قصة الطوفان في الوثائق والمخطوطات
ما ذكرته هذا هو قصة الكارثة الكونية من منظور علمي، أما من المنظور التاريخي، ربطت العديد من الديانات والثقافات هذه الكارثة بقصة نبي الله تعالى "نوح" عليه السلام، التي لم تكن موجودة في الأديان "الإبراهيمية" فقط، بل هي واضحة في قصص الفيضان في بلاد ما بين النهرين كملحمة "جلجامش" وقصة "بيروسوس"، وقصة "زيزسودا" في الرواية البابلية، وفي قصص شعوب "المايا" و"الكيتشي" في أمريكا الوسطى، وقبائل "مويسكا" و"كانياري" في أمريكا الجنوبية، وقبائل السكان الأصليين في جنوب أستراليا، وفي قبيلة "أوجيبوا" بين السكان الأصليين في أمريكا الشمالية، و"ديوكاليون" و"بيرا" في الأساطير اليونانية، و"مانو" في الأساطير الهندوسية، و"غون يو" في الأساطير الصينية، و"بير غيلمير" في الميثولوجيا الإسكندنافية.
اختلفت رواياتهم في الوصف ولكن اتفقت في المضمون، فهناك من تحدث عن اختفاء الشمس والقمر، ومنهم من تحدث عن حياة مظلمة دامت لسنوات، ومنهم من تحدث عن انحراف الأرض وميلانها، ومنهم من قال إن السماء هبطت لتلتقي بالأرض، ومنهم من يحكي عن غرق الأرض وفنائها وظهور أرض جديدة ... وجميعهم اتفق على أن الحادث انتهى باستبدال الأرض القديمة بعد غرقها ثم بعد ذلك ظهرت أرض جديدة، ونجت قلة قليلة من البشر على سطح سفينة أبحرت فوق الطوفان وتحدت الصعاب، بشكل إعجازي.
والجدير بالذكر أنه هناك أبحاث أخرى رأت أن الطوفان البابلي الذي حدث في عام 3000 ق.م، هو طوفان نوح، ومنهم من قال إنه كان طوفاناً محلياً وليس عالمياً، وإنه كان في شرق شبه الجزيرة العربية، حيث موطن قوم نوح عليه السلام، ومنهم من قال لا؛ بل إنهم كانوا يسكنون في غرب شبه الجزيرة والطوفان حدث هناك، وقد شهدت تلك المنطقة بالفعل كارثة لكنها أقل مما ذكرناها مسبقاً، والتي كانت نتيجة لارتفاع منسوب المياه بسبب ذوبان الجليد الذي أدى إلى زيادة الضغط على المياه الجوفية المخزونة تحت الدرع العربي، فانفجرت فوهات جبال السراة البركانية بماء منهمر، وتفجرت الأرض عيونا فأغرق قسماً كبيراً من تلك المنطقة. لكن تظل كل هذه الآراء مجرد نظريات ووجهات نظر لحين إثباتها، وما بين هذا وذاك، الله أعلم.
الدليل على وجود حضارات متقدمة
قبل الطوفان
كل الروايات القديمة ذكرت كيفية اختفاء حضارات عظيمة أنشأها الإنسان القديم قبل الطوفان لم يصل لنا أخبارها على الإطلاق، وربما يكون من أهمها: "أطلانطس" و"لوميريا"، وهاتان القارتان الكبيرتان من أعظم الشواهد على حضارة ما قبل الطوفان، فسكانهما كانت لهما حضارات متطورة جداً، وأطلانطس كانت في وسط المحيط الأطلسي، ولوميريا في وسط المحيط الهادي، وخلّفا لنا بعد تلك الحادثة جزراً عديدة مثل جزر الآزور، والتي تقع في وسط المحيط الأطلسي، الذي بدوره متصل بخط انقسام الكوكب بالكامل، فهل هذا من باب الصدفة؟!
وأطلانطس: قارة سحيقة لم تستطع البشرية تحديد معالم الحياة عليها قديماً بشكل قاطع، فقط ذكرها "أفلاطون" في محاورة "كريتياس" وفي محاورة "طيمايوس"، وفيها يسرد رحلة جده "طولون" ولقاءه بكهنة مصر، وإخبارهم له بأن سكان أطلانطس كانوا يحكمون العالم قبل 9 آلاف سنة، وقد كتب هذا أفلاطون في عام 360 ق.م، أضف إلى ذلك ألفي عام بعد الميلاد إلى الآن.
صورة
خريطة تخيلية قديمة لموقع قارة أطلانطس
أما قارة ليموريا أو بليموريا أو حضارة "مو" البائدة، فهي قارة سحيقة مغمورة، أعلن عنها الباحث "أوغطس لو" في القرن التاسع عشر، والذي حاول إثبات أنها قبل اختفائها كان لها حضارة متطورة ومتقدمة، وكانت قد نشرتها في كل أركان العالم، وتبني فكرة "براسور دو بوربور" وترجمة مخطوطة "ترو كورتيسانوي" أو مخطوطة "المايا"، ثم بعدها استعان الكثير من الباحثين أمثال "لويس كلود" و"جيمس شوارد" بالبقايا الأثرية في جزر المحيط الهادئ، كتماثيل "جزيرة القيامة" وآثار "جزيرة بونبي"، وبرروا ذلك بأن قبائل وسكان هذه المناطق حالياً أو سابقاً لا يملكون شيئاً من التكنولوجيا لصنع ذلك، إضافة إلى قصصهم الشعبية التي تروي أن أجدادهم كانوا ملوكاً عظاماً ولكن غرقوا في الطوفان.
أما الوادي العظيم: فهو من ضمن الآثار الدالة أيضاً، وكان قد نشأ هذا الوادي نتيجة شق كبير في الأرض، ظهر خلال الفترة الأخيرة من الطوفان، وبدايته في "المكسيك" وممتد حتى "يلو بارك" في الولايات المتحدة الأمريكية، وما زال قائماً إلى الآن، وفي تاريخ 5 إبريل من عام 1909م نشرت جريدة "فونكس" تقريراً صحفياً مثيراً جداً، يحكي عن المستكشف "ج. أ. كينكتيد" من معهد "السميثسونيان" وأنه اكتشف شبكة من الأنفاق والكهوف المحفورة بشكل يدوي في إحدى جوانب الوادي العظيم، وتفاجأ عندما رأى أثر أداة الإزميل على الجدران، كما رأى مغارات ومتاهات، وآثار التجمعات الموزعة بانتظام على شكل دائري، وقطعة أثرية، وأدوات ذات تقنية عالية، والعديد من المومياوات، ووجد معدناً غريباً يشبه معدن البلاتينيوم. وما نستطيع قوله إن هذه المنطقة إن كانت موجودة منذ عصر ما قبل الطوفان فهي تدل على الحضارة والوعي القديم، وإن كانت أثناءه أو بعده مباشرة فهي أيضاً تدل على وعي الإنسان الذي واكب الطوفان وتطوره وتقدمه وتقنيته، أما الفرضية الثالثة التي تخمن أن هذا المكان قد نشأ وقت قيام الحضارات التي نشبت بعد الطوفان بفترة فهذا مستحيل، لأن هذه المنطقة أصبحت من المستحيل قطونها بعد غرقها من توابع الطوفان.
أما منطقة الربع الخالي في السعودية: فتعتبر دليل آخر، وهي تلك المنطقة الخطيرة والممنوعة ومستحيلة الدخول، وتعتبر من أعظم المناطق غير مكتشفة في العالم كله، ونسبة لما ذكرته بعض الأبحاث المجتهدة: أنه في فجر التاريخ ازدهرت فيها خمس ممالك ضخمة، وكانت تتنافس سوياً في البنيان وعلو العمارة، وإذا ذهبت الآن إلى هناك في الأماكن المسموح زيارتها فقط، ستجد مدنا قائمة ترتفع مسافة 9 قوائم أو يزيد.
ثمة حضارات أخرى مذهلة ومدن غير مكتشفة حتى الآن رغم تطورنا الإعجازي، فحتى يومنا هذا توجد أماكن غامضة حول العالم، وبالأخص أمريكا وآسيا وأستراليا وغيرها، (انظر لعشرات الحضارات الموجودة بنهاية هذا الكتاب). تطور الإنسان وعمّر الأرض ولكن لا تزال غاباتهم نادراً ما تكتشف، بل هناك قرى بها أشخاص يعيشون الآن لم يروا رجلاً أبيض على الإطلاق، وهناك أماكن تظهر لنا بالمصادفة المحضة، فمثلاً لقد اكتشفوا آثاراً لحضارة غامضة في صحراء أستراليا الوسطى، بمنتهى المصادفة الشديدة، حينما كانوا يقومون باختبارات ذرية في هذه المنطقة. ما زال هناك الكثير لم يكتشف قط، فعلى سبيل المثال أيضاً غابات "الأمازون"، التي تعتبر أكبر غابات غير مكتشفة في العالم، والتي شاهد الجميع سلسلة حرقها على فترات، هذه الغابة هي الأغرب على الإطلاق، فعندما يزورها المستكشفون بالطائرة، نظراً لخطورتها، ويقومون بتحديد مواقع أبراج وقرى وآثار، بمنتهى الحماسة والانتصار يكتبون تقارير بذلك، وتنشرح قلوبهم، وعندما يعود أحدهم ليوثق هذه المعلومات بعد عدة أيام يُفاجأ بأن هذه الاكتشافات اختفت وضاعت مرة أخرى. أما منطقة شرقي الإكوادور فلا تقل غرابة عن الأمازون، والتي تحتوي على آلاف التحف والمصنوعات الأثرية، وعلى حد وصف المستكشفون فيها أهرامات عملاقة ومدن هائلة مهجورة، وللأسف تعتبر منطقة محرمة بسبب أن قبائل الهنود المحليون يقومون بقتل كل غريب وفضولي محب للاطلاع. وفي منطقة "ماتوغراسو" بالبرازيل ستجد الأمر متشابهاً، فبالفعل خرج موكب حراسة مهيب يضم مئات الأشخاص متجها ناحية هذه الغاية، ولم يعد هذا الموكب حتى الآن، ونال نهايته في هذا المكان الذي يبتلع الزوار الأغراب باستمرار.
وهناك رحلة استكشافية أخرى ما بين عامي 1926 و1927 بقيادة الدكتور "هامبورغ"، كانت قد شقت طريقها بالقوارب نحو أعالي إحدى روافد نهر "ريو نيغرو" في ناحية المناطق الحدودية ما بين جنوب فنزويلا وشمال غرب البرازيل، حيث المناطق الغامضة والمجهولة تماماً، ثم ساقتهم أقدامهم للدخول إلى عدة مناطق مختلفة خاصة بقبائل من الهنود المتوحشين، فانتبهوا جميعاً إلى قرع الطبول الدائم من كل مكان، فصمدوا واستمروا واستطاعوا مراوغتهم، حتى ساروا في طريق قديم داخل نفق محفور في منحدرات الوادي، وبعد فترة من السير، انتبهوا إلى شيء أسفل الوادي، ثم نظروا إلى بعضهم والتقطوا أنفاسهم حينما وجدوا مدينة عظيمة مليئة بالقصور والأبراج والآثار الرائعة، والمعابد والعواميد المنحوتة والأهرامات، كل هذا غارق في أسفل الغابة التي تظهر على أنها ابتلعتها تماماً، فكانت شبه مدفونة لا يراها إلا من يهبط للوادي، ووجدوا في المدينة حدائق فاتنة تتوسطها بحيرات ونوافير محطمة، وبعد أن تجولوا داخل المدينة واستكشفوها، خرجوا لاحقاً إلى الطريق المؤدي إلى هذه المدينة، ونصبوا كميناً، واستطاعوا القبض على رجل قزم طوله 4 أقدام، عاري إلا من حزام حول خصره مطعم بالذهب الخالص، ثم راقبوا من بعيد مجموعة أخرى من الأقزام، فتعجبوا عندما رأوا أن جميعهم بشرتهم بيضاء، ونساءهم عرايا مثلهم، ويرتدين أساور وعقودا ذهبية، ثم تجولوا مرة أخرى ووجدوا معبداً ضخماً وعملاقاً هرمي الشكل، وبداخله ذهب كثير، حتى الأعمدة والجدران والسقف وكل شيء كان مغموراً بالذهب، ووجدوا العديد من الأدوات والجنازير المصنوعة من الذهب الخالص والمنحوتة بمنتهى الدقة والإتقان والتقدم، ووجدوا مجموعة كتابات غريبة وغير مفهومة محفورة على لوحات ذهبية، ومنطقة مذابح رخامية عميقة، مطعمة بالأزرق الداكن وعليها آثار دماء قديمة، ربما يكون مجرد صدأ وربما هذا المكان كان تقام فيه أضحيات شعائرية فظيعة من أصحاب هذه الحضارة. من هؤلاء؟ ولأي فترة ينتمون من فترات ما قبل التاريخ؟ ولماذا تقهقر شعب هذه الحضارة ليصبح أحفادهم أقزاماً متوحشين، ويعيشون على أطراف المدينة فقط أو في الأنفاق، أو في فجوات صخرية، أو بيوت حجرية صغيرة؟ الغريب حقاً أن هذه القبائل تمتلك كمية كبيرة من الذهب، فكل شخص منهم يملك سكيناً معكوفاً من الذهب، وكأن الذهب ليس له قدر عندهم!
عندما انتهت الرحلة عاد المستكشفون بصعوبة بالغة، ومات معظمهم بسبب كثرة الأحمال من الذهب والكنوز في هذا المكان القاتم، وبسبب اصطياد الهنود لهم فرداً فرداً، لم ينج من الجميع سوى رُبعهم فقط.
لم يكن هذا المكان الوحيد الذي ابتلع كنوزاً وحضارات بائدة لم يصورها القمر الاصطناعي في الغابات الضبابية التي من أشهرها الأمازون، بل يُعتقد أن هناك الكثير، وكانت هذه المدن قد بنيت عندما كانت المنطقة معتدلة وخصبة بسبب الأنهار، ولكن أصبحت هذه المنطقة فيما بعد مهجورة بعد ما غمرتها مياه المحيط الأطلسي بشكل كثيف فيما قال عنه العلماء أنه بفعل الكارثة الكونية وتوابعها، فغرقت المواقع الأثرية فيها على ضفاف الأنهار، ومن المرجح أن هناك مدن كثيرة في أعماق الأحراش الكثيفة.
وبعد كل هذا أصبح واضحاً مما لا يدع مجالاً للشك أن أمريكا الجنوبية كانت تعج بالمدن العظيمة وإمبراطوريات جبارة قبل الطوفان، والتواصل بينها كان بنفس مستوى التواصل الحديث ولكن ربما بشكل آخر، اختفت هذه الحضارات بعد ما جعلت الزلازل هذه الأرض غير قابلة للعيش فيها، ثم هجمت مياه الأطلسي عليهم فغرقوا، ثم بعد وقت قريب غمرت الأحراش المنطقة بالكامل، ولم يتبق منها غير بعض آثارها المختفية وحكاياتها الشفهية التي تناقلتها القبائل البدائية هناك عن أسلافهم الأوائل، فلا يزالون حتى الآن يسردون هناك قصصاً عن مجد جدودهم وحضارتهم المتطورة، التي ازدهرت قبل آلاف السنين في شمال غرب المرتفعات البرازيلية. وهناك شاهد آخر على ذلك، وهم هنود "التابويا" القاطنون في شرق البرازيل، فهم لا يزالون يتفننون في حرفة التعامل مع الأحجار الكريمة، ويرتدون الألماس الذي ورثوه عن جدودهم، أما هنود "الأماريا" بالقرب من بحيرة "تيتيكاكا" ما زالوا يستطيعون كتابة نصوص مشابهة تماماً لما اكتشف في المدينة المهجورة في منطقة "باهيا" بالبرازيل. وفي القرن التاسع عشر، وجدت كتب راقية الصنع تحتوي على صور ورسومات وكتابات في حوزة قبيلة "البانو" القاطنة بالغابات قرب أعالي الأمازون، وقال هؤلاء الهنود إن هذه الكتب تشرح تاريخ جدودهم.
صورة العالم المستكشف الكولونيل ب فاوسيت
الذي اختفى هو وطاقمه للأبد
إنها منطقة غريبة بحق، تدل على أنها لم تكن منطقة عادية في الماضي البعيد، ولعلك سمعت عن القصة التاريخية الشهيرة واللغز حول اختفاء العالم المشهور والمستكشف العظيم الكولونيل "بيرسي فاوسيت" والذي فاجأ المجتمع العلمي بلندن بقوله أنه شاهد مدينة عملاقة وآثاراً في أعالي الأمازون، بالقرب من الحدود البرازيلية البوليفية، قالوا إنها تنتمي للمدينة العملاقة والمختفية، التي أطلقوا عليها مدينة "Z" وعندما قرروا أن يساعدوه، عاد إليها عن طريق حملة استكشافية أخرى، فاختفى هو وطاقمه هناك ولم يسمع عنهم أحد حتى الآن، رغم انطلاق أكثر من 13 حملة استكشافية للبحث عنهم وكذلك البحث عن مدينة "Z".
ما زالت هناك أهرامات غريبة المظهر قمتها مدورة تُشاهد بالطائرات حتى اليوم، كما أن الموروثات الشعبية هناك تقول إن أجدادهم عرفوا الكهرباء والأضواء الخاصة، وما زال هناك اختراع هائل باق حتى الآن ويغفله الجميع، ربما يعود لما قبل الطوفان، أو حتى بعده، فلماذا هو متجاهل؟ وهو شبكة طرق سريعة قديمة الأزل، وهذه الشبكة الغريبة كانت تصل بين كولومبيا، والإكوادور، والبيرو، وتشيلي، وبوليفيا، والأرجنتين، وكانت تحتوي على الأنفاق والطرق الفرعية والتي تصل إلى حوض الأمازون، وكانت قد بُنيت قبل آلاف السنين بواسطة بلاطات "جرانيتية" محصورة بين حجرين يشكلان جداراً للنفق أو حافة الطريق بمنتهى البراعة، أما باقي اتجاه الطرق في مناطق المستنقعات فقد تم رفعها على شكل كباري! وما زالت هذه الشبكة قائمة حتى اليوم. وفي البيرو ستجد نفس الشبه في الطرق القديمة هناك والتي ارتفعت 12000 قدم! أما في المكسيك فستجد طريقاً سريعاً يمتد من "كوبا" إلى "ياكسونا"، وطوله 60 ميلاً ومكوناً من الإسمنت وعليه متاريس حراسة! كذلك في جرينلاند وإنجلترا واليونان وغيرها، إضافة إلى شبكات الري الهائلة الموجودة في أماكن عديدة، وشبكات الأنفاق التي تغطي غالبية العالم والتي ما زلنا نجهلها حتى الآن، كالتي وجدوها في جزيرة الفصح، والتي تعتبر واحدة من أكبر ألغاز العالم القديم، وآثار أخرى كبيرة وضخمة لم نستوعب مفهومها ودلالتها حتى يومنا هذا.
أما في أمريكا الشمالية، فقد لاحظ عالم الآثار الشهير الكونت "بايرون كون" بأن بقايا المدينة البائدة والمدفونة تحت 4 أميال من بلدة "روكويل" تكساس، جدرانها الحجرية الضخمة التي ترتفع إلى نحو 49 قدماً، مرتبة ومبنية بشكل احترافي، فلمن تكون؟ أما الباحث الشهير "تايلور هانسون" فقد أمضى وقتاً طويلاً مع قبائل الهنود الحمر، وبعد أن تحدث مع زعيم قبائل "أوشيباوا" والقاطنين في "ميشيغان"، والذي يلقب بالرعد المظلم، واسمه "دارك ثوندر" والذي سمعه يقول: في إحدى الفترات كان لدينا كتب، لكن هذا كان في الماضي البعيد، فالكتب هي أشياء يمكن أن تتلاشى عبر الزمان، منذ ذلك الوقت وضَعنا تاريخنا وحكاياتنا في أناشيد شعبنا فقط.
وحكاياتهم هذه عبارة عن سرد لأحداث كانت قد وقعت في زمن بعيد جداً جداً قبل آلاف السنين، حيث عاش أسلافهم في مدن جبارة، كانت بالقرب من الأنهار، وعندما حان وقت الحرب هجر الناس مدنهم والتجأوا إلى الغابة، وقد تكون الحرب المذكورة هنا حرباً شاملة مثلاً، لكن في جميع الأحوال السبب الرئيسي جيولوجيا لهذا الدمار هو التغيرات العالمية التي وقعت على الكرة الأرضية كنتيجة مباشرة للطوفان، وبداية جفاف المناخ تدريجياً. وما سأستشهد به في كلامي هي مقولة الباحث المختفي الكولونيل "فاوست" التي قالها قبل اختفائه مباشرة: "لدي سبب جيد لأصدق بأن هذه الشعوب هي منحدرة من أسلاف متطورين .. لقد عرفوا الكتابة".
فيا تُرى من بنى هذه الإنجازات المذهلة القديمة، والمتطورة جداً، والتي من المستحيل إنجازها الآن! كل المخطوطات والكتابات لجميع الحضارات القديمة كالفرعونية والرومانية واليونانية والصينية وغيرها، تعطي إشارات تفيد بأنهم قد حصلوا على تقنياتهم وعلومهم من أسلافهم السابقين ونحن نجهل ذلك.
ملخصاً، العالم القديم كان أكثر تطورا، فكلما عدنا للخلف سنجد الحضارات أعظم، والهندسة والرياضيات أكثر تعقيدا، حتى المعمار أكثر فخامة، وكلما عدت للوراء كبر حجم الأثر، وإذا عدت أكثر وأكثر ستجده أكبر فأكبر، وينطبق هذا على الأنفاق والسراديب وغيرها، ولو كنا نحن الأكثر علماً ما كانت علومهم استعصت علينا. من كتاب مختصر حضارات العالم لشريف سامي
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا