بين الأمس واليوم لأنفاس قطر الفصل التاسع عشر 1

  • الكاتب : q8_failaka
  • / 2024-05-03

بين الأمس واليوم 19 لأنفاس قطر 

الفصل التاسع عشر

لا يعلم ما الذي دفعه لهذا الجنون؟؟ ولهذا التصرف غير المعقول((فليس مقبولا مطلقا في عرفهم ولا عاداتهم أن يرى زوجته أو حتى يحادثها قبل الزواج فعلاولكنه شعر أنه يريد أن يراها.. يحادثها.. وخصوصا أن المكان هنا مكان محايد عام..لذا قرر أن يترجم هذه الرغبة إلى قرار يتم تنفيذه فورافهل كانت هي مجرد الرغبة أن يرى المخلوقة التي أصبحت تنتمي له(إأم فعلا أراد أن يراها في مكان عملها الذي أصرت عليه((أو ربما أراد أن يشعر بأدنى اهتمام بهذه المرأة التي يشعر بعدم الاهتمام بها رغم ارتباطهما بالرباط الأكثر قدسيةأو ربما أراد أن يرى المخلوقة التي قدم والده كل هذه التنازلات من أجل أن يوافق على الزواج منها((أو ربما يرى ابنة الانثى الجبارة التي من مازالت تحتل تفكير والده((لا يعلم أيها هو الأهم... أو كلها مهمة..دخل ..دخل بخطواته الواثقة وحضوره المتحكم الصارم.. وكأنه بخطواته التملكية هذه يترجم إحساسه بأنه يملك المكان وصاحبتهكانت منكبة على أوراق تقلبها بين يديها.. ولم تنتبه مطلقا لدخوله.. تنحنح بفخامة معلنا عن وصوله العاصف..لتقفز حينها بغضب هادر وهي ترى رجلا غريبا يقترب منها بخطوات مفرطة في ثقتها بدأت تُضيّق المسافة الفاصلة بينهماوالباب مغلق... ولا وجود لأي شخص ثالث معهما..شعرت كاسرة فعلا بالخطر.. الخطر بمعناه المعنوي وليس المادي..الخطر النفسي المتزايد وهي تنظر للرجل المتقدم ناحيتها وحضوره الرجولي العاتي المتدفق كأعاصير أستوائية صاخبة بدا كما لو كان يعبث بها..ويوقف عقلها -الذي يكون عادة حاضرا في كل موقف- عن التفكير في هذا الموقفوهي تشعر فورا بمشاعر أنثوية غريبة ثقيلة الوطأة..مشاعر بدت لضميرها الحي غير سوية أبدا (يا ترى شكلي مرتب.. لا يكون نقابي معفوس0حضوره الغامض الفخم المتأنق لأبعد حد.. لنخاع النخاع.. أوحي لها بالرغبة في الظهور أمامه بأفضل صورة لسبب لم تتيقنه أبداكاسرة انتفضت في داخلها بجزع كاسح: أعوذ بالله منك يا أبليس.. عمري ما فكرت ذا الأفكار المريضة

أفكرها الحين عقب ما صرت مرة في ذمة رجّال..صحيح إن أبليس يجري من الإنسان مجرى الدم.. وما أجتمع رجل وامرأة إلا كان الشيطان ثالثهمادارت كل هذه الأفكار في رأسها خلال ثانيتين...استعاذت بالله من الشيطان الرجيم.. وضيق عميق يطبق على نفسها لتصرخ بعدها بحزم:لو سمحت يأستاذ أنت اطلع برا.. لحد ما يجون سكرتيراتي..بدا له صوتها ساحرا عذبا عميقا دافئا..

ومؤثرا لأبعد حد وبصورة غريبة.. كأنه صوت طيفي ينقلك لمستوى آخر من الإحساس..ومع ذلك استمر في التقدم بذات الثقة المتسلطة بينما كاسرة التقطت الهاتف وهتفت بحزم شديد: لو سمحتي فاطمة تعالي انتي وسماح بسرعةفاطمة تكتم ضحكاتها: اقري الكرت اللي قدام عيونش أولكاسرة رفعت الكرت لمستوى عينيها بينما كسّاب جلس وهو يهتف ببرود ساخر:وانا أقول من وين الغباء جاء لسكرتيرش.. أثره عدوى من الرئيسةرفعت كاسرة عينيها له والإعجاب العميق به كرجل قبل دقائق.. يتحول لمشاعر متبلدة ملتبسة أشبه بالنفور..مشاعر أشعرتها بالراحة أنها لم ترتكب ذنبا قبل ثوان بإعجابها المؤقت به..ومن ناحية أخرى أشعرتها بالتحفز.. وهي ترد عليه بذات البرود الساخر:كفارة.. السجن للجدعان.ما توقعت إنك تطلع بذا السرعة.. لا وتطلع علي مباشرة..حينها مال كسّاب على المكتب لينظر لها بشكل مباشر..ولتخترق رائحة عطره المركز الثمين كل حويصلاتها الهوائية رغم كثافة قماش النقاب الذي ترتديهوعيناه تتعلقان بالشيء الوحيد الظاهر منها بغير وضوح لشدة ضيق فتحات النقاب.... عيناها 666(نعنبو وش ذا العين وإلا ذا الرموش طبيعي ذي والا تركيب6660ولكنه رد عليها بذات برودهما المشترك.. الساخر المحترف وغير المصطنع إطلاقا:أول شيء أنا مادخلت السجن حتى.. وبعدين وش ذا الثقة اللي عندش إني جاي على طول على حضرتش.. أنا طالع من أمسردت عليه باحتراف جاهز: بس توك لقيت فرصة اليوم.. وما فوتتها أبدحينها هتف بسخرية حادة: صحيح كنت بأموت لو فوتت شوفتش يا قلبي..كاسرة ببرود محترف: قلبي على طول.. ماعندك وقت.. يظهر قلبك معلقه في مخباك..كساب ببرود أشد احترافا: القلب اللي معلق في المخبا لناس يعرفون قدرهموالقلب الثاني يعجزون ما وصلوه..كاسرة تضايقت من وقاحته الجريئة وهو يوجه لها حوار حميم مثل هذا.. وفي مكان عملها..حتى وإن كانت متأكدة إن أخر ما يقصده هذا الكساب من حواره هو "الحميمية"..لذا هتفت بحزم: يا أستاذ كسّاب..أنت جايني في مكان شغلي.. ومكان الشغل للشغل مهوب للقاءات الأسريةحينها رد عليها كسّاب بسخرية واثقة مباشرة: ليه احنا صرنا أسرة خلاص..((فردت عليه بذات مباشرته الساخرة: تصدق المأساة ذي؟؟ يا حرام..استشعر فورا ذكائها الخطر.. فهو ابن سوق بالفطرة .. اعتاد على سبر أغوار محدثيه قبل اتخاذ القرارات..همس بنبرة متلاعبة :إيه والله حرام.. خلاص عندش شهر تعودين على فكرة المأساة ذيوإلا تكونين ما تدرين إن زواجنا تحدد بعد شهر..((كاسرة ردت عليه بذات نبرته المتلاعبة كما لو كانا في مبارة كرة قدم يتقاذفان الكرة بينما على ذات المستوى من القوة والندية:وش ظنك؟؟ إنه ممكن يتحدد موعد عرس وانا ما دريت فيه..بس بصراحة..ما تخيلتك مأساة بذي الطريقة.. يعني شهر ما أدري تكفيني أتاقلم معها وإلا لارد عليها بنبرة أكثر تلاعبا فيها رائحة خبث شاسع: ترى كلمة مأساة أحيانا تحتمل الإيجابية فوق مضمون الإيجابية نفسهعشان كذا ترا مضمون الغزل وصلني خلاص وفهمته..حينها ردت عليه بخبث كخبثه: تدري وش هي مشكلة أصحاب الذكاء المحدود((يفهمون اللي يبون على كيفهم عشان يريحون عقولهم الصغيرة اللي فهمها على قدهاحينها ابتسم كسّاب ولا تعلم لما شعرت في داخلها باستغراب ما.. بدا لها منذ رأته للوهلة الأولى.. أنه مخلوق لا يعرف الابتسامفإذا به يبتسم..

وابتسامته رائعة أيضا..

 

 

 

التعليقات

للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا