الفتاة الممسوسة:
بدأت أحداث قصتنا هذه في العام 2008م في منطقة الجابرية إحدى الضواحي الكبيرة لمحافظة حولي حيث كانت أسرة كويتية تسكن في منزل هناك وهي تتكون من أب وأم وولد وبنتين وكان عمر الولد تسعة عشر عاما، والبنت الأولى في الثالثة عشرة من العمر وهي بطلة قصتنا وتدعى حوراء أما البنت الصغرى فتبلغ الثامنة واسمها زهراء.
كانت الأختان متعلقتين ببعضهما لدرجة كبيرة حيث كانتا تقضيان أغلب الوقت بجوار بعضهما؛ تلعبان وتلهوان سعيدتين.
كانت حوراء لطيفة خفيفة الظل متعاونة في البيت خدومة لأسرتها وكانت متفوقة في الدراسة وهي من الأوائل دائما وعلاقتها قوية بأبيها فهما متقاربان لدرجة كبيرة في أحد الأيام كانت حوراء تدرس في غرفتها متعبة من شدة التركيز والمراجعة الطويلة حيث كانت فترة اختبارات آنذاك وقد تعودت حوراء على أن تذاكر من الثانية بعد الظهر حتى الثامنة مساء وهذا نمط حياتها الدراسي طول فترة الدراسة .. تأخذ وقتا للراحة أثناء المذاكرة كي تجدد نشاطها وتقوي ذاكرتها وتختلف أوقات الراحة عندها فهي لا تزيد على الساعة تقسمها بين ساعات المذاكرة في اليوم كيفما شاءت كان ذلك اليوم دافئا وحوراء تنظر في الساعة الخامسة عصرا تركت حوراء الكتب والكشاكيل وخرجت قاصدة الباحة الخارجية للمنزل الحوش في اللهجة المحلية تريد أن تلعب قبل غروب الشمس.
انطلقت تلعب وتلهو قبل أذان المغرب حيث كانت دائما ما تصلي مع أمها وأخويها وأثناء لعبها سمعت صوت قطط تتعارك خارج البيت وكان صوتها قبيحا جدا اشمأزت حوراء من ذلك الصوت ولكن لم تكترث له وراحت تكمل لعبها بعد مرور دقائق لاحظت حوراء أن قطا أسود ينظر إليها وقد كان هذا القط الأسود كبير الحجم كبير الرأس قياسا مع باقي القطط المعروفة كان قبيح المنظر .. خافت منه حوراء وقالت في نفسها إن من الممكن أن يكون هذا القط هو سبب ذلك الصوت البشع الذي صدر قبل قليل لكنها أكملت لعبها دون أن تبالي ومع ذلك كانت تنظر بين الحين والآخر إلى ذلك القط وكانت تلاحظ ثباته في نفس المكان فهو لم يتحرك على الإطلاق وظلت تلعب وتلهو إلى أن سمعت صوت الأذان فقررت الذهاب إلى الصلاة نظرت وهي ذاهبة فلم تر القط أبدا وكأن صوت الأذان جعله يخرج من المنزل ويترك مكانه ودخلت حوراء إلى المنزل بشكل طبيعي قاصدة أن تتوضأ وتصلي وحينما بدأت بالوضوء شعرت بأن يدها ثقيلة الحركة لا تريد أن تطاوعها استغربت من ذلك واستمرت في ووئها لكن بصعوبة وفي نهاية لاأمر تسمر ظهرها فلم تعد تستطيع أن تصلب طولها وكأن هناك شيئا ثقيلا على ظهرها وبعد محاولة مؤلمة رجعت إلى وضعها الطبيعي. خرجت حوراء إلى أمها كي تصلي معها وقصت عليها ما جرى لها عند الوضوء وحكت لها أيضا عن ذلك القط الذي رأته في الخارج فاستغربت الأم مما سمعت وقالت لابنتها إن الأمور بخير ولا داعي للقلق ثم قامتا إلى الصلاة.
وعندما شرعت كل من الأم وحوراء وزهراء بالصلاة شعرت حوراء بأنها لا تستطيع أن تؤدي صلاتها فتماسكت حتى أدتها بصعوبة بالغة لكنها سقطت عند انتهائها على الأرض ممددة!
هرعت الأم صوب ابنتها وبدأت بإيقاظها لكن من دون جدوى فأخذته إلى غرفتها ووضعتها على السرير وحاولت مع ابنتها الأخرى زهراء جعل الفتاة تصحو مما هي فيه لكنها بدت متصلبة كالجماد بعد ذلك فتحت حوراء عينيها بشكل جاحظ تنظر إليهما وكانت الأم تقرأ آية الكرسي عليها ثم أغمضت حوراء عينها وبدأت تشكو الألم في كامل جسمها بعد أن انتهت الأم من قراءة أية الكرسي أفاقت حوراء وجلست مرعوبة تنظر حولها. حضنت الأم ابنتها وبدأت تبكي وتقول ما الذي حل بك يا حبيبتي المسكينة؟!
سارعت زهراء إلى الاتصال بأبيها لتقول له ما حدث، وعلى الفور عاد الأب إلى حوراء خائفا مشغول البال يقول لها ما الذي حدث لك؟ قصت حوراء أحداث القصة التفصيل فقال لها الأب لا تخافي يا صغيرتي لا يوجد شىء تخافين منه.
بعد الحادثة بدت الأمور طبيعية للجميع حيث كانت حوراء تصلي دون أذى وتذهب إلى المدرسة وتنام في هدوء إلى أن أتى اليوم الثالث بعد الأحداث فاتحا بوابة الجحيم على حوراء وعلى الأسرة بأكملها.
في هذا اليوم بدأت الأحداث بالتداعي حيث كانت حوراء جالسة ي غرفة المعيشة مستلقية تشاهد التلفاز دخل عليها والدها وجلس بجوارها وبدأ يتابع مع ابنته التلفاز وبعد مرور حوالي نصف ساعة التفت الأب إلى ابنته فوجدها نائمة أيقظها لتكمل نومها في غرفتها وحينما كانت ذاهبة إلى غرفتها سقطت على الأرض فهرع الأب مسعرا إليها وضع ابنته على يده يريد أن يوقظها وحاول مرارا لكن وفجأة صدر من حوراء صوت شيخ كبير يقول: اذهب من هنا وبعدها قال ابتعد عنها عندها تأكد الأب من أن ابنته ممسوسة من الجن فارتعش وخاف خوفا شديدا لكنه تمالك نفسه وتشجع وقال له من أنت وماذا تكون؟ فجاء الرد أنا حجي أنا حجي فقال الأب ولماذا أنت في ابنتي؟ فقال أنا جني كبير مسلم ويطلقون على اسم حجي فقال الأب اخرج منها حرام عليك... إنها صغيرة ولا تحتمل منك الأذى رد الجني أنا وجدتها تلعب في وقت المغرب خارجها وكنت واقفا قرب الحائط في زاوية البيت وبسرعة أتت بدراجتها وصدمتني فقررت أن أدخل جسدها وأسكن فيه قال الأب عليك بالخروج أتوسل إليك قال لا أخرج منها أبدا وكان الأب يرجو الجني لكن دون فائدة وفجأة فتحت حوراء عينيها وأخذت نفسا عميقا واحتضنت والدها فظن الأب أن الجني انصرف وغادر لكن بعد مرور دقيقة انسحبت حوراء من يد أبيها ساقطة على الأرض من جديد وكانت ترتجف وترتعش وتتصبب عرقا ثم خرج منها صوت الجني يقولك أنا حجي أريد أن أترك البنت وحالها سمع الأب الكلام وقال اخرج الآن ما الذي يمنعك رد عليه الجني لابد أن تأتي بأحد شيوخ الدين عند وقت ما قبل المغرب لكي أخرج وهذا شرطي الوحيد قال الأب حسنا في الغد موعدنا قبل أذان المغرب.
اتصل الأب على الفور بأحد شيوخ الدين الذين يعرفهم ويثق بهم وحكى له الموضوع بأكمله شارحا تفاصيل القصة المخيفة والورطة التي حلت بهم وبعد سماع الشيخ كلام الأب البائس قرر المجئ إلى المنزل قبل الموعد المحدد بساعات كي يقرأ على المنزل ويباركه داعيا الله أن يساعدهم وفعلا جاء الشيخ في الموعد المحدد، وبدأ بقراءة القرآن الكريم وبعد ذلك ذهب الشيخ إلى غرفة حوراء وقال لها بوجود والدها لا تخافي أبدا مما سوف يحدث وعليك أن تتماسكي وتؤمني بأن الله سوف يخلصك مما أنت فيه.
أتت ساعة الموعد ورأى الأب وشيخ الدين حوراء وهي تتعذب وتتأوه وفجأة خرج صوت حجي يقول أنا خرجت حسب الموعد المحدد بيننا قال شيخ الدين من أنت؟ فرد عليه أنا أدعي حجي فقال الشيخ وكم عمرك فقال: ألفا عام أنا كبير جدا وقد مررت على الكثير من المدن والقرى وشاهدت الكثير الكثير من البشر والممالك، وشهدت ميلاد الأنبياء والرسل فآمنت برسول الله محمد بن عبدالله الصادق الأمين وأصبحت مسلما منذ ذلك الحين فقال الشيخ أريدك أن تخرج الآن وعلى الفور من جسم هذه الفتاة البريئة وأريدك أن تخرج من إصبع قدمها الكبير لكونك مسلما وأنت تعرف أنه لا يحل لك الولوج إلى أجسام بني آدم فقال الجني أنا سوف أخرج من عينها فصرخ الشيخ على الجني وبدا مستاء منه وقال له بالصوت العالي أخرج الآن من قدمها فرد الجني بالنفي وقال الآن لا أريد أن أخرج منه فجن جنون الأب وحزن من ألاعيب الجني وقال للشيخ أرجوك أن تخلصها فرد عليه انتظر وسوف ترى.
عاد الشيخ إلى تلاوة القرآن الكريم بصوت عال مما أدى إلى تعذيب الجني بشكل أكبر فبدأ متألما مترجيا الشيخ بالسكوت لكن كحان الشيخ يصر على التلاوة وبعد مرور ساعة قبل الجني بالأمر وقال سوف أخرج من إصبع قدمها الكبير فقال له الشيخ هيا اخرج الآن دون أذى وبعد مرور دقائق لاحظ الجميع هدوءا في جسد حوراء واختفى الصوت وعند تلك اللحظة انفجر إصبع قدم حوراء الكبير وخرج الدم كثيفا مغطيا المكان صرخت حوراء من شدة الألم وبدأت بالبكاء فهرع الأب والشيخ إليها وقام الأب بتغطية الجرح كما قام الشيخ بتلاوة آيات كريمة تحرس حوراء من عودة الجني إليها مجددا وطلب الأب من زوجته أن تأتي وتحضر معها الإسعافات الأولية وقام الشيخ بفحص إصبع حوراء وتفقده وقال لقد ذهب الشر بإذن الله تعالى وولى الجني بلا عودة فقال الأب الحمد لله والشكر على تفضله علينا.
خرج الشيخ من الغرفة يريد أن يقرأ في باقي أجزاء المنزل ودخلت الأم تتفقد ابنتها وترعاها فقامت الأم باحتضان حوراء بعد معاناة مريرة مع الجني حجي وبعد أن اطمأن الأبوان على ابنتهما خرج الجميع من الغرفة فتلاقى الشيخ والأسرة خارجا وقال الشيخ تمت على خيرة والحمد لله.
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا