تنمية شخصية الطفل

  • الكاتب : q8_failaka
  • / 2025-04-12

18. تنمية شخصية الطفل 

زرت في الصيف الماضي مدينة برلين، وأقمت عند عائلة صديق لي لبضعة أيام.

في إحدى نزهاتنا أنا وصديقي وزوجته حول البحيرة القريبة من المنزل مساءً، لاحظت أن ابنته قد نهضت من النوم بتنويرها للكهرباء فذهبت إلى المطبخ وشربت، وهي في الثامنة من العمر، وألقت نظرة على غرفة أبويها فلم تجدهم .. فعادت إلى فراشها بعد أن اطفأت النور.

وكان بيت صديقي أرضي بحيث يتبين ما يجري فيه من خلال الطريق.

كل هذا جعلني أكتب لكم وأنا الذي أعاني من ولدي اللذين في نفس عمر الطفلة الألمانية من بكائهما إذا ما نهضا من النوم ولم يجدا أحداً منا.

فيما تحلل هذه الحالة؟

دياب. خ

ما رأيته في ألمانيا هو نتيجة التنمية الصحيحة التي يتبعها الألمان في بلادهم.

وقد قسم علماء النفس مراحل نمو شخصية الطفل من الوجهة الوجدانية والخلقية في الطفولة والمراهقة إلى أربع مراحل:

1. مرحلة الذاتية البحتة من الولادة إلى نهاية السنة الثانية. وتمتاز بالنشاط الوظيفي البحت والاندفاعية وعدم القدرة على تصميم الفعل الإرادي وأخيراً بضعف التمييز بين الحدود التي تفصل الطفل عن الوسط الذي يحيط به. فكل مظاهر النشاط صادرة عن المركز دون أن تنعكس عليه، أي أن مجال الروية والتبصر والتمييز في اختيار نوع الاستجابة ضيق جداً.

2. مرحلة المعارضة السابقة لفهم نظم التهذيب من السنة الثالثة حتى السادسة وهي تعرف أيضاً بمرحلة أزمة الشخصية الأولى أو تكوين الشعور الذاتي. وتبدأ بعد اكتمال أجهزة الإدراك والتعبير الانفعالي واللغوي.

ولعل أهم العوامل التي تؤدي إلى ظهور الأزمة النفسية اصطدام إرادة الطفل الناشئة بإرادة البالغين الذين يحاولون تدريب الطفل على النظام وحمله على التبصر. فبصدد هذه المواقف الجديدة يكون الطفل أول الأمر عاجزاً عن تحقيق التكيف والتوافق، فيمر بحالات خوف ودهشة تعقبها محاولة الطفل الخضوع للنظام المفروض عليه. وبهذه الكيفية تقوى إرادة الطفل رويداً رويداً وتزيد قدرته على الكف وضبط النفس.

3. تبدأ مرحلة غزو العالم الخارجي من السنة السادسة حتى الثانية عشرة، وتمتاز المرحلة بظهور اهتمام الطفل بالأشياء الخارجية من حيث موضوعات متميزة منه، مستقل عنه. وتكون الأغراض والغايات التي يرمي الطفل إلى تحقيقها مطابقة إلى حد كبير لما ينتظر منه الأهل والمربون، حيث لا يلبث أن يتشرب بروح التعاون وأن يفهم معنى الواجب وضرورة النظم الاجتماعية والخلقية. ويتحقق التوازن بين النزعات الذاتية والنزعات الموضوعية أو بين ما يسميه فرويد بمبدأ اللذة ومبدأ الواقع. ويبدو كأن جميع قوى الطفل الوجدانية تضع نفسها في خدمة نواحي الشخصية الأخرى كنمو الاستعدادات العقلية أو الفكرية وفهم الأوامر والنصائح والتوجيهات التي ترمي إلى تقويمه الاجتماعي والخلقي. ويتعلم الطفل كيف يهتم بما يدور حوله وملاحظته بعناية، وكيف يقمع نزواته ورغبته في اللعب لكي يشترك فيما يفعله الأخرون. وفي نهاية الأمر تقوى فيه القدرة على المثابرة ومواصلة الجهد حتى الوصول إلى النتيجة المرجوة قبل الشروع في عمل ثان.

4. المرحلة الأخيرة مرحلة معارضة النظام وثورة النفس على القيود الاجتماعية في سن المراهقة. في هذه المرحلة الأخيرة التي تنتهي حوالي السابعة عشرة تتغلب النزعة الذاتية من جديد ويميل المراهق إلى الانطواء على نفسه والتمتع بما يتدفق في ذهنه من الأخيلة والأحلام فيقطع قدر المستطاع بشؤون العالم الخارجي وبما قد يوحي به إليه من اهتمامات موضوعية. وتكتسح نفس المراهق عاصفة من الثورة ضد القيود والضوابط، وتمتاز هذه المرحلة بالأمور الخمسة الآتية:

أ. الصراع الجنسي وما يثيره من مشكلات.

ب. إثبات الذات وروح الثورة.

ت. صراع بين جيلين، معضلات دينية وفلسفية.

ث. الصراع العنيف بين المراهق والنظم الاجتماعية.

وتتفاوت عنف هذه الضروب المختلفة من الصراع تبعاً للبيئة الاجتماعية ومدى القيود والضوابط المفروضة على المراهق. فقد لوحظ مثلاً في بعض الشعوب البدائية، حيث تكون العلاقات الاجتماعية بسيطة، عدم ظهور هذه الضروب من الصراع العنيف الذي يشاهد في الأوساط المتحضرة، خاصة خلال حالات خاصة من التطور الاجتماعي النامي.

على ضوء ما ذكرنا بإمكانك إذا ما أخذت بذلك أن تعين طفلك على تنمية شخصيته وتفتح له مجالاً أن يكون متطوراً كما رأيت ذلك في ألمانيا. فالمشكلة لا تكمن في أبنك بل في مدى تنمية شخصيته من قبلك.

 

التعليقات

للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا