#نشرة_الموت
فتح ستيف باب منزله الصغير الكائن من دور واحد بقوة وذلف داخله تاركاً الرياح الباردة تغلق بابه، نزع حذائه كيفما كان وجال بنظره لحظة فيما حوله فرأى قنينة للمياه الغازية تتوسط الطاولة الصغيرة أمام الكنبة الكبيرة ذات الحجم الملكي.
أخذ العلبة الباردة بفعل الجو زوي الحرارة المنخفضة وفتحها بانفعال وحاول أن يفرغ محتواها في جوفه دفعة واحدة إلا أنه كاد أن يختنق بما يشرب فتوقف في آخر لحظة وهو يسعل.
رمى العلبة بعيداً تاركاً ما بقي منها من سائل غازي ينسكب على الأرض محدثاً تلك المفرقعات المحببة للنفس الناتجة عن الغازات التي تتخلل المشروب وهو يسب ويلعن ويشتم شخصاً لا يعرف كنيته إلا هو.
وبعد لحظات تخللتها أنفاس ثقيلة لعق طرف فمه الأيسر بلسانه ليتذوق طعم الدماء النازفة منه ويبتسم ابتسامة من خاب أمله ثم قال: كل شيء بدأ من ذلك الحقير تومس صاحب اللسان السليط الذي لطالما سخر منا، يسخر من كل شيء فينا يسخر من مؤهلاتنا الدراسية يسخر من رواتبنا يسخر من حالتنا الاجتماعية ويسخر من أشكالنا.
مع أننا نعلم جميعاً أن ما جعله يصبح رئيساً علينا هو زواجه من ابنت مدير الدائرة التي خدعها بكلامه المعسول ووعوده الكاذبة، ثم أطلق ضحكات عالية تجلجل صداها في المكان وأردف قائلاً: ما أجمل تلك اللكمة التي عالجت بها وجهه قبل أن تصل قبضته إلي ولكن اللعين كان قوياً فعاد واستعاد توازنه وباغتني برفصة مؤلمة في معدتي ثم انقض على تومس كالنمر وهاله من اللكمات الساحقة إلى أن سمع زملائنا في المكاتب الأخرى الجلبة التي أحدثناها فهرع كلاً منهم للانضمام إلى من يرونه صائباً أو مقرباً لنفوسهم. مشادة كلامية تبعتها معركة دامية لم تتوقف إلا في اللحظة التي أخرج بها صديقي جوليان ذلك المسدس من جيبه.
ثم أخرج جاك صديق تومس مسدسه هو الآخر من الدولاب الموجود في مكتبه وعاد إلينا ليطلق النار على .....
لحظة ما هذا من الذي شغل التلفاز في غرفة الجلوس لا يوجد أحد غيري في المنزل، لأذهب وأرى. ودخل ستيف إلى غرفة الجلوس ليجد جهاز التلفاز مفتوحاً وهو يعرض نشرة أخبار السادسة فاستسلم لما كان وجلس قبالته وهو يقبض بيسراه جهاز التحكم وأخذ يستمع إلى النشرة وهو يقول مبتسماً "هيا يا سيليا أيتها المذيعة الجميلة والمتألقة ماذا لديك لنا اليوم؟" فتقول مذيعة الأخبار بدورها للمشاهدين أهلاً ومرحباً بكم في نشرة السادسة معكم سيليا وخبرنا الأول (صرح مصدراً مسئول في وزارة الداخلية على أهمية الحد من غلاء أسعار بعض السلع الاستهلاكية وتشديد الرقابة على المراكز التي تبيع وتستورد تلك السلع) ثم بدأت شاشة التلفاز بعرض فيديوهات ومشاهد تدعم الخبر بما يلزم وستيف لا يزال يحدق بالشاشة بعيون خاوية ومن غير اهتمام حقيقي بما يشاهد.
ثم انتقلت المذيعة سيليا إلى الخبر الثاني حيث قالت (حدثت اليوم مشادة كبيرة في إحدى الدوائر الحكومية بدأت بعراك بسيط ثم تطورت ليسقط على إثرها جرحى وقتلى مما استدعى الحضور السريع لسيارات الإسعاف ورجال الشرطة لإنقاذ الجرحى ومعاينة أسباب الحادث ونقل من مات منهم إلى مثواه الأخير) وكما في الخبر الأول بدأت الشاشة تعرض صوراً لحادث المشادة داخل الدائرة الحكومية حيث بدأت الكاميرا تنتقل من وجه إلى آخر من وجوه الضحايا فبين جريح وآخر وميت مسجى على الأرض يعلوه ميت آخر، فقال ستيف بعد أن أطلق زفرة باردة "مزعج أن ترى وتسمع مثل هذه الأخبار خاصة عندما تكون جثتك من بين الجثث".
بقلم: #عبدالوهاب_محمد_العميري
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا