صديقتي جينا ولدت صمَّاء ، من صُغرها مش بتسمع و بالتالي متعرفش خالص صوت والدها أو والدتها ، في الحقيقة جينا متعرفش نهائيًا أي صوت لكن برغم كده جينا كانت دايمًا أسعد واحدة فينا ، مليانة طاقة و بهجة و الكُل بيحبها ، إتعلمنا لغة الإشارة مخصوص عشان خاطرها هيّ ، مكناش عاوزينها تحس إنها مُختلفة عننا
جينا كانت دايمًا مُبهجة و مليانة طاقة لكن كان في أوقات كتير بتبطل ضحك فجأة و تسكت تمامًا و هيّ بتتأمل الفراغ ، بتضيق عينيها جدًا كأنها بتركز في حاجة إحنا مش شايفينها
أنا و هيّ كُنا بنشتغل سوا في كافيه ، لأن جينا صمَّاء مكانتش بتقدر تاخد هيّ الطلبات فكنت باخد الطلبات من الزباين و أكتبهم في ورقة و هيّ بتحضرهم ، كانت مُجتهدة و بتحب شغلها ، مُبتسمة طول الوقت و كُل الناس هنا بيحبوها ، صاحب الكافيه كان بيخليني أنا و هيّ ننضف الكافيه و نقفله كُل يوم بعد إنتهاء الشُغل
يوم الجمعة و بعد آخر زيون ما مشي من الكافيه ، نضفنا الكافيه و بعدين شاورت ليها و قلتلها إننا هنخلص و نروح السوبر ماركت نجيب أكل و حاجة نشربها ، هزت راسها بحماس و هيّ مبتسمة ، خلصنا و قفلنا كل حاجة و مشنا سوا
السوبر ماركت كان علي وشك يقفل ، شوية مراهقين قاعدين برا مستنيين حد يرضي يجيب لهم خمور من الماركت ، ست وحيدة واحدة أدام رف الشيبسي بتحاول تختار نوع ، إشترينا الحاجات اللي عاوزينها من الماركت ، كنا علي وشك نخرج لمّا جينا وقفت فجأة و ضيقت عينيها شوية و ركزت كأنها شايفة حاجة أنا مش شايفاها ، شاورتلها : " جينا ، إنتي كويسة ؟؟ "
.
جسمها بدأ يترعش و عينيها إتملت دموع ، أول مرة أشوفها بالمنظر ده ، مسكت إيدي بقوة و شدتني علي جنب ، جسمها كان بيترعش من الخوف ، جينا كانت خايفة بدرجة مشفتهاش قبل كده ، بس كانت مصممة تشدني جوا الماركت ، كانت كُل شوية بتقف و تركز كأنها سامعة أو شايفة حاجة بس ده كان مُستحيل لأنها كانت صمَّاء زي ما قلتلكم ، مشيت وراها شوية لحد ما وصلنا لقسم الشيبسي ، الست اللي شفناها واقفة تختار كانت لسه واقفة حيرانة ، شاورتلي بطرف عينها علي راجل شبه مُلثَّم واقف بعيد بيراقبها ، كان بيتظاهر إنه بيشتري حاجات لكن كان واضح أوي إنه بيراقب الست دي
جينا شدتني من إيدي تاني علي جنب و شاورتلي إن الست دي في خطر و إحنا لازم نساعدها ، كُنت حيرانة و متضايقة لأني مكنتش فاهمة حاجة ، و مين الست دي و إيه علاقتها بجينا ؟ ، و عرفت منين إنها في خطر ؟ ، شاورتلها أسألها عرفت منين و كان باين عليّا الغضب
بصت في الأرض و هيّ بتشاورلي : " أنا بقدر أقرا الأفكار "
خُفت منها جدًا و أنا بشاورلها بدهشة : " إيه ؟! "
شاورتلي بسرعة و هيّ بتعيَّط : " أنا بقرا الأفكار ، الراجل ده عاوز يؤذيها ، لازم نبعدها عنه "
في اللحظة دي كُنت خايفة جدًا ، خايفة من جينا و قدرتها الإستثنائية ، خايفة من الراجل اللي عاوز يؤذي الست ، لمّا بصيت علي الست تاني لقيت الراجل قرب منها و هيّ لسّه مش آخدة بالها منه ، مش عارفة صحة كلام جينا عن قدرتها لكن كُنت عارفة كويس أوي إن الراجل ده عاوز يؤذيها ، مسكت البنت من إيدها و بإبتسامة لطيفة سلمت عليها : " إزيك ؟ "
إبتسمت ليّا و قالتلي : " أنا كويسة ، شكرًا "
شاورت علي جينا اللي بتعبَّط و بتترعش من الخوف و أنا بقول للست : " صاحبتي اللي هناك دي ، بتقول إنك في خطر، و إن الراجل اللي واقف وراكي ده هيؤذيكي ، إعملي كأننا أصحاب و إحنا هنمشي معاكي لحَد بيتك أو بيتنا لأن الوقت متأخر و مش أمان لو مشيتي لوحدك "
ضحكتها إختفت و عينيها إتملت خوف و هيّ بتلف وراها عشان تبص للراجل اللي كان بيبصلها بشر في اللحظة دي
بصتلي بخوف و هيّ بتمشي ورايا بسرعة ، كُنت خايفة و حاسَّة بخوفها هيّ كمان
.
تظاهرنا إننا نعرف بعض كويس و إننا أصحاب من زمان و إحنا بنخرج من الماركت ، بنظرة صُغيَّرة لقينا الراجل لسّه ماشي ورانا ، جينا كانت بتعيَّط بخوف و أنا كُنت بحاول أتمالك أعصابي ، كُنت بحاول أهديهم شوية ، سألت البنت اللي عرفت إن إسمها ليندا عن عنوانها
ردت عليّا : " حوالي 10 دقايق مشي من هنا ، هوّ لسّه ماشي ورانا ، مش المفروض نكلم النجدة ؟ "
جينا هزت راسها كأنها سامعانا كويس و ده كان شيء مُخيف لأني عارفة كويس إنها مش بتسمع ، الراجل كان لسّه ماشي ورانا ، طلعت تليفوني و إتصلت بالنجدة ( 911 ) و أول ما ردوا عليا كلمتهم بهوء بس أنا صوتي بيترعش من الخوف : " إحنا مكاننا في ( عنوان الشارع اللي إحنا فيه ) قريبين من ماركت ( إسم الماركت ) ، فيه راجل ماشي ورا بنت ، إحنا معاها دلوقت بس مش هنقدر نحميها أو نحمي نفسنا ، البنت دي ساكنة في ( عنوان البنت ) "
قالولي إن الشُرط في الطريق ، قلت كده للبنات بإبتسامة و أنا بحاول أهديهم
مشينا بخطوات سريعة و الراجل هوّ كمان سرَّع خطواته معانا ، جينا بتترعش بخوف مش طبيعي و هيّ بتعيَّط بهيستيريا و هي بتشاورلي عشان تقولي إنها مش قادرة تتمالك نفسها و خايفة أوي من الحاجات الشريرة و المُرعبة اللي الراجل بيفكَّر فيها
وصلنا بيت ليندا أخيرًا بس الشُرطة مكانتش لسّه وصلت ، ليندا مكانتش عارفة المفروض نعمل إيه ، سألتها لو فيه أي حد جوا في البيت ، لكن للأسف كانت عايشة لوحدها ، قررنا ندخل كُلنا البيت و نقفل علي نفسنا من جوّا ، لمّا قربنا من الباب قرب مننا أكتر و تظاهر كأنه تايه و بيسأل علي الطريق ، كان بيبص لليندا بشر أول مرة أشوفه ، جينا وقعت علي الأرض و هيّ بتعيط بخوف ، كُنت عاوزة أساعدهم بس كُنت خايفة أكتر منهم
أنا مش عارفة مين الراجل ده بس مصدقة جينا و مُقتنعة إنه عامل حاجة شريرة جدًا ، جينا شاورتلي إنه هيعمل نفس الحاجة الشريرة دي في ليندا ، حاولت أقرَّب منه و أتظاهر باللطف و أنا بسأله : " حضرتك تايه ؟ "
و حبيت أحطله تهديد خفي في وسط كلامي : " أصل بابا جاي في الطريق و هوّ حافظ المكان كويس فيقدر يدلك "
كان بيبص لليندا بدون ولا كلمة ، نظرة الشر اللي في عينيه كانت مُرعبة ، جمدت الدم في عروقي ، جسمها كان بيترعش من الخوف و ليندا لسّه واقعة علي الأرض بتترعش بخوف ، كُنت حاسّة إن خلاص كُل حاجة بتنتهي
.
فجأة سمعت صوت السارينة بتاعة الشُرطة ، هوّ كمان سمعها ، حاول يهرب من المكان بسرعة ، جريت واه بأقصي سرعة ، هجمت عليه و وقعته علي الأرض و أنا بصرخ فيه : " عملت إيه لجينا ؟ ، عاوز مننا إيه ، عملت إيه ؟ "
كُنت خايفة بس صوت الشُرطة كان مقويني ، رعب جينا كان مجنني ، كُنت عاملة زي الحيوان الشرس ، الشُرطة خلصوه من تحتي قبل ما يهرب مني
كُلنا كُنا سُلام و لمّا رُحنا القسم مقدروش يوجهوا له أي تُهمة لأنه معملش حاجة غير إنه مشي في الشارع و تصادف إنه ماشي في نفس طريقنا ، جينا كانت لسّه بتعيَّط و كانت لسّه مرعوبة رغم إن الراجل مقبوض عليه و إننا في وسط قسم الشُرطة ، إيديها كانت بتترعش و هيّ بتشرحلي كُل حاجة ، قالتلي إني لازم أقول للشرطة يشوفوا بيته
طلبت من الشُرطي ده و قالي إنهم فعلًا بعتوا عربية لبيته قبل ما يسيبوه لأنهم شكوا في تصرفاته
.
لمّا راحوا بيته إكتشفوا كُل حاجة ، إكتشفوا إن معاه عربية فان مقفولة كان ماشي ورا ليندا بيها من فترة ، إكتشفوا حبل و فاس و جاروف ، و جوّا بيته إكتشفوا 3 بنات مفقودات من فترة كبيرة ، واحدة منهم كانت ميتة للأسف ، إتنين كانوا لسه أحياء ، الدم مالي المكان كُله ، البنتين كانوا في حالة صدمة ، الراجل كان بيعذبهم و عاوز يقتلهم لمّا يخلَّص ، الشُرطة رفضت تدينا تفاصيل عن الراجل و تكتموا علي الخبر تمامًا لكن جينا شرحتلي كُل حاجة
شاورتلي بلغة الإشارة كُل اللي هقولهولكم ده
" أنا بقرا الأفكار ، دا السبب اللي بيخليني أركز ساعات في حاجات إنتم مش سامعينها ، ساعات بسمع أفكار عادية و ساعات بسمع حاجات خطيرة و شريرة ، أنا قريت أفكاره ، كان عاوز يخطفها و يربطها ، كان عاوز يخطفها ، يغتصبها ، يعذبها ، كان بيفكر في الـ 3 بنات اللي في بيته ، هيعذبهم كُلهم سوّا حتي اللي ماتت ، كان بينتقم منها عشان جميلة ، انا آسفة إني مقلتلكيش قبل كده ، أنا آسفة "
.
.
.
#بتاع_الرعب
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا