7. بيرام وتسيبيه:
في إحدى أساطير بابل؛ يحكي أن شابا جميلا يعيش في بيت ملاصق لبيت أجمل بنات المدينة. لعبا معا منذ الصغر وكانا يتقابلان دائما. وعندما أصبحا، في سن الشباب كانا يخرجان إلى الخلاء لقضاء وقتهما معا.
لم يستطع بيرام الانتظار؛ واتفق مع حبيبته تسيبيه أن يأتي إلى دارها مع والدة لخطبتها. لكن الأب رفض الذهاب مع ابنه لأن البنت جميلة جداً ومطمع لكل شباب المدينة. وهو لا يريد التعاسة لابنه معها. ورفض والد العروس تلك الزيجة أيضاً. وأدى ذلك إلى خلافات وتشاجر بين العائلتين وإحياء عداوات قديمة كانت قد اندثرت. لكن الحبيبين ظلا على ما كانا عليه؛ وزاد البعد من حبهما وهيامهما. فنظم الشعر وألف مقطوعات موسيقية؛ وبكت الحبيبية وقضت لياليها حزينة.
وكان البيتان متلاصقين؛ وجدار غرفة بيرام ملاصق لجدار غرفة حبيبته. والجدار الذي يفصلهما مشترك بين البيتين. وقد تسبب أحد الزلازل في تشقق ذلك الجدار وأحدث فتحة بين الغرفتين. ومن خلال تلك الفتحة استمعت الحبيبة إلى موسيقى حبيبها وتلقت رسائله الشعرية.
تواعد الحبيبان على لقاء عند شجرة يعرفانها على أطراف غابة قريبة حتى يدبرا أمرهما؛ ويحاولا التخلص من تلك النكبة التي ألمت بهما. وصلت الحبية تسيبيه أولا وجلست تنتظر حبيبها. لكنها فوجئت بعد دقائق بلبؤة قريبة منها في الأدغال. فانطلقت تركض بسرعة. لم تعبأ بها اللبؤة لأنها كانت قد انتهت من تناول وجبة عبارة عن فريسة ضخمة قبل ساعة واحدة. التفتت اللبوة فوجدت وشاح تسيبيه الأبيض؛ سقط منها وهي تركض. فلعبت فيه اللبؤة بفمها ومخالبها فأصابه بعض ما بهما من دماء.
صورة
أما الفتاة فقد ظلت تركض حتى وصلت إلى شجرة ضخمة بداخل جذعها الكبير مخبأ؛ فدخلت فيه. في حين وصل بيرام بعد قليل للمكان المتفق عليه وهو متلهف لرؤية حبيبته. وصادف وشاح حبيبته وفزع بشدة لما رآه مخضبا بالدم. إنه يعرف هذا الوشاح جيداً فقد شاهد حبيبته تضعه على كتفيها عدة مرات قبل ذلك. ظن الفتى أن أحد الوحوش قتل فتاته. وظل يركض حائراً هنا وهناك. وفي النهاية وبعدما شعر باليأس؛ أخرج سيفه وأغمده في صدره بكل قوة؛ وسقط على الأرض يتجرع آلام الموت.
وبعد أن كانت تسيييه قد هدأت؛ خرجت من مخبأها وبحثت هنا وهناك؛ وفجأة شاهدت جثة ملقاة بعيداً على الأرض. وعندما وصلت ووجدت أنه حبيبها حاولت إنقاذه دون جدوى.و فجأة قال بيرام كلمة واحدة: "تسيبيه" وتبسم ثم مات صاحت تسيبيه: "بيرام.. بيرام.. لابد أن تعيش يا حبيبي.. لكنه مات. ندمت تسيبيه على طلبها لقاء حبيبها؛ ونظرت إلى الأرض وبدأت تنتحب.
ملاحظة:
تكاد تكون هذه القصة مطابقة تماما لمسرحية روميو وجولييت التي كتبها الكاتب الإنجليزي الأشهر "وليم شكسبير"؛ ولولا أن هذه القصة الأسطورية استخدمت سببا مختلفا لموت البطل وأن البطلة ظلت على قيد الحياة ولم تقتل نفسها لكان التطابق بين القصتين تام. وهذا يدل على امتزاج الحضارات واستعارتها لقصص من حضارات أخرى وربما جاء التعديل فيها من أجل أن تكون مناسبة للحضارة المنقولة إليها.
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا