وأنا بعمل قهوة من شوية و.. ماسك حتة قماش عشان أشيل بيها الكنكة الفخار، اللي بتبقى دايما سخنة جدًا، نار البوتجاز مسكت في طرف حتة القماش، عشان الاقي النار عمالة تزيد فيها بسرعة، بس.. حسيت إني شوفت حاجة غريبة! جوه النار اللي ماسكة في القماشة، أيوه! شوفت..
شوفت عيل صغير، كإنه قاعد في أوضة، في ركن الأوضة، قاعد خايف وضامم رجله على صدره، مش قادر أشوف ملامحه، و.. وباب الأوضة اتفتح فجأة، عشان أشوف الواد وقف في مكانه، مسح دموعه، قرب ناحية الباب في تخوف و خرج! عشان أحس فجأة برعشة شديدة في جسمي..
- يا ابني أنت بتعمل ايه النار مسكت في القماشة!
الجملة دي فوقتني فجأة عشان ألاقي النار كانت شبه لامسة صباعي فجريت ع الحوض وشغلت المية عليها عشان النار تطفي وبصيت لوالدي اللي طلعت منه الجملة دي وأنا بقوله:
- معلش يا بابا، النار مسكت فيها وأنا بصب القهوة.
سقف بكف على كف وخرج من المطبخ وأنا بحاول أفهم ايه اللي شوفته ده! وكنت فاكر إن الموضوع هينتهي على كده بس مش ده اللي حصل مع الأسف.
أنا.. بقيت أشوف الولد ده كتير، في كذا مكان، بشوفه وأنا نايم، بحلم بيه، بيبقى واقف باصص في الأرض، وفي زي ناس كتير حواليه، كلهم بيبصوا ناحيته بصة ضيق، أو كر..ه! وساعات بشوفه واقف في ركن أوضتي، لأ مش وأنا نايم، ببقى صاحي عادي، واقف نفس الوقفة، باصص للأرض، و بعدين يختفي فجأة.
الموضوع كان غريب بس كنت بحاول أقنع نفسي دايمًا إنه بيتهيألي، أو من تأثير الوهم بسبب اللي شوفته في النار، إذا كنت شوفت حاجة فعلا ومش مجرد وهم هو كمان! بس.. الأغرب من كل ده إني صحيت مرة من النوم على صوت عياط، شوفته قدامي، في ركن الأوضة، كان عمال يعيط، جسمه بيترعش.. خايف!
هو مين ده أصلا ولا ايه! بس اختفى بسرعة، بس مش للأبد، لإني صحيت في مرة تانية على صوته برضو، مش صوت واضح، ده همس! همس أنا مش فاهمه، قعدت على السرير وأنا لسه سامع الصوت ده، عشان ألمح جسم شخص جنب ودني اليمين، زي خيال، جسم شخص أنا عارفه كويس، اتنفضت في مكاني بس اختفى فجأة برضو!
بس من ساعتها وأنا بدأت أسمع صوت الهمس ده كتير، كتير جدًا، وبقيت أفمهه.. للأسف، بس مش دي المشكلة؛ المشكلة إني بقيت ألاحظ إن صوت الهمس ده بيحركني، أو بيتحكم فيا غصب عني، لأ الصراحة مش أنا اللي لاحظت، لإني كنت فاكره مجرد صوت، لكن هم اللي لاحظوا، أبويا وأمي..
لما سمعت صوت همسه في يوم، ابتدى ب " قوم من مكانك.. "، وبعدين " اطلع بره الأوضة.. "، كله همس " أدخل أوضتهم.. " عرفت يقصد على مين من غير ما يقول " و.. " ملحقش يكمل عشان سمعت صوت بيقول:
- مالك يا كريم واقف كده ليه؟!
كان صوت بابا، عشان أكتشف إني واقف قدام الأوضة، زي اللي بيمشوا وهم نايمين! أنا وصلت هنا ازاي؟! أنا مش فاهم حاجة، قولتله إني سمعته بينادي وبعدين سيبته ومشيت على طول، يعني ايه! يعني كل ده مش مجرد همس، دي كإنها أوامر وأنا بنفذها غصب عني!
بدأت أخاف منه، ومن نفسي! أنا كذا مرة أعمل حاجة وأنا مش مدرك إني بعملها، مرة فتحت الغاز وسيبته شغال قبل ما أفوق من تأثيره وأقفله بسرعة، مرة ألاقيني بحرق الستاير بالولاعة وبعدين ألحق نفسي وأخبي الجزء اللي حرقته! ومره.. ودي الهمس فيها كان قوي، لما جدي كان عندنا، لقيتني جي من وراه، في إيدي سكي-نة، و.. بس تمالكت نفسي في أخر لحظة!
- أنت عايز مني ايه!
قولتهاله مرة لما لمحته جنبي، بيهمس في ودني، قبل ما أسد ودني وأعيط غصب عني! أنا خايف أعمل حاجة و أندم عليها، بس.. ملحقتش أخاف، الساعة كانت ٢ بعد نص الليل وأنا.. مدرك وأنا ماسك چيركن البنزين وعمال أغرق في أوضتهم في هدوء، وهم نايمين، بحاول أقاومه بس مش قادر، وقفت على باب الأوضة، قفلت الباب وأنا جوه معاهم، بالمفتاح ووقفت قدامه، صحيوا على ريحة البنزين..
- أنت بتعمل ايه يا كريم وايه الريحة دي؟!
بابا قالها وأنا مش عارف ولا قادر أرد، " طلع الولاعة.. "، همس في ودني عشان أطلعها فعلا..
- كريم أنت.. أنت بتعمل ايه يا حبيبي؟!
ماما قالتها وهى بتترعش، " شغل ال.. ولاعة.. "، شغلتها..
- أنت بتعمل ايه يا مجن-ون أنت!
بابا قالها قبل ما هم الاتنين يتنفضوا من ع السرير، " ارميها.. "، رميتها عشان النا-ر تمسك في السجاد اللي ع الأرض، بابا جري ناحيتي وماما وراه وهو بيقول..
- ابعد عن الباب يا مجن-ون.. انت مش طبيعي!
بعدني عن الباب وهو بيحاول يفتحه بس معرفش..
- هات المفتاح!
- اديله المفتاح يا كريم يا ابني..
أنا واقف مشلول ومش قادر أعمل حاجة، صوت النا-ر بيزيد، بدأت تمسك في السراير وفي كل حاجة تقريبا، بابا مسكني وحاول يطلع مني المفتاح، بس طلع من ماما صوت شهقة فجأة، وبعدين فضلت تخبط على ضهر بابا وهى بتشاور على حاجة جنبي! بابا بص جنبي عشان يتخض وياخد خطوة لورا هو وماما، عشان ألمحه جنبي فعلا، هو.. الطفل الصغير!
- أنس!
ماما قالتها وعينيها بدأت تتغمر بالدموع، وبابا حط إيده على بوقه وهو في نفس حالة ماما بس أكثر صلابة، وأنا.. مش فاهم حاجة، بس لقيت الولد فجأة رفع صباعه، وراهم وشاور ع النا-ر، كلنا بصينا، بس أنا شوفت حاجة، جوه النا-ر، مش عارف هم كمان شافوها ولا لأ، بس بدأت أركز أكتر عشان أشوف.. ماما وبابا!
ماما كانت شايلة طفل صغير، لسه مولود، بتبص لبابا اللي واقف قدامها وعلى وشها ملامح شعور بالذ-نب، وبابا على وشه ملامح ضيق وسخط، بصيت لوش الطفل، لقيته مختلف عننا، ملامحه فيها تشوهات زي ما بيقال عليها، المشهد اتغير، الطفل قاعد في الأوضة مع ماما، جدي كان قاعد مع بابا في الصالة، كان بيقوله:
- طلقها، مش كفاية جيبالك عيل شبه الشي-طان!
ماما حطت إيديها على ودن الطفل عشان ميسمعش، شوفت بعدها مشاهد كتير، متسارعة، فيها دايما الطفل ده محبوس في الأوضة اللي فوق، اللي احنا قافلينها دايما، طول ما في ناس قاعدين معاهم الطفل بيبقى محبوس في أوضته، ممنوع ينزل، أو حد يشوفه، لحد.. لحد ما الطفل ده كان قاعد في يوم على سريره في الأوضة، الجو كان حر فوق المعتاد، وهو كان بيتفرج على التلفزيون، اللي ضرب فجأة..
والمشترك اللي جنبه بدأ يطلع منه شرار قبل ما تظهر منه شعلة نار، الولد اتخض، والنار مسكت في الفرشة اللي تحت المشترك، الولد جري على الباب وحاول يفتحه، بس كان مقفول بالمفتاح، النار مسكت في الترابيزة الخشب اللي تحت التلفزيون وبدأت تمسك في كل حاجة في الأوضة، الولد بدأ يخبط ع الباب، بابا وماما بدأوا يسمعوا صوت حاجة بس ابتسموا للمعازيم اللي في تساؤل على وشهم.
الولد بدأ يصر-خ " افتحوا الباب! "، النا-ر مسكت في كل حاجة تقريبًا، الولد بعد عن الباب اللي النار حاوطته وجري على ركن الأوضة، فضل يعيط، كان خا-يف.. مر-عوب، بيهمس " افتحوا الباب.. أنا خا-يف! "، بعد فترة مش قليلة الباب اتفتح، بابا وماما كانوا واقفين قدامه عشان يلاقوا جث-ة طفل مرمي في ركن الأوضة، على جسمه حرو-ق كانت كفيلة تنهي حيا-ته، لكن دخان النار كان أسرع، عشان يصر-خوا من المشهد، قبل ما الأوضة كلها تبقى عبارة عن نتاج حريق كبير، واللي اتبقى منه تيشيرت كان تحت السرير، واللي اكتشفت إن هو نفس التيشيرت اللي لقيته في دولاب ماما وافتكرته تيشيرت قديم ليا وأخدته عشان أقطع منه جزء أشيل بيه كنكة القهوة من ع النار.
فوقت فجأة عشان أرجع لأوضة ماما وبابا مرة تانية، ماما اللي كانت عمالة تبص للطفل وهى منهارة وبتقول:
- أنا آسفة.. آسفة يا أنس يا حبيبي!
الطفل ظهرت على وشه علامات استغراب، كإنه مكنش متوقع الكلام ده، وبعدين جسم بابا كان بيترعش وهو بيعيط ويقول:
- سامحني، سامحني يا أنس، أنا آسف يا ابني، أنا السبب في اللي حصلك، نفسي الزمن يرجع وأنا اللي.. سامحني يا ابني، أنا آسف.
علامات الإندهاش زادت على وشه، وقال واكتشفت إن لساني بيقول نفس كلامه في نفس الوقت:
- بس أنتوا كنتوا بتكر-هوني وقولتوا عليا إن أنا شي-طان!
لقيتها بتقول بحس-رة!
- احنا اللي شياط-ين يا ابني، أنت كنت ملاك! لا شوفت ولا هشوف في حنيتك أبدًا، سامحني يا ابني، سامحني يا أنس!
لقيت الولد بيعيط ويمسح دموعه، وهو بيقول:
- أنا كنت خاي-ف..
ساعتها لقيت ماما وبابا بيقربوا منه وبيحضنوه، وهم كمان بيعيطوا وبعدين سمعت صوته بيهمس:
- أنا كنت عايز حد بس يفتحلي.. الباب.
واختفى، قبل ما أحس إني قادر أسيطر على جسمي مرة تانية، طلعت المفتاح بسرعة وفتحت الباب وخرجنا، لولا إن بابا وماما كانوا معايا مكنتش هصدق إن ده حصل، كنت أول مرة أعرف عن الموضوع ده، مش هنكر إني كنت ساعات بسمعهم بيتكلموا عن الموضوع، كلام بسيط، أنس، ربنا يسامحنا، ازاي عملنا كده! وكلام زي ده كتير بس أول ما كانوا يشوفوني كانوا بيقفلوا على الموضوع..
من ساعة الموضوع ده وأنا بشوف ماما وبابا بيحاولوا يكفروا عن ذ-نبهم ده بكل الطرق الممكنة، أو أنا اللي لاحظت ده متأخر، وماما بدأت تطلع صوره اللي اكتشفت إنها كانت مخبياهه لإنها مكنتش قادرة تواجهني بالحدث اللي حصل ده وعرفت إنها كانت بتفضل تطلعها كل يوم تبص فيها وتعيط، وعرفت سر خوف والدي المبالغ فيه عليا، وفهمت ليه كان دايما يز-عقلي لما بقفل أي باب عليا.
بس مع الأسف ساعات الند-م على فعل ما بيجي متأخر أوي، في وقت مينفعش فيه الند-م، بس هنرجع ونقول إن احنا بشر، غلطنا، وبنغلط وياما هنغلط، بس لازم نحكم عقلنا، ومننقادش لمشاعرنا وكلام الناس اللي عمره ما هيخلص، لإن الناس عمرها ما هتسكت، ونرضى دايما بقضاء ربنا ونفهم حكمته، المشكلة بعد كل ده إني بفضل أحلم بالموضوع ومش قادر أنسى صوته وهو بيقول:
- أنا كنت عايز حد بس يفتحلي.. الباب!
#النهاية
#الباب_
#غير_مألوف
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا