نوبل والديناميت

  • الكاتب : q8_failaka
  • / 2025-04-12

نوبل والديناميت.. 

و"الصدفة العبقرية"!!

صورة

من أغرب ما حدث لعالم كبير بحجم ألفريد نوبل هو أن ما فشل في اختراعه بتجاربه العلمية، نجح في بلوغه ولكن بالصدفة وإليكم القصة!!

ولد ألفريد نوبل في ستوكهولم يوم 21 أكتوبر عام 1832، في أسرة غنية تعمل بالصناعة. وكانت طفولته رغم ذلك تعيسة بسبب صحته المعتلة وتنفسه غير المنتظم.

وفي سنة 1850، قام نوبل الأب بإرسال ابنه إلى أمريكا وبعض الدول الأوربية للاطلاع على مختبرات الصناعات الحربية العلمية.

وفي السنة التالية، ذهب ألفريد من جديد على "بطرسبرج" فتعرف على أستاذ روسي يعمل في مختبر للمواد المتفجرة. وقد لفتت نظر ألفريد مادة معينة كان الأستاذ الروسي يصنع كمية قليلة جداً منها فوق سندان، ويدقها بمطرقة فتنفجر محدثة صوتاً قوياً.

ولما سأل أستاذه عن هذه المادة أجابه بأنها مادة متفجرة جديدة اخترعها عالم كيميائي إيطالي اسمه "اسكاينوسوبريرو" وأطلق عليها اسم "النتروغليسيرين".

وقد أوحى له ذلك باستثمار هذا المستحضر تجارياً فاشترى حقوق استثمار هذه المادة من مخترعها "اسكاينوسوبريرو"، وأخذ يعمل لاختراع الصاعق الذي يتركب من مادتي البارود والنترغليسيرين معاً.

وقد أنشأ نوبل لهذه الغاية مصنعاً في السويد سنة 1861 وبدأ يمارس فيه تجاربه حتى توصل سنة 1865 لاخترافع الصاعق المشار إيه آنفاً، وبدأ يعمل بجد لتسويقه.

وفي سنة 1866 سافر ألفريد نوبل إلى نيويورك حيث سجل تجارياً اختراعه ووقع عدداً من العقود مع مجموعة من الشركات الأمريكية لاستثمار مخترعه وتصنيعه وبدأت أرباح تصنيع هذا المخترع تصله في السنة التالية، ثم تضاعفت أرباحه وخاصة بعد نقل نشاطه إلى أوربا.

ولكن ذلك لم يدم طويلاً إذ أن المستحضر الجديد كان شديد الخطورة، وقد سبب عدداً كبيراً من حوادث القتل بالجملة أثناء تحضيره، أو نقله لأن هذا المستحضر لم يكن آمناً، وكان أبشع هذه الحوادث حادث "سان فرانسيسكو" سنة 1866، حيث انفجر مستودع النتروغليسيرين وتسبب في مقتل خمسة وعشرين شخصاً وجرح عدد كبير أيضاً.

وبعد ذلك بستة أشهر انفجرت سفينة تحمل كرات مليئة بالنتروغيسيرين في مرفأ "بناما" فقتلت خمسين شخصاً وجرحت العشرات، ثم تعرض مصنع الصواعق الذي يملكه نوبل في "كوميل" قرب "هام بورك"، وكان يعد من أهم مصانع في ذلك الوقت للانفجار، وتبعه مصانع أخرى في السويد والنمسا مما أجبر عدة حكومات بمنع استعمال "النتروغليسيرين" أو تصنيعه، أو حتى نقله في أراضيها، وهذه أسباب جعلت تجارة نوبل تتدهور وتبدأ بالخسارة.

الغريب أن ما عجز نوبل أن يصل إليه بتجاربه العلمية توصل إليه صدفة: إذ أنه بينما كان خارجاً من مصنعه في كوميل ذات يوم لاحظ أن كمية صغيرة من النتروغليسيرين قد انسكبت على أرضية الطريق وأخذت شكل كتلة صلبة ذات مسام بدلاً من أن يكون لها شكل عجينة.

فحمل نوبل جزءاً من هذه الكتلة إلى مختبره وأخذ بتحليلها بدقة حتى توصل إلى معرفة طبيعتها، وهذا ما مكنه من صنع مادة جديدة لا تقل قوة عن النتروغليسيرين إلا بمقدار ضئيل رغم أنها أكثر منه أماناً واستقراراً لأنه يمكن نقلها من مكان إلى آخر بدون أي خطر.

صورة

أول ديناميت اخترعه نوبل عام 1867

وقد سجل اختراعه الجديد هذا تحت اسم "الديناميت" aqtbasa; àn klmâ (Dynamis) اليونانية ومعناه "القوة" وبدأ نوبل بتصنيع مادة "الديناميت" في سنة 1867 حيث أنتجت مصانعه 11 طناً منها في تلك السنة، ثم ارتفع إنتاج هذه المادة ووصل إلى (ثلاثة آلاف طن سنة 1874).

وقد أمضى نوبل الأعوام العشرين التي مرت بين عام - 1870 - إلى عام - 1890 - بالتجوال بين عواصم أوربا وأمريكا لافتتاح مصانع له في كل عواصم الأوروبية لإنتاج المواد المتفجرة حتى أصبح يحمل لقب "ملك المتفجرات" عن جدارة.

ورغم إنه لم يدخل في حسبانه، استخدام اختراعه هذا في الحروب فإن مادة الديناميت استخدمت بشكل خاص في الحروب وعلى نطاق واسع، بحيث تسببت في سقوط مئات الآلاف من القتلى وخاصة في الحروب الروسية والتركية سنة 1877 والحروب الفرنسية الألمانية سنة 1870.

وكان آخر ما صنعه نوبل في حقل المتفجرات أنه تمكن سنة 1887 من اختراع مادة متفجرة، مرنة وعجيبة الشكل ذات قوة انفجار أقوى من الديناميت بكثير، وتزيد عنه أماناً في النقل والاستعمال، وقد حصل على هذه المادة من مزج مواد (النتروغليسيرين) و(قطن البارود) و(الكوللوديون) وسما هذه المادة aljdidâ (T N تّ"ة  وفي عامي 1894 و1895 بدأت صحة الفريد نوبل بالتدهور وبدا مرضه في صدره يشتد، ومن عجائب القدر أنه عولج من مرضه بجرعات خفيفة من مستحضر النتروغليسيرين نفسه، حتى أصبح يقال عن الفريد نوبل: إن النتروغليسيرين يجري في شرايينه.

ولكن هذا المستحضر لم يفده كثيراً إذ أن القدر المحتوم وافاه في الدارة الفخمة التي كان يقطنها في سان ريمو "الريفييرا الإيطالية" يوم 10 ديسمبر عام 1896 وهو اليوم الذي توزع فيه جوائز نوبل كل عام.

ففي العاشر من شهر ديسمبر في كل عام تقام احتفالات ضخمة في السويد، توزع خلالها جوائز نوبل الخمس في الفيزياء والكيمياء والفيزيولوجيا والآداب بالإضافة إلى (جائزة نوبل للسلام) التي هي أهم هذه الجوائز الخمس وتمنح هذه الأخيرة إلى الأشخاص البارزين الذين ساهموا في كتبهم وأقوالهم وأعمالهم في تخفيف حدة التوتر في عالمنا الواسع، كما تمنح هذه الجائزة لطالبي السلام في جميع أنحاء العالم يتم منح هذه الجوائز الخمس من قبل مؤسسة مالية سويدية ذات شخصية اعتبارية وتدعى "مؤسسة نوبل".

وتقوم هذه المؤسسة باستثمار ممتلكاتها وأموالها، ثم توزع الأرباح سنوياً على المرشحين لنيل هذه الجوائز الخمس ويتم ترشيح الأشخاص الذين ستمنح لهم الجوائز من قبل مؤسسات ومعاهد مختلفة تنفيذاً لرغبة (الفريد نوبل) الذي أنشأ هذه الجوائز.

ويمنح الفائز بالإضافة إلى الجائزة المالية ميدالية ذهبية، ودبلوماً يشهد باستحقاقه هذه الجائزة وجدارته بها

 

التعليقات

للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا