حضارة العصر الحجري الوسيط في الشرق الأدنى

  • الكاتب : q8_failaka
  • / 2023-05-23

 حضارة العصر الحجري الوسيط في الشرق الأدنى 

 10000 - 9000 قبل الميلا

بالرغم من أن القليل قد عرف عن الظروف السائدة في الشرق الأدنى في الفترة الجليدية المتأخرة ما بين عام 10000 و9000 قبل الميلاد فإن من الواضح تماماً أن التغيرات المناخية في هذه المنطقة الأكثر دفئاً كانت أقل حدة منها في أوروبا. ولقد أثبتت الأبحاث الحديثة وجود فجوات في الإقامة في الكهوف في المناطق الجبلية في كردستان والأناضول ولبنان وكثافة قليلة في السكان ما بين الألف الخامس والعشرين والألف العاشر قبل الميلاد. كما وأظهرت وجود جموديات محلية في بعض أجزاء الأناضول حوالي الألف العاشر قبل الميلاد ولكن لم يتم التحقق من آثارها بعد من خلال الأبحاث الأثرية

أما في أوروبا فإن تراجع الجليديات نحو الشمال قد سبب اختفاءاً تدريجياً في القطعان الضخمة من الحيوانات العشبية وأصبح طعام إنسان العصر الحجري القديم يعتمد على حيوانات متنوعة أقل وفرة وأكثر رشاقة كالغزال والخنزير البري وعلى عدد من الحيوانات الأصغر حجماً

لقد استطاع الإنسان أن يتكيف مع هذه الظروف الجديدة بطريق مختلفة مطوراً حضارات معروفة باسم حضارات العصر الحجري الوسيط. كان الناس ما زالوا جامعي طعام يؤمنون عيشهم بواسطة الصيد البري وصيد الأسماك وجمع الفواكه وثمار التوت والجوز وغيرها من النباتات الصالحة للأكل. وللمساعدة في البحث عن الطرائد تم تدجين الكلب

الأناضو

يمكن اقتفاء أثر حضارات العصر الحجري الوسيط في أوروبا الغربية عبر مرحلة لا تقل عن ستة آلاف سنة بدءاً من الألف العاشر حتى الألف الرابع قبل الميلاد وعبر فترة أطول في أجزاء كثيرة من أوروبا. ولقد تعاقبت في منطقة بعد أخرى حضارات قامت بتطوير الزراعة البدائية وتدجين الحيوانات. إن مفهومي حفظ وإنتاج الطعام الجديدين لم يثبت إنهما من أصل أوروبي لأنه لا الأسلاف البرية للأغنام والماعز والخنازير ولا القمح أو الشعير كان موطنها الطبيعي أوروبا

إن منشأ الزراعة وتدجين الحيوانات يجب البحث عنه في منطقة تكون فيها الحبوب والحيوانات هذه في موطنها وفي حالة برية أي في الشرق الأدنى. لقد كانت الأراضي المرتفعة والوافرة المياه التي تحيط بالصحراء السورية كالهدف ونجود إيران والأناضول هي البيئة الطبيعية لقطعان الأغنام والماعز والخنازير. كما وإن الأسلاف البرية للقمح والشعير والنباتات المتوسطة الارتفاع تفضل ارتفاع (2000 و3000) قدم فوق سطح البحر. أما النوعان الرئيسيان من القمح في العصور القديمة فقد كان النوع الأول ينتشر في حالته البرية في المنطقة ما بين البلقان إلى غرب إيران، بينما النوع الثاني فإن موطنه يبدو في منطقة بلاد الرافدين وشرق تركيا وبلاد فارس من جهة وجنوب سورية وفلسطين والأردن من جهة أخرى. وكذلك فإن توزع الشعير كان يغطي نفس المنطقة من الأناضول إلى أفغانستان ومن القوقاز إلى الجزيرة العربية. والجدير بالذكر هنا أن هذه المحاصيل الغذائية بالإضافة إلى الأغنام والماعز لم تكون موجودة في مصر

لم يعرف إلا القليل عن مناخ هذه الفترة المبكرة من التاريخ لكن وجود الغابات الكثيفة والمراعي الواسعة التي تضاءلت الآن بسبب الرعي والقطع الجائر للحراج يدل بشكل مؤكد على معدل عال من الأمطار. بطريقة أخرى فإنه يقال أن الشرق الأدنى قبل عشرة آلاف سنة كان له نفس المظهر الطبيعي الذي نعرفه في الوقت الحاضر. على هذه الخلفية، المختلفة تماماً عنها في أوروبا في نفس المرحلة، حدثت تطورات هامة مثل اكتشاف الزراعة وتدجين الحيوانات ووضعت حجر الأساس للحضارة. كل هذه الأمور يجدر النظر إليها على ضوء الدليل الملموس

إن المرحلة التي يعني بها هذا البحث هي الفترة الممتدة من بداية العصر الحجر الوسيط في الألف العاشر قبل الميلاد وحتى نشوء أول الحضارات الكتابية في مصر وبلاد ما بين النهرين عام 3500 قبل الميلاد. هذه الفترة التي تمتد لستة آلاف سنة وأكثر تمثل عصور ما قبل التاريخ. لم يكن هناك أي كتابة ولذلك فإننا نجهل التسميات التي كانت هذه الشعوب المختلفة تطلقها على نفسها كما ونجهل أيضاً اللغات التي كانوا يستعملونها. ومع ذلك فإن من الممكن تكوين بعض الأفكار عن شكل الناس من الأدلة المأخوذة من الهياكل العظيمة كل الهياكل العظيمة التي عثر عليها كانت هياكل الإنسان الحديث ويمكن تمييز عرقين واضحين على الأقل هما عرق إنسان البحر الأبيض المتوسط وعرق الإنسان الأوروأفريقي الأكثر قوة. ويتميز الإنسان في هذين العرقين بطول الرأس

يمكن تقسيم هذه المرحلة الطويلة إلى عدة فترات يختلف طولها من منطقة لأخرى (الشكل رقم 1

1. alàçr alûjri alwsiù (Mesolithic) من 10000 - 9000 قبل الميلاد

ويدعى أحياناً العصر الحجري al/xir al/àlo (Upper Palaeolithic

2. ما قبل العصر الحجري الحديث (Proto - Meolithic) من 9000 - 7000 قبل الميلاد

3. alàçr alûjri alûdiô (Neolithic) من 7000 - 5600 قبل الميلاد

4. العصر الحجري النحاسي albakr (Early چهالچىليتهيچ"ة  من 5600 - 5000 قبل الميلاد

5. العصر الحجري النحاسي al/wsù (Middle ّچهالچىليتهيچ"ة  من 5000 - 4000ق. م

6. العصر الحجري النحاسي al/xir (Late ّچهالچىليهريچ"ة  من 4000 - 3500ق. م

لقد استعملت المصطلحات الفنية التقليدية هنا رغم كونها لا تعني بحد ذاتها إلا القليل

بلغة الاقتصاد تمثل كلمة العصر alûjri alwsiù (Mesolithic) الطور الأخير في مرحلة الجمع الكثيف للغذاء. أما المرحلة الثانية ما قبل العصر الحجري alûdiô (Proto - Neolithic) فهي المرحلة التي حملت الدلالات على ثورة alàçr alûjri aljdid (Neolithic Revolution) المتمثلة بانتقال الإنسان من جمع الطعام إلى إنتاجه بشكل جيد. وفي هذه المرحلة تم ترسيخ عمليتي الزراعة وإنتاج الغذاء. وفي الفترات الأخيرة بدأت الأسلحة والأدوات المعدنية تأخذ مكانها تدريجياً بالإضافة إلى الأسلحة والأدوات التقليدية المصنوعة من الحجارة. وتم وضع الأساس لتطور العصر البرونزي القديم بعد سنة 3500 قبل الميلاد بقليل. ويجب التأكيد هنا على أن التطور الثقافي قد اختلف بين منطقة وأخرى حيث كان متقدماً في منطقة دون المناطق الأخرى. وما زالت بعض المجتمعات حتى اليوم تحافظ على اقتصاد قديم يعود إلى العصر الحجري القديم أو الأوسط وبالتأكيد فإن مجتمعات تنتمي إلى العصر الحجري الثالث ما زالت موجودة في هذا العالم من حولنا. وفي الماضي لم تكن هناك أي فروقات ولم يكن التناقض حاداً بين المزارعين المستقرين والبداة الرعويين كما هو الآن في آسيا

لقد أظهرت الأبحاث الحديثة بشكل حاسم أن الحضارة لم تتطور في منطقة محددة في الشرق الأدنى ومن ثم تنتشر منها. إنما على النقيض من ذلك فقد عرفت ثلاث مناطق على الأقل للحضارة في الشرق الأدنى وهي المنحدرات والوديان الغربية لجبال زاغروس ومناطق التلال التركية في بلاد ما بين النهرين وهضبة الأناضول. (الشكل رقم 2

في نهاية العصر الجليدي تقريباً أي قبل حوالي 12 ألف سنة ظهرت مجموعات من البشر في الشرق الأدنى وأواسط آسيا تميزت باقتصاد يعتمد على جمع الغذاء وكان من بين الملامح الجديدة éhwr /dwat çwaniâ jdidâ tsmo (Microlithes) وهي غالباً ذات أشكال هندسية ولها مقابض من العظام والخشب تستخدم في تشكيل أدوات مركبة وأسلحة متنوعة. وهناك مؤشرات صغيرة ودقيقة تدل على أن هؤلاء الناس كانوا يستعملون القوس والنشاب الذين اعتبروا تطوراً تقنياً هاماً في مجال الصيد. ومن خلال المختلفات التي تركوها في الكهوف أو في المواقع المكشوفة يستطيع الإنسان أن يستنتج شكلاً أكثر تركيزاً في عملية جمع الغذاء. ومن المفترض أنهم عاشوا في مجموعات أكبر عدداً من أسلافهم وكذلك كانوا أكثر تنظيماً. ولكن ليس هناك أي أثر للجاروشة أو حجر الطحن الذين يدلا على بداية وجود الوجبة الغذائية النباتية. ولم يترك هؤلاء الناس أي أدوات ترف يمكن أن يكون لها دلالتها على الراحة والتحرر والتخلص من عملية البحث الدائم عن الطعام

لقد انحدرت هذه المجموعات البشرية في العصر الحجري الوسيط من صيادي العصر الحجري القديم الأعلى ولكن هناك بعض الدلالات على أن إحدى هذه الحضارات وهي الحضارة الزارزية قد جاءت من سهوب روسيا فيما وراء القوقاز. وبالرغم من أن هذه المعلومات غير مؤكدة تماماً إلا أن استعمالهم للزجاج البركاني al/swd "al/wbsidian - Obsidian) يدل على علاقتهم مع منطقة شمال وغرب بحيرة فان حيث تتوفر هذه المادة

ومن أغنى المواقع الأثرية لهذه alûëarâ mwqà îanidar (Shanidar) السوية (B.2) الواقع إلى الجنوب من الحدود التركية المؤرخ بواسطة الفحم المشع (10000) سنة قبل الميلاد ويمكن أن يكون قد انتهى في حوالي عام 9000 قبل الميلاد

وفي الشرق وجدت حضارة تعود إلى العصر الحجري الوسيط لصيادي al/smak walêzvn fi khwf bilt (Belt) وهوتو (Hotu) وفي كهوف جبيل (Dicbel) في تركستنا الغربية

وفي فلسطين ولبنان وجدت حضارات /xro tdào alkbariâ (Kebaran) ومعها النبكية في المنحدرات الشرقية لجبال لبنان إلى الشمال من دمشق. أدوات هذه الحضراة المختلفة تماماً عن الميكروليتية تدل على أنها من أصل مختلف عن الحضارة الزارزية وإن كانت تشبه قليلاً الحضارة الحجرية الوسيطة المعروفة باسم (البلباشي) التي ظهرت على شواطئ الأناضول المتوسطية إلى الجنوب الغربي من _nùalia (Antalya)

ومع أن هذه الحضارة الأخيرة (بلباشي) أغنى بكثير من حيث النماذج المتضمنة رؤوس السهام ذات الأغماد فإن لها ملامحها الخاصة. لم يكن الزجاج البركاني الأسود (Obsidian) معروفاً في حضارة (بلباشي) أو الحضارات الكبارية مما يفترض وجود اتصال بسيط أو عدم وجود أي اتصال على الإطلاق مع هضبة الأناضول

إن أصل حضارة (بلباشي) ذو أهمية كبيرة لأنه في هذه الزاوية فقط من الشرق الأدنى اكتشفت نقوش وأعمال فنية تعود إلى العصر الحجري القديم الأعلى في كهوف (كارا أن) و(أوكوزولو ان) وفي الملجأ الصخري في (بيلديبي)

والأكثر من ذلك فإنه من المحتمل أن حضارة ما قبل العصر الحجري الحديث في (بيلديبي) كانت تطوراً لحضارة (بيلباشي) الأمر الذي يشكل تسلسلاً بين هذه الحضارات غير معروف في أماكن أخرى

........).......).)....ل...د

التعليقات

للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا