الملحق الخلفي:
تشتهر جزيرة فيلكا العريقة بماضيها الزاهر وتحتوي على آثار لها ارتباط بالعهد الإغريقي حيث كان مأهولة بالسكان منذ ذلك الزمان وقد تكون من أقدم الجزر التي عاش فيها الناس ومارسوا حياتهم والجزيرة من حيث الحجم تساوي أربع مدن كبيرة تقريبا من مثل العاصمة الكويت وقد كان من قاطني الجزيرة وممن أتخذوها مأوى لهم الإسكندر الأكبر الإسكندر المقدوني الذي سكن في الجزيرة فترة من الزمن حيث اختار الإسكندر جزيرة فيلكا بالتحديد بناء على استراتيجية الموقع وأهميتها بين الجزر.
أما قصتنا فهي عن رجل يدعى سالم من مواليد الجزيرة وكان عمره 40 عاما أثناء الأحداث ويتصف بضخامة القامة والإقدام وعشق المغامرة وكان يحب الذهاب إلى الجزيرة باستمرار وبعد تحرير الكويت من قبضة الاحتلال العراقي ذهب سالم وأحد أصدقائه ويدعى فيصل إلى جزيرة فيلكا كالمعتاد وكان ذلك في العام 1992م.
في ذلك اليوم قرر سالم وصديقه فيصل الذهاب إلى جزيرة فيلكا ليعملا على إعادة بناء بيت لهم هناك وعند وصولهما ذهبا مباشرة إلى البيت حيث كان المكان مدمرا في بعض الأجزاء ومتهالكا ومهجورا وذلك من قبل جنود الغزو البربري الذي دمر كل شىء.
كان سالم يقوم بإعادة بناء الأجزاء المدمرة ويستكمل ما ينقصها من البيوت الأخرى المهجورة في الجزيرة ... وبعد جلوسهما لتناول وجبة الغداء قرر سالم وفيصل الذهاب إلى البيوت المهجورة للبحث عن سخان مياه بيلر كما أن سالم كان يجد بعض الأحيان ما هو بحاجة إليه في بيوت أهله المغادرين منذ التحرير.
قال فيصل لسالم دعنا نذهب بالبقي الدراجة النارية للبحث لكون الساعة الحادية عشرة ظهرا والوقت مناسب لذلك وعلى الفور ذهب الشابان إلى الأماكن التي يعتقدان بوجود مطلبهما وما يبحثان عنه فيها وكانت الجزيرة خاوية حيث إن قليلا من الناس كانوا يأتون إليها خلال السنين الأولى من التحرير وكانت الأجواء ساكنة ومخيفة في بعض الأحيان.
وهما في طريق البحث دخلا الكثير من المنازل المهجورة المظلمة حتى طال البحث دون نتيجة تذكر وباغت الوقت كلا من سالم وفيصل وحل عليهما المساء فقرر الشابان أن يكملا عملهما في اليوم التالي حيث إن الليل في الجزيرة حالك ولا يستطيع أحد أن يبحث عن أي شىء نام الشابان بعد تعب وإرهاق نوما هنيئا بانتظار نهار اليوم التالي للمضي في البحث والاستكشاف آملين أن يجدا مبتغاهما.
وفي صباح اليوم التالي أفاق كل من فيصل وسالم لإتمام رحلة البحث وبعد الإفطار خرج الاثنان من البيت بدراجتيهما الناريتين قاصدين أحد البيوت على أمل أن يجدا شيئا هناك يستفاد منه وبعد وصولهما على أمل أن يجدا شيئا هناك يستفاد منه وبعد وصولهما دخل فيصل البيت يبحث ويستكشف وكان سالم يبحث في مكان آخر في باحة حوش البيت واستمر البحث قرابة الساعة لكن دون فائدة وبينما هما كذلك سمعا صوت الأذان الخراج من المسجد القريب من ميناء الجزيرة فقررا الذهاب لأداء الصلاة وركبا دراجتيهما متجهين إلى المسجد وعند وصولهما وضع سالم رجله اليمنى على شىء غريب فانحنى إلى الأرض لأخذ ذلك الشىء حيث كان صغيرا يلمع وهو ملفت للنظر وبعد أن التقطه من الأرض وجده قطعة قماش لامع فيها أوراق ملفوفة بعناية ودقة وعليه بدأ فيصل يتفحص ذلك الشىء ويفتح الأوراق التي في داخله فوجد أنها جامعة ذات شكل غريب ومريب فقال لفيصل انظر ماذا وجدت! وبعد أن رآها تأكد الشابان من أن هذه جامعة تخص أحدا ما ولكن السؤال: لمن تكون؟ ومن الذي ألقاها هنا في هذا المكان من الجزيرة؟ ترك سالم الجامعة في الدراجة ودخل إلى المسجد لأداء صلاة الظهر وبعد أن انتهى من الصلاة خرج هو وفيصل من باب المسجد وانتظرا شيخ الدين الكبير في السن الذي كان يصلي معهما ليخبراه بما وجدا وخلال وقوفهما خرج شيخ الدين من الباب فسلم عليه سالم وقال له إنه وجد شيئا غريبا خارج أسوار المسجد وهو عبارة عن جامعة ملفوفة فرآها الشيخ وقال لهما: من الممكن أن تكون قد سقطت من أحد أو قد رمي بها متخلصا منها بشكل متعمد ثم أوصى الشيخ كلا من فيصل وسالم بأن يتخلصا منها وذلك بأن يتم فتح الجامعة وإخراج أوراقها وأن توضع الأوراق في كوب من الماء إلى أن يزول الحبر الموجود عليها ومن ثم يتم التخلص من الماء بإلقائه في البحر وبذلك يكون هذا خيرا لصاحبها. فكر سالم بما قاله الشيخ وبكيفية التخلص من الجامعة وما تحمله من أسرار وخبايا وقرر أن يعمل بنصيحة الشيخ ليفعل خيرا بصاحبها فحملها معه ووضعها في جيبه ليتفرغ لها ويتخلص منها وعليه ذهب فيصل وسالم قاصدين أحد البيوت حيث تذكر سالم فجأة هذا البيت لكنه لا يعرفه ولا يعلم ما الذي أتى بصورة البيت في عينه، فقرر على الفور الذهاب إليه عسى أن يجد ما يبحث عنه وبعد وصولهما إلى البيت المطلوب نزل كل من فيصل وسالم من البقي ودخلا من الباب الأمامي للمنزل فقال سالم لفيصل دعنا نبحث داخل البيت لعلنا نجد من أتينا من أجله.
ودخل الشابان إلى البيت يبحثان عن سخان ماء وبينما هما يبحثان إذ وصلا إلى باب يؤدي بهما إلى خلف البيت، فحاول فيصل فتح الباب عساه يجد ملحقا خلفيا للبيت لكن الباب لم يفتح فحاول بقوة لكنه عجز مجددا وبعد محاولات عدة فتح الباب وجدا فيصل وصاحبه أن هذا باب الملحق الخلفي للبيت وهو ملحق كبير تصدر منه رائحة نتنة مبعثر الأغراض والأثاث فدخلا يبحثان حتى لاحظا أن الجدران محروقة والأصباغ كانت ذائبة وفجأة وجدا سخان الماء في المطبخ وسط الحائط وبينما هما داخل المطبخ لاحظ فيصل أن الجدار نصفه سيراميك وكان باللون البني ومن الأعلى كان مدهونا باللون الأبيض وكان يوجد بيلر في وسط الحائط مائل إلى العرض باللون الأبيض عندها قرر أن يأخذ البيلر وفكر سالم بأن يضع الجامعة في قنينة ماء وقال لنفسه أضع الجامعة داخلها ليذوب الحبر والكلام الذي كتب عليها ثم نرمي الورقة الفارغة والماء أتخلص منه برميه في البحر كما قيل لنا، وبالتالي نتخلص منها وفعلا وضعها في المطبخ وقال فيصل لسالم كيف نحمل البيلر ونحن راكبان البقي؟ دعنا نذهب الآن ونأتي في الغد لأخذه بالسيارة كي يتسنى لنا تحميله.
في اليوم التالي ذهب الصديقان إلى البيت ذاته على أن يحملا البيلر ويأتيان به إلى بيتهما الخاص وعند خروجهما من بيتهما وجدا قطة سوداء اللون تقف أمام السيارة رأى فيصل القطة وشعر بأن هناك أمرا ما سوف يحدث وبعد وصولهما إلى البيت المنشود نزل الصديقان من السيارة متجهين إلى باب البيت ففتح سالم الباب ودخل فيصل خلفه ثم دخلا مباشرة عبر البيت ذاهبين إلى الخلف مكان وجود الملحق.
وصلا إلى الباب الخلفي للبيت الذي كان مقفلا ولا يريد أن يفتح سابقا وعندما فتح فيصل الباب كانت الصدمة والاندهاش لم يجد ملحقا خلف البيت وليس هناك حتى آثر لوجود ملحق على الإطلاق فجن جنون الصديقين، وبدا عليهما الخوف وبعد لحظات قال فيصل: أين الملحق؟ هل نحن في المكان الصحيح؟ رد سالم بأنهما في المكان الذي كانا فيه أمس وهو ذاته على الفور قال سالم دعنا نبحث حول البيت لعلنا نجده وبعد بحث مطول ودقيق التقي الاثنان أمام باب البيت الأمامي يقولان لبعضهما بأن هناك أمرا غريبا فلا أثر له رغم تأكدنا من رؤيته أمس!
بدأ كل منهما يبحث في كل مكان من البيت والبيوت التي بجانبه ولكن لم يجدا شيئا فخاب أملهما وتركا البحث. وبعد مرور أسبوعين من الحادث، قال سالم إنه شاهد الملحق في ذلك البيت فرد فيصل عليه أنا أيضا فسأل سالم صاحبه عن وصف المطبخ داخل الملحق وقال له هل كان حائط المطبخ من السيراميك ويصل إلى نصف الحائط باللون البني؟ فقال نعم وقال النصف الآخر مدهون باللون الأبيض؟ فقال نعم رأيت هذات وقال فيصل تأكيدا له إن البيلر كان مائلا في عرض الحائط فقال سالم نعم أنا رأيته فقال فيصل خفت أن أقول لك عما شاهدت فتقول إنني مجنون! وسكت حتى هذه اللحظة ولكن كنت أفكر في الأمر كثيرا.
قال سالم: أنا أشك في أمر الجامعة التي وضعتها في المطبخ ومن المؤكد أن لها علاقة فيما حدث.
بعدها أصبح الصديقان يرويان القصة للناس لعل أحدا يجد لها تفسيرا وكان يدور في رأسيهما سؤال محير: أين ذهب الملحق الخلفي؟
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا