمور التجارية والمالية، هذا التعاون بيننا هو سر النجاح.
- يمكنك الانصراف الآن لتأخذي قسطاً من الراحة، فالدوام الرسمي سيبدأ مع بداية الأسبوع القادم.
- لا تقلق، سأكون بكامل نشاطي صباح أول يوم عمل، تصبح على خير.
عدت برفقة صديقتي (أسماء} أوصلتها منزلها القريب من منزلنا، وعند دخولي المنزل، التقيت بشقيقي (خالد) حال دخولي، وعاتبته على تركه الحفل وإنه لم يبقى لحين انتهاؤه، فاعتذر متحججاً بشعور زوجته ببعض التعب، فقلت له:
- يكفيني يا شقيقي مساندتك لي في رأس المال، هذا دعم كافي، ولو أن الدعم المعنوي يحمل معاني أكثر.
- اعتذر مرة أخرى، أعدك بأني لن أترك مناسبة مهمة كهذه مرة أخرى يا (سيدة الأعمال الصغيرة).
- أحببت هذا اللقب كثيراً و(راشد) أطراه عليّ لأكثر من مرة خلال الحفل، أستأذنك الآن فأنا مرهقة وكنت أعمل بشكل متواصل طوال اليوم، تصبح على خير.
أخذت حمام دافئ واندسست تحت اللحاف، وأنا أفكر بأمي التي سافرت مع أبي مؤخراً، ولم تتمكن من حضور الحفل، كم تمنيت وجودها، أعلم أن روحها وقلبها معي وهي تدعو لي دائماً بالخير وتتمنى لي دوام التوفيق والسداد في عملي .. و...
وغلبني النوم ورحت في سبات عميق أثناء هذا التفكير ..
(5)
"مشكلة طريفة"
بدأ الدوام الرسمي في شركة لُقِبتُ بها ب "المدير التنفيذي"، بعد أن كنت مجرد موظفة عادية في عملي السابق، وأصبح لي مكتب فخم وواسع ذو شبابيك كبيرة، تنبعث منها أشعة الشمس فتملأ المكان طاقة وحيوية، ومليء أيضاً بالورود التي أحبها، شعرت بانتماء وحميمية للمكان، عادت إلى همتي وكنت في قمة نشاطي، وكنت ملتزمة في أوقات العمل وقدوة لبقيّة الموظفين، فحين يرى الموظف مديرة نشيط وحريص على عمله ويلتزم بمواعيد العمل الرسمية، فهذا يخلق له نوع من التحفيز والاستمرارية بالانضباط ..
أصبحت كفاءات الموظفين تتطور يوماً بعد يوم ويزدادون احترافية وحباً وشغفاً للعمل، وكان تعاونهم وحبهم للعمل من الأسباب الرئيسية للنجاح، فقد شاع صيت الشركة في (الكويت) بفترة وجيزة، وصممنا العديد من مكاتب أساتذة الجامعات والشقق الفندقية الجاهزة ..
ولا يُخفى عليكم الأزواج "حديثي الزواج"، فهم من العملاء الأساسيين، حيث لا يخلو أسبوع من تصميم لهم.
وذات يوم حدثت مشكلة طريفة مع زوجين لطيفين، فقد حضر زوجين يرغبان بتصميم لشقتهما الصغيرة البسيطة والتي تتألف من غرفتين نوم وغرفة معيشة ومطبخ، كانت رغبة الزوج بتصميم يطغى عليه الطابع العربي الشرقي، أما الزوجة فكانت تفضل الطراز الحديث، وأشتدّ بينما الحوار، فكان الزوج يحاول جاهداً إقناع زوجته وذكر لها أن الطراز العربي الأصيل جميل وبسيط ومميز ونادراً ما يُستخدم في البيوت، وأنه رآه في إحدى فنادق (دولة الإمارات العربية المتحدة) وكان جميلاً جداً، وكان رد الزوجة مكرراً بأنها تفضل الطراز الحديث، وبتُ في حيرة لأمرهما، فوعدتهما أن أحل لهم هذه المشكلة، واتفقت معهما على موعد آخر بعد يومين، لأناقش (راشد) بالأمر ونجد حلاً، فإرضاء العميل من أهم الأسباب نجاح أي شركة..
رحلا وودعتهما بودٍ.
اتجهت بعدها لمكتب (راشد) الذي كان يحمل لافتة مكتوب عليها "رئيس مجلس الإدارة"، رحب بي قائلاً:
- أهلاً وسهلاً حضرة "المدير التنفيذي" ..
أجبته مبتسمةً:
- أهلاً بك، حقيقة أنا في حيرة من أمري وأحتاج معرفة رأيك.
- هل هناك أمر سيء يحدث؟
- لا، بل هي مشكلة طريقة !!
قال ضاحكاً:
- ما الأمر إذاً؟
- كما تعلم أن أكثر عملاؤنا من الأزواج حديثي الزواج، ومنذ دقائق، كان لنا موعد مع زوجين لطيفين، لم يتفقا على التصميم لشقتهما الصغيرة، فالزوج يفضل الطراز العربي الشرقي لأنه يعجبه كثيراً ويعبر عن هويته العربية -على حد قوله-، والزوجة ترغب في الطراز الحديث البسيط لأنه مواكب للعصر، فلم أجد حلاً لهما، ووعدتهما أن أجد حلاً الموضوع في غضون يومين وأعطيتهم موعد آخر، ما الحل إذاً؟
- حقاً الأمر طريف، ولأول مرة يعترضنا أمر كهذا، ويجب إرضاء الطرفين، فهذا من صالح سمعتنا بالطبع.
- بكل تأكيد ...
- أظن يا (لولوة) أنه لا حل سوى دمج التصميمين معاً!
- كيف ستفعل هذا؟ يبدو أنك شَغِف في هذا المجال كثيراً، فرغم أنه تخصصي، إلا أنّ فكرة كهذه لم تطرأ في ذهني!
- اجتهادكِ في عملك وحبك له، يولِّدُ لدي الإبداع، سندمج التصميمين معاً، بحيث تكون الديكورات العلوية والجدران تحمل طابع الطراز العربي، وقطع الأثاث تكون من الطراز الحديث، وبهذا نرضي الطرفين!
- فكرة عبقرية!! سأنقلها لهما في الموعد القادم، شكراً لإنقاذك هذا الموقف "الظريف الصعب" إن صح التعبير استأذنك، سألتقي بك لاحقاً، فلدي موعد مهم بعد ساعة يجب أم أتجهز له.
- لا بأس يمكنكِ الانصراف، تفضلي.
وقبل خروجي من المكتب، قال:
- لحظة من فضلك، أرغب في التحدث معكِ في موضوع شخصي مصيري مهم، حالما تنتهي من مهام هذا الأسبوع، لا تنسي أرجوك!
- لا تقلق، بعد إنهاء الأمور التي أتربط بها حالياً، سآتي لأعرف منك كل شيء.
وانصرفت ..
وبعد يومين، كان الموعد مع الزوجين الطريفين، وعرضت عليهما فكرة (راشد) ورحبا بالفكرة وأعجبتهما كثيراً، وتقدما لي بالشكر على حل هذا الخِلاف، وتم الاتفاق على أن يتم التنفيذ في غضون أسابيع قليلة ..
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا