الحضارة الصينية

  • الكاتب : q8_failaka
  • / 2023-04-17

الحضارة الصينية
هي تلك الحضارة التي ازدهرت في حوض النهر الأصفر الخصب الذي يتدفق عبر سهل شمال الصين، والتي امتدت بالتوارث، وعرفت بحكم السلالات، والتي تعتبر رابع حضارة من حيث القدم في فترة ما بعد الطوفان. 
المكان: كل شوارع الإمبراطورية الصينية. 
الزمان: صباح 1 يناير من عام 1912. 
الحدث: مظاهرات عارمة تجتاح الشوارع، التجمعات في كل مكان، ولا سيما المقاطعات الريفية التي تمردت على حكام الإقطاع التابعين للإمبراطورية، الشعب كله حاضر ولم يتغيب أحد، معلنين عن استمرار ثورة "شينخاي" أو "شينهاي"، أو ثورة 1911، والتي كانت قد بدأت بما يعرف بعصيان "أوهان" في 10 أكتوبر من العام الماضي 1911م، لقد مر من الوقت بضع شهور والفوضى والتسيب في كل مكان، لكنهم صامدون لا يعانون من الضرر، فالفوضى والإهمال هو شيء قد اعتادوه لمدة قرن من الزمان، طيلة حكم سلالة "تشينغ" والذي أسموه بـــ "قرن الإهانة". خرج الجميع يبحث عن الحرية وفي الخلفية ماضٍ وضيع ومُخزٍ، فبعد أكثر من ألفي عام من التاريخ والأمجاد، شهدت البلاد قرناً كاملاً انحدرت الصين فيه إلى القاع ولم تواكب الدول الحديثة، تعاني من الثورات الداخلية والحروب الأهلية القاتمة، والتحكم الدولي في شؤونها الداخلية من قبل الإمبراطوريات الأخرى وكل من هب ودب، أصبحت التعاليم "الكونفوشيوسية" التي وطدت حكم سلالة "تشينغ" للبلاد موضع تساؤل، فأين هذه القيم؟! أين القيم التي أسسها "كونفوشيوس" أول فيلسوف صيني يؤسس مذهباً يتضمن كل التقاليد الصينية عن السلوك الاجتماعي والأخلاقي، والذي وضع فلسفته لكي تكون قائمة على القيم الأخلاقية الشخصية، لذا أطلقوا عليه لقب نبي الصين. 
الكل قد عاش حالة انعدام ثقة بالثقافة القومية منذ سنوات، وكان هذا قد دفع البلاد إلى حالة من اليأس العام وعدم الشعور بمستقبل أفضل، ما أضطر أكثر من 40 مليون فرد من الشعب، أي ما يعادل 10% من تعداد السكان، إلى إدمان مادة "الهيروين" المخدرة. 
إمبراطورية "تشينغ" قد ماتت إكلينيكياً بالفعل منذ فترة، لا سيما منذ قمع "ثورة الملاكمين" عام 1900م، التي أخمدت من جانب التدخل السافر من تحالف قادته ثمانية من الدول العظمى في ذلك الوقت (روسيا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والإمبراطورية النمساوية المجرية). لقد ماتت بالفعل تلك الإمبراطورية منذ ذلك الوقت، لكنهم كانوا ينتظرون بطلاً، في ظل عدم وجود نظام حاكم بديل يأخذ بمقاليد الحكم، ما اضطرهم للتأجيل إلى ذلك اليوم المتأخر، فالآن ظهر فيهم بطل، فاستجاب الجميع له ولمجموعة الرفقاء الثائرين الذين أطلقوا على أنفسهم "جمعية التحالف الثوري الصيني"، الذي أسسه البطل الذي تبعه الجميع "سون يات سين" القائد السياسي الحر والفيلسوف والمنظر الثوري، والذي دعا للإطاحة بالنظام الحاكم والبلاط الإمبراطوري. خطة "سين" لم تكن وليدة هذا العام، بل هي أقدم، ففي عام 1904م كان "سين" يهدف لتنفيذ قرارات لا غنى عنها: (الإطاحة بأسرة تشينغ - إحياء الصين الميتة - إقامة الجمهورية - توزيع الأراضي الملكية بالتساوي بين الناس)، مهتماً بفرض مبادئ القومية والديمقراطية والرفاهية، وفي العشرين من أغسطس 1905م، انضم "سين" لهؤلاء الثوريين الصينيين الذين يدرسون في "طوكيو" اليابان، وبعد اتحادهم أسسوا جمعية التحالف الثوري الصيني، الداعية للاحتجاجات في الصين، وبحلول 1906م، بلغ أعضاؤها 963 شخصاً، أما الآن فالشعب كله مستجيب، خرجوا للشوارع في انتظار قائدهم "سين"، الذي أخبرهم أن هناك قراراً مصيرياً في مسار ثورتهم سيذاع اليوم، يمنون أنفسهم بسماع أخبار تحصد معاناتهم وتكللها بخطوات تنشلهم من تلك المعاناة، وتجعلهم يعيشون حياة تليق بأحفاد مؤسسي حضارة الصين العريقة والتي بدأت منذ:
العصر الحجري:
والذي شهد نشأة أقدم الحضارات الإنسانية في الصين خلال الفترة الممتدة للألفية الرابعة قبل الميلاد، وقد أظهرت الدراسات أن البشر القدماء استقروا وعملوا بزراعة الحبوب مثل الدخن، ومن هؤلاء المزارعين الأوائل ظهرت أول المجتمعات الصينية، وكان هذا بعدما تحول النهر الأصفر إلى مركز لتجمع أولى الحضارات هناك في أواخر العصر الحجري الحديث، واتضح ذلك بعد اكتشاف تلك الآثار التي احتوت على أنقاض قرى عديدة على ضفافه، منها ما عُثر عليه في موقع "دامايدي" في "نينغشيا"، وموقع "بانبو" في "شيان"، وأيضاً تم اكتشاف ما يزيد عن 3172 نقش صخري احتوى على رسم لصيد ورعي، ورسومات أخرى تُظهر الشمس والقمر والآلهة، ويُعتقد أن هذه النقوش مشابهة لأقدم الحروف الصينية المكتوبة. ونشأت في هذه الفترة أولى الحضارات الصينية والتي سُميت بحضارة "البايليغانغ"، التي عُثر على حرفيات صنعها أبناؤها في مقاطعة "شينتشنغ" عام 1977.

التعليقات

للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا