السِّعلو:
اشتهر على لسان السعلو عبارة (لولا سلامك سيف كلامك ... جان أكلت لحمك وطحنت عظامك).
والسلعو كائن اشتهر عند العرب قديماً، كما ذكرنا سابقاً، ويبدو أن الكويتيين تأثروا بما سمعوه وشاهدوه وتناقلوه عبر الزمن لدرجة أنهم يصفون المرأة بذيئة اللسان بالسلعوه المؤذية.
وعند أهل الكويت قديماً، كانت تعتبر شخصية السلعو أو السلعوه، وجمعها سعالوه، من أشهر الكائنات الخرافية التي تبث الرعب والهلع في القلب. أما عن أوصاف السلعو في التراث الكويتي فهو كائن أسود اللون، طويل القامة به أنساب طويلة مخيفة يقوم باختطاف الصغار من الأطفال، ومن ثَمَّ افتراسهم وأكلهم.
وتعتبر حياة السعلو عند أهل الكويت من الخرافات الأسطورية ويجدون في القصص المروية والمختلقة عنه مادة فيها الكثير من المتعة والتشويق والرعب عند الحديث عنه خصوصاً في الليل.
وقد شاع في الماضي، وتحديداً في بداية القرن العشرين، أن السعلو قد قام باختطاف وأكل أحد الصبية بعد غرقه في البحر، وقيل أن هذا الولد اسمه (سعود بن فهد) حيث قام أهله بالبحث عنه في كل مكان وأخفقوا في العثور عليه. غير أنه فاجأهم بعد غياب عشرين عاماً بعودته سليماً معافى من أي ضرر وأخبر أهله بأنه تم استدراجه من قبل شخص من أهل البصرة وسرقته وبيعه إلى رجل من أهل البادية في شرق الأردن. وقبل وفاة هذا الرجل أمر أولاده بأن يردوا الأمانة بإرجاع الولد إلى أهله. والحمد لله فقد عاد سعود إلى أهله وذويه وعلم الناس أن لا دخل للسعلو باختفائه.
ومرة أخرى يستغل ضعاف النفوس شخصية خيالية للاستيلاء على ممتلكات الناس من خلال إخافتهم وهم عائدين إلى بيوتهم ليلاً. وهذه المرة كان الدور على شخصية السعلو.
ومن أشهر تلك القصص التي سادت في الماضي المرتبطة بشخصية السعلو المرعب أنه كان هناك حمالاً لبضائع السفن، وكان ضخم البنية، ذو قوة جسمانية. استغل هذا الحمال الخوف والرعب لدى الناس أثناء عبورهم في الظلام الدامس بين السكيك والفرجان وهم عائدين إلى بيوتهم حيث أن بعضهم من شدة خوفهم لا يحتملون صوتاً غريباً أو حركة غير مفهومة. فاستغل الحمال نقطة ضعف الناس في بث الرعب في نفوسهم ومن ثَمَّ سرقة ما في أيديهم وجيوبهم، متنكراً في صورة مخيفة ومرعبة فظنوا أنه هو السعلو الذي يفترس البشر ويقضي عليهم. ونجح في خطته الشيطانية مرات عديدة وحاز على أموال وممتلكات من الناس حتى شاع أمره في الديرة. وفي أحد الأيام مر أحد الأشخاص في طريقه إلى بيته وكان ذو شخصية قوية تجابه الأخطار ولا يأبه لها هذا بالإضافة إلى تمتعه ببنية جسدية تصرع أعنى الرجال. عندما رأى الرجل ما يُقال ويُشاع أنه السعلو بعيد حدثته نفسه لابد أن يواجه لأن طبع التحدي والعزم غلب عليه. بالرغم من التردد من المواجهة لكنه سلم الأمر لله سبحانه وتقابل الرجلان وحاول المجرم جاهداً دفع وتحريك الرجل بما أوتي من قوة لكنه فشل في ذلك إلى أن خارت قواه تدريجياً.
وهنا استغل الرجل فرصة ضعف السعلو المزيف، فما كان منه إلا أن رفعه عالياً في محاولة لتأديبه وتلقينه درساً قاسياً حتى يكون عبرة لغيره وهنا أخذ المجرم بالصراخ والتوسل بالرجل بأن يرحمه ويتركه يذهب بعد أن تعهد له ألا يعود مرة أخرى إلى استغلال وسرقة المارين في الطريق. فأنذره الرجل بأنه إذا شاهده مرة أخرى فستكون نهايته على يديه، فما كان من المجرم السعلو إلا أن فر هارباً ناجياً بنفسه وبعدها لم يعد لهذا السعلو المخادع أثر بين الناس وارتاحوا من شره وأذاه.
أما بطل القصة الحقيقي الذي أنقذ الناس من السعلو المزيف فهو العم محمود بن ناصر، رحمه الله، نوخذه السفر الشراعي ومن رجال الكويت المعروفين بقوته الشخصية والجسمانية. وهذا ما أخبرني به د. محمد جاسم بن ناصر، أستاذ الترجمة في كلية الآداب بجامعة الكويت.
ومن القصائد التي قيلت في السعلو:
بعيداً أيها السعلو
بك الحياة لا تحلو
نشرت الخوف في الآفاق
ما لسنا به نسلو
وآذيت كبار الناس
حتى استوعر السهل
يخاف لقاءك الأطفال
والمرأة والكهل
يهابك كل مَنْ يسري
بليل لونه كحل
إذا أقبلت أظلمنا
وقلنا عظم الليل
وصاحت كل صائحةٍ
تنادي أيها الأهل
أتى السعلو فانتبهوا
عليكم بالدعاء وأتلو
إذا جاء لنا لابد
يوذينا ولا يألو
وليس لنا سوى الرحمن
في آياته الفصل
وختام الأذى يجري
حثيثاً نحونا يعلو
سئمنا منك يا سعلو
وآذانا بك الفعل
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا