Yشجرة السدرة والديوانية
كان هناك منزل في مدينة الأحمدي خاص بموظفي القطاع النفطي، وقد تميزت المنازل في هذه المنطقة بكثرة الزراعات المحيطة بها من حدائق وأشجار كثيفة وهي شبيهة بالدول الأوروبية التي من الله عليهم بكثرة الأشجار والطبيعة الساحرة والنباتات الجميلة الرائعة ومن هنا نبدأ قصتنا مع أحد منازل مدينة الأحمدي.
كانت هناك عائلة كويتية تسكن أحد هذه المنازل، تتكون هذه الأسرة من (3) أولاد و(4) بنات بالإضافة إلى الأب والأم، وكانوا يعيشون في منزل (مسكون) وهم لا يعلمون بالأمر شيئاً إلى أن بدأت الأحداث تتوالى عليهم تباعاً وازدادت الأمور إلى أن وصلت لأصدقاء الأولاد في الديوانية (ديوانية شبابية تقام فيها الحفلات الموسيقية بالإضافة إلى اللعب والتبادل الفكري، وكانت تضم العديد من الأصدقاء القدامى للعائلة وأولادهم والشباب الجدد الذين يحضرون للاستمتاع بالجو الموسيقي الذي كان يقدم من قبل أولاد العائلة الذين كانت لهم خبرة بمجال الموسيقى وتعلم الجديد في هذا المجال، وكان يأتي إلى الديوانية كبار الفنانين الذين كانوا يحيون الحفلات الخاصة ويغنون الأغاني الشعبية الكويتية المعروفة وكان الجميع يستمتع بما يقدم وكانت العلاقات قوية مع مختلف الفنانين والعازفين وهذا حال بعض دواوين أهالي الكويت).
المعلوم لأصحاب المنزل والأصدقاء أن هناك شجرة تدعى (سدرة) وهي معروفه لأهل الكويت والمنطقة بأنها سكن للجان، وهذا متفق عليه، وكانت السدرة لصيقة بالديوانية المذكورة و لم يشعر بها أحد، وكانوا يعتبرونها شجرة طيبة ومصدر للظلال ولم يكون هناك أي أحداث تذكر قبل إقامة السمرات والعزف والحفلات التي كانت تقوم الديوانية ولكن بعد مرور الوقت بدأت أحداث تشيب لها الرؤوس، وكانت غريبة على العقل وكأنها من وحي الخيال وتلك الأحداث حقيقية لوجود شهود عيان عليها أحياء لوقتنا هذا، وقد تمت كتابة القصة بعد سماع ومشاهدة هذه الأحداث وسوف أروي كل قصة على حدا لأن كل فرد كانت له قصة منفردة أو بمشاركة بعض الأصدقاء ولنبدأ ...
قصة البداية:
كان الولد الأوسط لهذه العائلة مهتماً بالعزف على الآلات الموسيقية والاستماع إليها وكان يعزف الإيقاع (الطبلة) بالإضافة إلى بعض الآلات الأخرى، وفي يوم من الأيام وبعد الانتهاء من سمرة كان يحيها فنان مشهور وهو من النجوم الآن، ذهب الجميع إلى منازلهم ولم يكن هناك سوى أصحاب المنزل، في منتصف الليل تقريباً ذهب الأولاد إلى غرفهم، وبينما الولد الأوسط ذاهباً إلى الحمام أمسك بأحد الإيقاعات (الطبلة) وأخذه معه إلى الحمام حيث كان متأثراً بالسمرة التي كانت في الديوانية وبدأ يعزف عليه وبعد دقائق سمع صوت طفلة تبكي داخل الحمام وكان صوتها عالياً وحين نظر إلى مكان الصوت اندهش مما سمع ورأى حيث كانوا أصحاب المنزل نائمين بهذا الوقت وكان لديه بنت أخت صغيرة فلم يبال بالأمر لأنه ظن أن الصوت هو صوتها فلم يكترث وزاد بالعزف بعد أن سكت الصوت عن البكاء، وبعد دقائق من ذلك سمع البنت تبكي من جديد ولكن بصوت أقوى وأبشع وحين نظر إلى مكان الصوت وجد بنت صغيره واقفة أمامه تنظر إليه وتبكي فدب الذعر والخوف في قلبه ثم خرج صوت آخر شبيه بصوت امرأة عجوز يدعوه للتوقف عن العزف لأن أصحاب الأرض أصبحوا منزعجين من العزف وارتفع الصوت بالبكاء أكثر مما جعله يكاد يجن من الكلام والبكاء، وعلى الفور رمى الإيقاع من يده على الأرض وركض إلى خارج الحمام متجهاً إلى غرفته الملاصقة لهذا الحمام، ومع العلم بأن الحمام يقع قرب شجرة السدرة المذكورة وبعد أن وصل إلى غرفته سأل أخاه الأصغر عن الصوت الغريب الذي سمعه وكانت حالة الولد الأوسط مزرية ويكاد الخوف يخرج من عينيه فأجابه بأنه لا يوجد أحد مستيقظ في هذا الوقت من الليل وما سمعته وشاهدته هو أحد من الجان الذي يعيشون معنا في المنزل، وكانت امرأة من الجان وأطفالها هم من يسكنون الحمام وبعد سماع هذه الأخبار بدأوا بالبحث والسؤال عن هذا الموضوع حيث لم يأتيهم النوم تلك الليلة فأصبحوا يسألون الأصدقاء عن هذه الأصوات والأحداث التي تمت وبعد البحث والتحقيق أثبت الجميع بأن الجان هو مصدر كل هذا.
بدأ الوضع يرجع إلى سابقه وعاش الأولاد يرتعبون من ذلك الوقت ولكنهم تأقلموا على الوضع القائم وبعد مرور شهر على هذه الحوادث التي تمت قام الأولاد بدعوة أحد الفنانين لإحياء حفلة خاصة في المنزل وعند بلوغ باب المنزل توجس وخاف كثيراً ودخل من الباب ولاحظ السدرة المذكورة وحينها توقف هو ومن معه وكان معهم الولد الأوسط فسأله هل من شيء(، فقال: لماذا توقفت عن الدخول إلى حديقة المنزل وأنت ذاهب إلى الديوانية، فقال له الفنان وهو خبير في أمور الجان ويحتفظ بتجارب كثيرة بهذه المواضيع والأمور: بأن منزلكم مرعب وبه الكثير من الجان وأن الجان ساكن بشجرة السدرة الموجودة بالحديقة وأن هناك عشائر من الجان تسكن فيها، فاستغرب الولد الأوسط مما سمع وبدا مندهشاً وخائفاً وأيقن أن هناك جان يسكن معهم ويشاركونهم العيش بهذا المنزل وعليه دخل الفنان والذين كانوا معه إلى الديوانية لبدأ السمرة المتفق عليها ودخل معه الولد الأوسط ولم يقل لأحد عما سمع من الفنان حتى انتهت السمرة، وبعد أن ذهب الفنان ومن معه اجتمع الولد الأوسط بإخوانه وأصدقائه وبدأ يسرد لهم جميع الأحداث التي جرت والكلام الخطير الذي قاله الفنان عن عشائر الجان التي تسكن في منزلهم مما أصاب الدهشة جميع الحاضرين، وبدأ الرعب يخيم على الجميع دون استثناء وبعدها ذهب الجميع إلى منازلهم ما عدا اثنان من الأصدقاء ظلوا متواجدين مع أصحاب المنزل في الديوانية لتقضية باقي الوقت حتى الصباح وكان ذلك أثناء الإجازة الدراسية، وبعد مرور ساعة على ذهاب الأصدقاء سمع المتواجدون في الديوانية أصواتاً على السطح هذه الأصوات أشبه بأرجل (الخيول) وهي تدوس على السطح بشكل عنيف وكان الصوت يملأ السطح بأكمله وكان هناك العديد من الأرجل التي تدوس وتجري فوق السطح وتصدر أصواتاً أشبه بعاصفة ويكاد السطح أن يسقط من شدة ركل الأرجل فذهب الولد الأوسط ومن معه إلى الخارج لمشاهدة ما يحدث وحين خروجهم من الديوانية والنظر إلى أعلى السطح فوجئ أنه لا يوجد أحداً في السطح ولاحظ أن شجرة السدرة بدأت تتمايل يميناً ويساراً مع العلم بأنه لم يكن هناك رياح فصعق الجميع مما شاهدوه في الخارج وعندها دخل الجميع مرة ثانية إلى الداخل حيث توقف الصوت فجأة فبدأ الجميع يتحدث عن الحالة الجديدة فبشرهم الولد الأوسط بما كان يخفيه في جعبته حين قال للجميع بأن هناك عشائر من الجان تسكن بالسدرة وأنه سمع ورأى بنت صغيرة بالحمام منذ فترة واليوم قال لي الفنان أن هناك عشائر في منزلنا وأن هذه الأعمال عمل الجان حيث إن الجان كان منزعج من سمرة الفنان الذي أحياها في تلك الليلة بالديوانية والظاهر أن الجان مستاء من ذلك الفنان بأن أفشى سرهم وهذه الأحداث هي انتقام منهم ومنا وعلينا أن ندرك هذه المعلومات وأن لا نخاف وأن نستمر الأماكن في الكويت والعالم ككل وعليه استمر الأصدقاء بالجلوس بالديوانية واستمرت الحالة إلى أيام معدودة فقط.
بعدها بأيام زار أحد الأصدقاء الديوانية وكان جالساً إلى وقت متأخر من الليل حيث كان يلعب ألعاب الفيديو وحده وفي منتصف الليل أنطفأ التلفاز فجأة دون أسباب فذهب الشخص لتشغيله ولكن ذلك لم يحدث حيث شاهد الشخص ضوء أبيض فاقع يسيطر على شاشة التلفاز واندهش مما رآه وظن أن التلفاز به عطل أو شيء يجب تصليحه فذهب لتشغيله وعند ضغط المفتاح الخاص بالتشغيل سمع دبيب قوي على سطح الديوانية وكأن شيء يسقط فوق السطح فذهب إلى الخارج لرؤية ماذا يحدث وتخيل أن أصحاب المنزل يلعبون معه وأنهم من قام بذلك ولكن عند خروجه لم ير أي شخص بالخارج وأن أصحاب المنزل نائمين ولا يوجد أحد في هذه الساعة من الليل فأدرك أن هذا عمل من أعمال الجن وأن هذه الحالة مشابهة للحالة السابقة وعليه ترك ما كان يعمله من لعب فأخذ أغراضه الخاصة وبدأ هارباً من الديوانية مترجلاً على قدميه إلى الخارج مبتعداً عن المنزل وبعد توقفه لوحظ أنه قطع مسافة 3 كيلو متر وهو لا يشعر من شدة الخوف الذي حل به وعلى الفور ذهب لمنزله وقام بالاتصال بأصحاب المنزل أصدقائه وسرد لهم القصة بالكامل حيث كان يرتجف من شدة الخوف ولم يفهم الولد الأوسط ما قاله من شدة ارتباكه والذي فهم منه أن البيت مسكون وهذا أمر فظيع وأنه لم يكن آخر من يخرج من الديوانية في الأيام المقبلة وأنه سوف يكون زائر بالأوقات التي يكون بها الجميع متواجد وأنه لا يمكن أن يجلس لوحده مرة ثانية أبداً.
أما أغرب الأمور التي جرت بهذه الديوانية هو أنه كان هناك أحد الأصدقاء ينام بالديوانية ذات اليوم حيث الجميع كان يسهر بالديوانية كالمعتاد ولكن ذلك اليوم المشؤوم ذهب جميع الأصدقاء من الديوانية فبقي جالساً الولد الأوسط وجمع من الأصدقاء، وكانوا يتحدثون عن الجان الذي في السدرة وكانوا مسترسلين بالحديث ولكن عند الساعة الثالثة بعد منتصف الليل شاهدوا حدث لا يقبله العقل وهذا الحدث كان على النحو التالي: الولد الأوسط جالس مقابل صديقه حمد وكانوا الاثنين متقابلين وكان الولد الأوسط يجلس وظهره خلف شجرة السدرة المذكورة وفجأة بينما كان يتحدث مع صديقه حمد إذا به يرى وجه حمد يتقلب، وبدا مندهشاً، فسأله: ماذا بك يا حمد؟ .. لماذا أنت على هذا الحال فبدأ متلعثماً بالكلام ولا يكاد الكلام يخرج من فمه، فبدأ يشير إلى الحائط الذي خلف الولد الأوسط فبدأ الأخير في رؤية ما كان يراه فصعق مما رأى حيث وجد فتحة دائرية كبيرة فوق محل جلوسه وهذه الفتحة كانت في غاية الغرابة، ومن خلالها أصبحوا يشاهدون شجرة السدرة وكأنه لا يوجد حائط بهذا المكان، فتوقف تفكير الصديقين كما أنهم لم يستطيعوا تصديق ما رأوه، وعليه خرج الصديقان مسرعان إلى الخارج تاركين الديوانية مندفعين إلى داخل المنزل حيث أهل المنزل، وبدأ السؤال عن سبب تواجدهم داخل المنزل، فحدث الولد الأوسط أهله عما كان يحدث وما حدث لهم في الديوانية، وأن الأمر أصبح شديد الغرابة والخوف فذهب جميع أفراد العائلة المتواجدة إلى الديوانية ولكنهم لم يجدوا شيئاً حتى الفتحة التي كانت في الحائط اختفت ولكن عند خروجهم من الديوانية قفل الباب من تلقاء نفسه وبدون أن يلمسه أحد وبعدها أيقن أصحاب المنزل أن الجان يتحكم بالديوانية والمنزل ولا بد أن تهجر الأسرة المنزل وفعلاً بعد أشهر قليلة تم ترك المنزل والذهاب للسكن في منطقة أخرى وتركوا المنزل وشجرة السدرة إلى الآن حيث المزيد من الأحداث، وإلى الآن لا يزال المنزل على حالته ولم يسكنه أحد حتى هذا اليوم.
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا