ما بعد الكارثة
كيف عادت الحياة للأرض
أصبح كل شيء خراباً، لا حياة ولا استقرار، انتهت حضارات الإنسان الأول، ودُفنت معالمه وآثاره تحت الماء، وليس هذا كل شيء، بل المصيبة أن هذه الكارثة قد تلاها زلازل وهزات أرضية لقرون، ثم ترتب على ذلك نشوب ما لا يقل عن ثلاث آلاف ثورة بركانية ضخمة، ثم ظهرت غمامة سوداء وغبار داكن قد غطى سماء الأرض كلها لفترات طويلة. حُجبت الشمس، وأصاب المناخ الضرر الشامل لسنوات طويلة، واستمرت درجة الحرارة في الانخفاض.
إنه شعور قاس للكرة الأرضية، فالمحيط دافئ بل ملتهب، أما الهواء فبارد، وهذا كفيل في تسبب هطول سريع للثلج، فنزل الجليد وبدأ في تغطية ظهر كوكبنا، ثم تمكن أخيراً من تبريد محيطها الملتهب، وبعدها تحولت الأرض إلى جليد، كان الناجون من تلك الفاجعة يكافحون من أجل البقاء وملتزمون بالعيش في أعالي التلال، بعد ما أفلتوا من الموت بأعجوبة، فالكثير من المناطق المنخفضة ما زالت مغمورة بالمياه لفترات طويلة. وبعد مضي الوقت، تراجعت المياه بشكل تلقائي وتدريجي فتوسعت الأرض الخصبة رويداً رويداً، ثم بدأ الجليد في الذوبان (وللعلم الجليد مستمر في الذوبان حتى هذه اللحظة، ما لا يمنع توقع كارثة مستقبلية، فمنذ ألف سنة مثلاً كانت هناك أماكن مغطاة بالجليد، وإلى الآن مستمرة في الظهور كما كانت توضح بعض الخرائط النادرة كخريطة حجي أحمد).
استمر الناجون يكافحون ويتغلبون على هذه الكارثة بشكل عجيب، وقد أنقذوا القليل من علومهم وتقنياتهم المتطورة، وبعضاً من الحيوانات، ليبدأ الإنسان إعمار الأرض من جديد، ووجد الناجون أنفسهم أمام عالم جديد ومختلف تماماً عما عهدوه، أرض قاحلة، وتلال محطمة وبائسة، حرارة غير مستقرة تماماً، من أقصى الحر إلى أقصى البرودة، والعكس، جدران صخرية في كل مكان تعيق السير، مناطق قد انعزلت تماماً بسبب الجدران الصخرية التي تراكمت على شكل جيوب مخيفة.
تقول الأساطير القديمة، إنه بعد الطوفان، قام رجل اسمه "يو" بتقسيم بلاد الصين إلى مناطق واتجاهات ونواح، وأنشأ القنوات من أجل بدء الحياة هناك، والاتجاه إلى الزراعة.
أما في الهند، فصحراء "ثار" كانت بعد الطوفان بها أنهار، ما جعل الإنسان يعمرها فظهرت الزراعة والمدن هناك.
أما أفريقيا، فكانت صحراؤها الشمالية جزءا من المحيط، وبعد فترة ظهرت المناطق الخصبة التي تحيط بيحر داخلي كبير، ثم بعد ذلك بدأ يتقلص تدريجياً، وعمت المناطق الخضراء فيها، فعجت إفريقيا كلها بالسكان نظراً لخصوبتها، وخصوصاً الشمال، لا تتعجب، فالصحراء الكبرى كانت قديماً جنة من جنان الأرض، ولعل رسومات كهوف جبال "تاسيلي" بالجزائر تدل على ذلك، حيث صورت البشر والحيوانات في بلاد تملؤها البحيرات والخيرات والأشجار، لكن مع جفاف المناخ اختفت الحياة من عليها وأصبحت صحراء قاحلة.
أما بلاد الشرق الأوسط، فظهر فيها الخير، فعمرت بلاد كنعان، وازدهرت حضارات سومر وآشور وبابل.
أما في مصر، فكان أول ملوكها وهو "مينوس"، أو كما سمي في الإنجيل "ميصرايم"، وهو حفيد سيدنا نوح عليه السلام، قد أنشأ مستوطنة في مصر قابلة للعيش، فوجد من الضروري القيام بتشييد الحواجز لحجز مياه النيل، وبدأ بتأسيس الحياة فيها.
أما روسيا فقد تقلص بحر "القوقاز" ما بين روسيا وإيران، والذي كان مدموجاً بين بحر "آرال" والبحر الأسود، وظهرت الحياة هناك.
أما أمريكا الجنوبية فستجد فيها رسومات صخرية ورموزاً محفورة على مرتفعات عالية موجودة إلى الآن، ويقول سكان القبائل هناك بأن أجدادهم الناجون من الطوفان كانوا قدر ساروا بجوارها وهم راكبين زوارقهم، فحفروا عليها بأصابعهم وقت ما كانت طرية بسبب الفيضان، حيث يستطيع الإنسان النقش عليها.
أما أمريكا الوسطى فازدهرت فيها جزيرة "يو كوتان"، التي للأسف غير مأهولة بالسكان الآن، أما وادي "شيهواهوا" فكان جنة من جنان الأرض. وأماكن كثيرة غير ذلك على وجه الأرض الجديدة عمرها الإنسان بعدما استقرت الحياة، ولكن أثبتت الأبحاث أن أولهم وأسبقهم في تشييد التجمعات الإنسانية هتي تلك الحضارات التي شهدتها بلاد ما بين النهرين أو وادي الرافدين.
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا