القرية المسكونة للكاتبة جمانة حسن

  • الكاتب : q8_failaka
  • / 2024-08-29

 

رواية.. القرية_المسكونة

الكاتبة.... 0ومانة_حسن

 

 

كان ياما كان، في زمن بعيد قبل أكتر

من مية سنة، في قرية صغيرة

 

 ومهجورة في صعيد مصر، الناس كانوا بيقولوا عليها إنها "مسكونة". القرية دي كانت بعيدة عن أي عمران، وكانت الأشجار الكثيفة والغابات المحيطة بيها بتديها شكل مخيف ومرعب بالليل.

 

في يوم من الأيام، ظهر في القرية شيخ كبير في السن، كان معروف بين الناس باسمه "الشيخ حمدي". الشيخ ده كان دايمًا بيحذر الناس من دخول الغابة اللي حوالين القرية بعد غروب الشمس. كان بيقول لهم: "الغابة دي مسكونة بالجن الأحمر، وملهاش أمان."

 

الناس في القرية كانت بتسمع كلام الشيخ، لكن زي ما في كل مكان، كان فيه ناس مش بتصدق الكلام ده. ومن بين الناس دي كان شاب اسمه "عبدالله". عبدالله كان مشهور في القرية بجرأته، وكان بيقول على نفسه إنه "مش بيخاف من أي حاجة". في يوم من الأيام، بعد ما سمع حكايات الشيخ حمدي عن الجن الأحمر، قرر عبدالله إنه يثبت إن كل الكلام ده خرافات.

 

عبدالله كان عايش لوحده في بيت صغير على أطراف القرية. في ليلة مظلمة جدًا، قمرها كان مختفي وريحها باردة، عبدالله قرر إنه يروح الغابة لوحده. طلع من بيته بعد نص الليل وماخدش معاه غير فانوس صغير وسكين.

 

لما وصل عبدالله لأول أطراف الغابة، حس بحاجة غريبة. الدنيا كانت هادية بشكل مرعب، مفيش صوت غير صوت خطواته. فجأة، سمع صوت جاي من جوه الغابة، صوت ضحكة خفيفة وواضح إنها مش ضحكة بشر. عبدالله حط الفانوس قدامه وحاول يتبع الصوت.

 

وهو ماشي في الغابة، كان بيشوف ظلال بتتحرك بين الأشجار، لكن لما يقرب منها، مكنش بيلاقي حد. بدأ قلبه يدق بسرعة، بس عاند نفسه وكمل ماشي. بعد شوية، شاف شجرة كبيرة جدًا في نص الغابة، وكانت مختلفة عن كل الأشجار التانية، أوراقها كانت حمرا زي الدم.

 

لما قرب من الشجرة، حس بحاجة غريبة، زي ما تكون الأرض تحت رجله بتتهز. وبلحظة، الأرض فتحت تحته ووقع في حفرة عميقة. لما حاول يطلع، لقى نفسه في مكان مظلم جدًا. كان سامع صوت زي دقات طبول جاي من بعيد، وكل ما الصوت يقرب، كانت حرارته بتزيد.

 

فجأة، ظهر قدامه شخص لابس جلابية حمرا، وشه ماكانش باين غير عيونه، اللي كانت منورة بلون أحمر مرعب. الشخص ده كان واقف قدام عبدالله، وملامحه كانت متمسكة بغضب. عبدالله حاول يطلع السكين اللي معاه، لكنه لقى إيدين مخفية بتمسكه من كل اتجاه. الإيدين دي كانت باردة لدرجة إنه حس كأنه في وسط الثلج.

 

الشخص اللي قدامه قال بصوت مرعب: "انت مش المفروض تكون هنا. المكان ده مش ليك. انا الجن الأحمر، سيد الغابة دي، ودي أراضي محروسة. كل اللي دخل هنا قبلك ما خرجش تاني."

 

عبدالله حاول يقاوم، لكن كان جسده تقيل زي الرصاص، حس كأنه مربوط بمكانه. بدأت الأصوات تحيط بيه من كل اتجاه، كانت أصوات همسات وصرخات جاية من الأرض، وكأنها أرواح معذبة بتعاني.

 

الجن الأحمر قرب منه أكتر، وهمس في ودنه: "هتشوف اللي محدش شافه، وهتعرف معنى الخوف الحقيقي." وفجأة، المكان اتحول لضباب كثيف، وعبدالله بقى مش شايف أي حاجة، لكن كان حاسس بحضور كائنات حوالين جسده، كأنها بتراقبه وتستمتع بخوفه.

 

بعد لحظات، الضباب بدأ يختفي، وعبدالله لقى نفسه مربوط في شجرة بأغصان متشابكة. حاول يصرخ، لكن مفيش صوت طلع منه. الجن الأحمر كان واقف قدامه، وكان بيعمل حركات بإيديه، كأنها طقوس سحرية. فجأة، بدأت الأرض تهتز تاني، والشجرة اللي مربوط فيها بدأت تخرج أصوات كأنها بتنزف.

 

الأرض اتشقت مرة تانية، وعبدالله لقى نفسه بيقع في حفرة أعمق من اللي فاتت، والمرادي كان بينهار في الظلام من غير نهاية. وهو بيقع، كان بيسمع صوت ضحكات الجن الأحمر في كل مكان، ضحكات بتزيد مع كل لحظة.

 

فجأة، استيقظ عبدالله وهو متغرق في عرقه، لقى نفسه في سريره في بيته، لكنه كان حاسس بنفس الخوف والرعب اللي حسه في الحلم. لما بص حواليه، لقى الفانوس اللي كان معاه في الغابة مرمي في جنب السرير، وده أكد له إن اللي شافه ماكنش حلم، لكنه واقع مرعب عاشه بنفسه.

 

من يومها، عبدالله مبقاش يخرج من بيته بالليل، وكان بيقفل الأبواب والنوافذ قبل غروب الشمس. ولما أهل القرية كانوا يسألوه عن اللي حصل، كان دايمًا يتهرب من الإجابة. بعد شهور قليلة، عبدالله اتغير، بقى شخص منطوي وغريب الأطوار، وكان دايمًا بيتكلم مع نفسه كأنه سامع حد تاني بيتكلم معاه.

 

وبعد مرور سنة كاملة على الليلة المرعبة دي، عبدالله اختفى. أهل القرية دوروا عليه في كل مكان، لكن ملاقوش ليه أي أثر، وبيته كان فاضي زي ما هو. الشيخ حمدي لما سمع بخبر اختفائه، قال للناس: "الجن الأحمر أخده، كان محدش يسمع كلامي."

 

من بعدها، القرية اتعرفت باسم "قرية الجن الأحمر"، وبقى محدش يقرب من الغابة دي تاني. واللي حاول يدخلها، كان بيتقال عليه إنه اختفى، ومحدش يعرف مكانه تاني.

 

تمت

 

التعليقات

للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا