السحر الأسود

  • الكاتب : ghalis
  • / 2022-11-16
السحر الأسود

 

من أخطر أنواع السحر في الوجود هو السحر الأسود ويقال عليه أيضا السحر المظلم، والسحر الأسود هو شكل من أشكال الشعوذة والتي تعتمد على القوى الخبيثة الحاقدة، ويستخدم السحر الأسود لإرضاء النفوس الخبيثة في إيذاء الغير، وربما يصل هذا الإيذاء لتدمير النفس كليا وربما يصل للقتل.

 

والسحر من أقوى أشكال الشرور على الأرض بأكملها، قوى خفية تدمر وتزهق الروح زهقا والمسحور لا يدري ماهية أسبابها ولا طبيعة التخلص منها مهما حاول جاهدا.

 

في يوم من الأيام سمعت صرخات جارتي “نرجس”، خرجت في الحال من شقتي وتوجهت إليها لأعلم ما السبب وراء كل هذه الصرخات، ولاسيما أنني منذ أن قدمت للعمارة ولم أسمع صوتها على الإطلاق فقد كان غالبا عليها طبع السكون والهدوء الدائم.

 

سألتها بعدما طرقت الباب بحالة من الصرع: “ماذا بكِ يا نرجس؟!”

 

خرجت إلي حاملة ابنها والذي كان بين يديها فاقدا للوعي: “ابني لا أدري ما الذي أصابه”!

 

رددت عليها: “دعينا نأخذه لأقرب مستشفى في الحال، سآتي معكِ”.

 

نظرت إلي بحيرة شديدة: “ولكن والدي المقعد ماذا سأفعل إن تركناه؟!”

 

فقلت لها: “حسنا اذهبي بابنك وأنا سأجلس هنا وأعتني بوالدكِ”.

 

تهلل وجهها قائلة: “أعجز عن كيفية شكركِ يا حبيبة”.

 

أسرعت “نرجس” بالذهاب للمستشفى بابنها والذي قلقت عليه كثيرا بسبب حالته التي رأيته عليها؛ أما عني فأول شيء فعلته دخلت الحجرة لأطمئن على والدها القعيد، لقد أصابه شلل نصفي في قدميه فلا يستطيع الحراك نهائيا، لقد حزنا عليه جميعنا فعلى الرغم من صغر سنه ودوامه على الرياضة واهتمامه الشديد بصحته إلا إنه فجأة أصابه الشلل، استيقظ من نومه وإذا به بدأ الصراخ لعدم قدرته على النهوض، كان ذلك منذ عامين.

 

لقد كان والدها نائما، بعدما اطمأن قلبي راودتني نفسي أن أتصل على زوجي وأبلغه بكل ما حدث، ذهبت لشقتي لإحضار هاتفي ولكنني كنت قد أغلقت الباب، عدت من جديد واستخدمت الهاتف الأرضي ولكني وجدت مصيبة في حد ذاتها، لقد كانت كارثة مدوية!

 

وجدت ورقا كثيرا مكتوبا بطريقة غريبة وكأنه مكتوب بدماء حمراء، كما أنني وجدت عظما للوح كتف مكتوب عليه الكثير والكثير من الأشياء الغامضة، حاولت جاهدة فهم شيء ولو بيسير منها ولكنني عجزت عن ذلك حتى وجدت صورة والد “نرجس” وعلى كل قدم من قدميه قد وضع دبوسا، تعجبت من ذلك الأمر، وبعفوية مني أزلت الدبوسين من قدميه.

 

جلست على الكرسي أتفقد المنزل فانتابني شيء من الفضول بعد كل الكوارث التي وجدتها، “نرجس” ووالدها ميسوري الحال للغاية، إننا نسكن في العمارة الخاصة بهما، ولديهما الكثير والكثير من العقارات، والدها ليس لديه أولاد باستثنائها، وهي مطلقة من زوجها واتخذت قرارها بأن تربي ابنها الوحيد وتفارق فكرة الزواج مجددا، ووالدها رجل طيب القلب يهيأ كل شيء في سبيل إسعاد ابنته الوحيدة وحفيده الوحيد أيضا.

 

ولكن يبقى السؤال الذي حيرني ولم أجد له جوابا على الإطلاق، ما سر هذه الأوراق الغريبة التي وجدتها؟!، وما هذه المخطوطات التي كتبت بالدماء؟!، وما سر الدبوسين؟!

ويأتيني الجواب من رب العباد، إذا بالرجل يستيقظ بصرخات تدوي في الشقة بأكملها، لقد فزعت من صرخاته لدرجة أن قلبي قفز من مكانه!

 

دخلت عليه غرفة نومه وإذا بي أصعق من هول ما رأيته، لقد وجدته يقف على قدميه ولا يصدق نفسه!، أما عني فقد صعقت هل هذا بسبب ما فعلته؟!

 

وليطمئن قلبي، ركضت للصورة وأعدت وضع الدبوسين مكانهما، وعدت إليه مهرولة وإذا بي أجده قد سقط على الأرض وسقط قلبي معه؛ أيقنت أنه لا يعاني من أي مرض عضوي وأن الحكاية كاملة تكمن في سحر والفاعلة له ابنته الوحيدة!

 

قصصت عليه كل ما رأيته وأثبت له بالدليل ولكنه انهار مما سمعه، لم أدري كيف أتصرف والحقيقة أنني أيضا غشيني الخوف من ابنته، فامرأة بهذه القدرة وقساورة القلب على أبيها كيف لها أن تتعامل معي ولاسيما قد كشفت كل مخططاتها أمامه؟!

 

وجدت نفسي أركض للأسفل تجاه الصيدلية وأحضر دواءً منوما، وأضعه لوالدها، فغاب عن وعيه في الحال؛ حملته عنوة ووضعته بداخل سريره، كانت حينها قد جاءت ابنته بابنها والذي كان قد تعافى كليا من آلامه وصرخاته، شكرتني كثيرا ولكني أخبرتها أنني لم أفعل شيئا فوالدها لم يستيقظ من نومه من الأساس.

 

عدت لشقتي وما هي إلا نصف ساعة حتى وجدت “نرجس” قد جاءتني وإذا بها تضع عينيها في منتصف رأسها من كثرة الغضب، سألتها: “ما بالكِ؟!”

 

قالت لي: “ألا تعلمين ماذا بي حقا؟!”

 

خرجت لها من الشقة ولم أدعها تدخل بيتي، فإنسانة مثلها فعلت ما فعلت بوالدها لا أأتمنها على نفسي ولا زوجي ولا بيتي؛ سألتها: “حقا لا أعلم ما بكِ”!

 

عادت لشقتها ولم تبدي لي أي كلمة، ولكني كنت خائفة حقا من نظراتها، كان والدها قد استيقظ وأخبرها بكل شيء، وأجبرها على فتح المكتب ليرى ما بداخله، فتحته عنوة وجبرا ولم تجد بداخله شيئا!

 

كنت حينها قد عرضت الأمر على زوجي فأخذني لرجل يعرفه على مقدار من الدين والصلاح، سردت عليه كل ما حدث وأعطيته كل ما أخذته من داخل المكتب وقام الرجل بفك كل هذه الأسحار، ومن بعدها أخبرنا بأنه يريد أن يرقي الرجل المسكين، فدللناه على مكانه.

 

وبالفعل ذهب إليه ورقاه وأعطاه وردا من القرآن الكريم والأذكار وحصنه من هذه الأفعال، وكانت الحقيقة المدوية قد كشفتها له ابنته نتيجة الضغوطات عليها منه؛ لقد فعلت كل ما فعلته به خوفا على ثروته من الذهاب لمرأة أخرى، فقد أراد أن يتزوج والدها من عامين ولكنها كانت ترفض زواجه نهائيا، وعندما يئست من إقناعه بذلك اتجهت بهذه الطريق

التعليقات

للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا