القصر الذي لا تغيب عنه الشمس
في نهاية القرن التاسع عشر جاء على متن سفينة قادمة من الهند المليونير البلجيكي "إدوارد إمبان" الذي كان يحمل لقب البارون حيث منحه له ملك فرنسا تقديراً لجهوده في إنشاء مترو باريس، حيث كان يعمل مهندساً مميزاً في عمله، وكان البارون محباً للسفر والترحال فسقط في غرام الشرق وعشق الهند وعاش فيها سنوات طويلة، كما قرأ كثيراً عن الأساطير القديمة ومن هنا جاء قراره بالبحث عن مكان تاريخي أقدم ليزوره، فلم يجد سوى مهد الحضارات القديمة مصر، وصل البارون إلى القاهرة وعشقها لدرجة الجنون، واتخذ قراراً بالبقاء في مصر حتى وفاته، وكتب في وصيته أن يدفن في تراب مصر حتى إنه مات خارجها.
بحث البارون عن مقر يقيم به داخل القاهرة، وقع اختيار البارون على مكان في الصحراء يتمتع بصفاء الجو والهواء، ومن ثم عكف على دراسة الطراز المعماري الذي سيقيم به منزله في هذا المكان، فقرر أن يقيم قصراً لا مثيل له في الدنيا بأسرها، قام البارون إمبان بشراء تصميم غاية في الروعة من الفنان الرسمي ألكسندر مارسيل، كان يجمع بين العمارة الأوروبية والهندية، ثم سلم التصميم لمجموعة من المهندسين الإيطاليين ليبدأوا في إقامة القصر على ربوة عالية حددها لهم في صحراء القاهرة.
بعد خمس سنوات خرجت التحفة الفنية إلى النور، قصر فخم جداً شرفاته مزينة بتماثيل مرورية على شكل أقيال وبه برج يدور على قاعدة متحركة دورة كاملة كل ساعة ليتيح للجالس به مشاهدة ما حوله في جميع الاتجاهات اللافت في الأمر أن القصر تم إنشاؤه بحيث لا تغيب عنه الشمس أبداً، ومعظم الأقاويل أكدت أن قصر البارون بيت رعب حقيقي، حيث يتم سماع أصوات تحريك أثاث القصر بين حجراته عند منتصف الليل، وتضئ فيه أضواء فجأة في الساحة الخلفية وتنطفئ كذلك فجأة، وصرح بواب إحدى العمارات المواجهة للقصر أن الأشباح لا تظهر في هذا القصر إلا ليلاً، وهي لا تتيح الفرصة لأي شخص أن يظل داخل هذا القصر مهما كان الثمن.
ومما يؤكد وجود أشباح في ذلك القصر، أن في عام 1982 شاهد العديد من المارة دخاناً ينبعث من الغرفة الرئيسية بالقصر ثم دخل في شباك البرج الرئيسي للقصر، ليظهر وهج نيران واضح ما لبث أن انطفئ وحده بعد ذلك دون تدخل أحد، وربما كان السبب وراء كل هذا الغموض والرعب المحيط بالقصر هو الغرفة المسحورة التي منع البارون إمبان جميع الأشخاص من دخولها حتى ابنته وأخته البارونة هيلانة، وهي الغرفة الوردية في بدروم القصر، وهذه الغرفة تفتح أبوابها على مدخل السرداب الطويل الممتد لكنيسة البازيليك التي دفن فيها البارون بعد موته.
وما زاد القصر غموضاً ورعباً هو مقتل أخت البارون بعد سقوطها من شرفة غرفتها الداخلية حينما كان البارون يدور ببرج القصر ناحية الجنوب، وهنا توقفت القاعدة عن الدوران بعدما هب البارون لاستطلاع صوت صرخات أخته، وهذه كانت الشرارة الأولى لانطلاق قصص الجن والأشباح التي تخرج من غرفة أخت البارون إلى غرفته الشخصية.
حيث أشارت القصص أن روح البارونة هيلانة غضبت بسبب تأخر البارون في انقاذها، وعطلت دوران تروس البرج الدائر التي لم تدر منذ ذلك الحين حتى وفاة البارون نفسه عام 1928، وتحكي الأقاويل أن هناك أصوات تصدر من القصر ليلاً، لصراخ البارون وأخته، ويحكي الناس أن البارون قد حاول تحضير روح أخته للاعتذار منها عن عدم قدرته على إنقاذها بعد سقوطها من غرفتها، إلا أن روحها لم تقبل الاعتذار وهو الذي أدخله في حالة الاكتئاب التي أدت في النهاية إلى وفاته.
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا