حدث ولم يحدث 10 للكاتبة حصة العبدالرزاق

  • الكاتب : q8_failaka
  • / 2025-05-08

(10) 

"أيُعقلُ هذا؟"

توجهت بأقصى سرعتي ودرجات غضبي على (أسماء) إلى منزلها، دون إذن مسبق أو اتصال، عندما وصلت وجدت سيارتها لحسن الحظ، ودخلت الباب الرئيسي ووجدتها في الفناء، أنهلت عليها غاضبة وأنا أصرخ وأقول: 

- كيف لكِ أن تفسدي عملي؟ ولماذا؟ وبأمرِ مِن مَن؟ ومن الذي كان يخطط لكِ وكان برفقتكِ!!

بدت الدهشة على وجهها وهممت بالرد عليّ، وقلت قبل أن ترد: 

- أتظنين أن كل شيء سيمضي دون أن أعرف؟ أخبريني الآن؟ لماذا؟

من شدة حساسية (أسماء) وكونها لا تقوى على نبرة الصراخ الذي لم تعتده مني، انهالت باكية معترفة بأشد ما قد يصدمني في حياتي، فقد قالت بنبرة البكاء وبدون أي مقدمات: 

- زوجك (فهد} أخبرني بأنه طلب منك التخلي عن المشروع والوظيفة وأنت رفضتِ واستمريت بالعمل وعملت بجهد كبير لهذا الزفاف، فطلب مني أن أقوم بتخريب سمعتك ليأتي بعدها ويقنعك بإنهاء المشروع واتهامك بالفشل، صدقيني في البداية رفضت واستغربت طلبه وأخبرته بأننا بمثابة شقيقات ولا أستطيع أن أقوم بكل هذا، ولكنه بعدما علِم إنه لا جدوى من الحديث معي، هددني بأن ينهي حياتي أن اعترفت لكِ بشيء، فوعدته بأنك لن تعلمي شيئاً عن الأمر، وبعد أيام قليلة، صادفت (سليمان) في مكان عملي - الذي عرفت مؤخراً إنه صديق (فهد0-، التقى بي في مكان عملي لأكثر من مرة، واعترف إنه قد وقع بغرامي منذ رؤيته لي في حفل زفافك، وإنه لا يعلم كيف يصل إلي طِوال هذه الفترة، وعندما صارح زوجك بالموضوع أخبره لمكان عملي وأتي ليتعرف عليّ، وسألني إن كنت موافقة على الزواج منه أم لا، فأخبرته بأنني موافقة، فأنتِ تعلمين إنني أكبرك ببضعة أعوام وأوشكت على أن يفوتني سن الزواج، ثم إنه ظل لفترة طويلة معجب بي ويحبني ويبحث عني منذ سنة كاملة6، فوافقت على الفور. 

- ظِليت مصدومة باكية بصمت، أنتظرها تكمل مفاجأتها الصاعقة، وأكمَلَت بنفس نبرة البكاء: 

- نعم هو ذاته الشخص الذي قلت لكِ إنه قد تقدم لخطبتي، وقبل أن أفصح لكِ عن أمره، طلب مني طلب كدليل على تقبلي وحبي له وإنه سيقوم بالزواج بي بعد أن أنفذه، كانت بمثابة الصفقة، ووافقت وأنا لم أعلم في بداية الأمر أنه سيطلب مني نفس الطلب الذي طلبه (فهد} وبعد موافقتي، أخبرني بالأمر، أعترف لكِ إنني احترت في الأمر كثيراً، ولكنه ضغط علي عندما أحس بترددي وأغراني بالزواج -وأن هذا المر بمثابة إثبات لتقبلي له وأنني سأطيعه دائماً- وبالسعادة التي ستغمرني معه، وافقت تحت الضغط، سامحيني أرجوك!!

قلت وأنا أصرخ: -أيتها الغبية، أيتها الحمقاء، (سليمان) متزوج، له زوجة وأبناء، وأم متعبة يقوم برعايتها، كيف سيتزوج بك، ثم إنك كيف تتخلين عن صديقة بمثابة شقيقة من أجل رجل لا تعرفي عنه شيئاً؟ سوى أنه يقول: "إنه معجب بك منذ أن رآك لمرة واحدة منذ سنة كاملة؟" ..تتخلين عن شقيقتك من أجل زواج "زائف ووهمي"؟ .. حسناً، لا تناقشيني بأي شيء -إن كنت تريدين أن أسامحك-، وسأنتظرك هنا، هيّا !!

خَرَجَت مُسرعة مستمرة بالبكاء، اتصلت بشقيقي (خالد) وطلبت منه أن يأتي إلى منزل (أسماء} وكان أمامي بعد دقائق قليلة، فمنزلُها قريب من منزلنا، رأى ملامح الحزن على وجهي، وقلت له كل شيء قبل أن يسألني وأنها ذهبت لتأتي ب (سليمان) إلى هنا، فهدّأ من روعي وقام بالاتصال ب (فهد) ليأتي هو أيضاً، وأخبره أنه يحتاج لنصف الساعة للوصول. 

مضت نصف الساعة وقارب (فهد) على الوصول ولم تعُد (أسماء) بعد، فاتصلت بها ولم ترد، اتصلت بغضبٍ لعدة مرات إلى أن أجابني رجل صوته غريب لا أعرفه6، سألته باستغراب: 

- أليس هذا هاتف (أسماء)؟ من أنت؟

- نعم هو بالفعل، أنا رجل النجدة، للأسف توفيت هي والرجل الذي برفقتها في حادث مروري للتو ..!!

أثناء إغلاقي للهاتف، دخل شقيقي (خالد) ب (فهد) إلى فناء المنزل، فابتسمت حين رأيته وقلت ل (خالد}َ 

لقد نال القدر منهما، توفيّت (أسماء) وتوفيّ معها (سليمان) في حادث مروري، وأنت يا (فهد) أتظن إنك ستنجح حين تفسد حياتي، ستتفوقّ علي وتُرضي نفسك!! لدي إثبات مُسجل بصوت (أسماء) وهي تعترف إنك من قام بالتخطيط لكل شيء وإنك كنت تستغلها ك "جسر" تتسلقه لتفسد حياتي، وكنت تظن أنك بهذا ستصرف الأنظار عنك ولن يتم اتهامك بشيء، فقد قمت بتسجيل كل شيء في هاتفي أثناء اعترافها دون أن تشعر بشيء، وستنال جزاؤك من العدالة بفضل القانون. 

* * *

لم ينتصر الرجل في مجتمعه الذكوري كما يعتقد أغلب الرجال، فقد نال (فهد) جزاؤه، ونالت سخرية القدر من (أسماء) و(سليمان} وبعد شهرين، أنجبت طفلةً جميلة، وعشت معها في منزل والدي، واستمريت بعد خروج (فهد) من حياتي بعملي ومشروعي ونجاحاتي المستمرة، "فالاستسلام موقف من لا موقف له"، وأدركت أن "صفقة العمر" لن تكون أبداً في أن يملكُ المرء كل شيء، بل أن يختار أمور حياته بتروي وعناية، كنت كنحلة غرقت في بقعة عسل رغبة منها بأن تأكله كلّه، أو بالأحرى كنت (طامعة) في تكوين حياة مثالية بشتى مجالات النجاح المهنية والأسرية وأن أحصل على كل ما ترغب به فتاة طموحة بنفس عمري، لا بأس، فأنا لستُ حزينة، درساً تعلمته، النجاح يكمن في الاختيار بتروي للأمور المناسبة لنا، ووجود كل شيء في حياة لا ينقصها أي ناقص لا يعني أبداً صفقة العمر، المهم هو أن نعلم أن الفشل بداية النجاح، والضربة التي تؤلم قلب الأنثى، تقويّ عقلها ..

 -النهاية-

لولوة ..

 

"أعظم ردٍ على من خذلك، هو أن تصبح أقوى بعد خذلانه لك"

 

التعليقات

للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا