12. سيزيف:
كان سيزيف أو سيسيفوس أحد أكثر الشخصيات مكراً بحب الميثولوجيا الإغريقية، فهو ابن الملك أيولوس ملك ثيساليا وإيناريت، وأول ملك ومؤسس مملكة إيفيرا. وهو شقيق سالمونيوس ووالد غلاوكوس، وجد بيليروفون.
عمل سيزيف بالتجارة والإبحار، لكنه كان مخادعا وجشعا، فخرق قوانين.
وأعرف الضيافة بأن قتل المسافرين والضيوف. وقد صوره هوميروس ومن تلاه من الكتاب واشتهر لديهم بأنه أمكر وأخبث البشر على وجه الأرض قاطبة وأكثرهم لؤما.
أغرى سيزيف ابنة أخيه وخدعها فساعدته، واغتصب عرش أخيه وأفشى أسراره. فنال عقابه. وكان عقابا مريراً. حيث أرغم على دحرجة صخرة ضخمة على منحدر، وفي كل محاولة وقبل أن يبلغ قمة التل، تفلت الصخرة دائما منه؛ ويكون عليه أن يبدأ الصعود من جديد.
كانت تلك العقوبة ذات السمة جنونية التي عوقب بها سيزيف جزاء لاعتقاده المتعجرف بأنه أذكى من الجميع واقترافه أعمال قتل وحشية.
وقد رأي البير كامي في مقال نشر عام 1942م بعنوان "أسطورة سيزيف" أن سيزيف بجسد هراء وسخف ولا منطقية ولا عقلانية الحياة الإنسانية.
13. على الزيبق (المصري):
على الزيبق شخصية حقيقية، وحكاية على الزيبق يكاد يعرفها كل المصريين تقريبا، وخاصة بعد تقديمها في عمل تليفزيوني. وتدور أحداث تلك الحكاية بين مصر وبغداد، وتحكي قصة فساد كبيرة يشترك فيها كل أطراف السلطة، ابتداء من الخليفة وانتهاء بالعسكر والعسس، والكل في دائرة الفساد مشترك. ومن كثرة الفساد أصبحت مقولة "حاميها حراميها" قولا وفعلا. فالمسؤول عن حفظ الأمن والملقب باسم "المقدم سنقر الكلبي" اختاره الوالي لتجنب فساده وسرقته فجعله على رأس جهاز الأمن ليضمن أنه لن يسرق إلا بإشرافه وتحت رعايته.
وأحداث هذه السيرة تلقى الضوء على حياة المقدم "حسن رأس الغول" والد "على الزيبق"، وصراعه مع ثنائي الشر، المقدم "سنقر الكلبي" والمقدمة "دليلة المحتالة"، اللذين تكالبا على "رأس الغول" وأهلكاه، فجاء "علي" لينتقم من هذا الظلم والطغيان، خلافا لرغبة أمه "فاطمة الفيومية"؛ التي كانت تريد لابنها حياة آمنة مستقرة. إلا أنه سلك مسار أبيه في الانتقام من "سنقر الكلبي"، ولقد حارب "على الزيبق" سنقر الكلبي بالحيلة والذكاء فتغلب عليه وعلى "دليلة"، واستهزأ به أمام العامة والخاصة، وحينما تسوء الأمور في أثناء أحداث هذه الملحمة، كانت الأم تظهر لتدافع عن ابنها وتنقذه من المهالك مرة بعد مرة.
وقد جاء احتلال "الزيبق" لهذه المكانة المتميزة في عقول المصريين وقلوبهم نتيجة ما يمثله ذلك اللص الشريف من تحقيق قيمة العدل، المبنى على أساس أن الجزاء من جنس العمل، فكما تسرق السلطة أقوات الناس وأحلامهم، يسرق "الزيبق" ممثل الشعب من السلطة التي أتسولت على الثروات بالبسط والطغيان، وما "الزيبق" إلا مندوب لإعادة توزيع هذه الثروة المنهوبة؛ وهكذا كان نصيراً للمظلومين دائما.
وأهم ما يميز قصة "على الزيبق" هي علاقته بأمه التي كانت على قدر كبير من الجمال، وهي لا تلقي بابنها إلى التهلكة، لكنها أيضاً لا تحرمه من أخذ حقه، والاعتراض على الظالمين. وإذا اشتد الكرب، ونفت حيل ابنها وبات على بعد خطوات من الموت تظهر فاطمة لتنقذ ابنها من الموت، بشجاعة واستبسال. وإذا غرر به أحد وأرسله إلى الصحراء ليموت من الجوع والعطش، جاءت إليه لتطعمه وتسقيه. وإذا التفت حول رقبته حبل المشنقة جاءت إليه لتنقذه بشجاعة ألف فارس. وإذا فشل في حبه واكتشف غدر حبيبته ضمته إلى صدرها لتعوضه عن حنانه المفتقد. هذه هي الأم تتصدر مشهد البطولة دائما؛ والتي يقول عنها نقاد الأدب ودارسوه إنها ترمز للوطن، لا تطالب أبناءه بما لا يستطيعون.
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا