توجوه ملكاً ثم اكلوه

  • الكاتب : MUSTAFA ELAWAD MOHAMED
  • / 2022-11-09
توجوه ملكاً ثم اكلوه

أظن العنوان غريب ويبعث على الدهشة ، لكن ثقوا بأنه ليس من وحي خيالي ، لم أخترعه لأجذب انتباهكم ، لكنه انعكاس لواقعة تاريخية مثبتة بالوثائق والمستندات …

نعم بطل قصتنا تم تتويجه ملكا ، لكن ليس على عرش من الذهب كما هي العادة في تتويج الملوك ، وإنما على عرش من الحديد المحمى تتلضى من تحته النيران! .. وحين أنتهت مراسم التتويج أكلوه!! ..

 

لكن ماذا اقترف هذا الملك “المشوي” من ذنب لكي يفعلوا به هذا ؟ ..

 

اليكم القصة بأختصار .. أسمه جورجي دوجا ، ولد في المجر (هنغاريا) عام 1470 ، وأمضى ردحا من حياته كجندي مرتزق ، وأشتهر بالجرأة وشدة البأس.

 

في عام 1514 تم تكليفه من قبل بعض النبلاء بحشد جيش وتدريبه من اجل شن حملة صليبية على العثمانيين الذين كانوا يتوسعون حينها ويهددون دول وممالك شرق اوروبا.

 

جورجي قام بحشد 4000 رجل من المزراعين وطلاب المعاهد الدينية والفقراء المسحوقين، دربهم على القتال لبضعة اسابيع ، لكن بالنهاية لم يتحرك هذا الجيش قيد انملة من مكانه ، فالنبلاء تقاعسوا عن تزويده بالطعام والسلاح والثياب كما وعدوا ، مما أثار نقمة المتدربين وأشعل شرارة الشغب والثورة.. فتمت مهاجمة الأقطاعيات ، احرقت قلاع النبلاء والأغنياء وقصورهم ، نهبت ممتلكاتهم .. وسرعان ما تطور الأمر ، وسقطت عدة مدن في يد جورجي والثوار ، وجرى قتل الكثير من النبلاء ، خصوصا أولئك الذين عرفوا بالاستغلال والقسوة.

 

يقال بأن جورجي نفسه لم يكن راضيا عن بعض المذابح التي ارتكبها اتباعه ، لكنه فقد السيطرة عليهم ولم يعد قادرا على كبح جماحهم.

 

ثورة المزارعين هزت اركان المجر ، فأستبد الخوف بنبلائها ، وكذلك نبلاء الدول والممالك المجاورة ، خشية أن تمتد نيران الثورة إليهم ، وأمر ملك المجر فلاديسلاف الثاني بحشد جيش جرار على وجه السرعة ، وضم إليه عددا كبيرا من مرتزقة البلدان المجاورة ، من أجل التحرك وقمع الثوار ..

 

وبالفعل تمكن جيش الملك من هزيمة الثوار ، فقتلوا بعض الثوار ، وأسروا آخرين ، بضمنهم جورجي نفسه.

 

وضعوا تاجا من الحديد الحامي على رأسه

بعد أخماد الثورة اجتمع النبلاء وقرروا أن يجعلوا من جورجي ورفاقه عبرة لمن يعتبر لكي لا يتجرأ أحد من أفراد الطبقات الفقيرة من الثورة عليهم مستقبلا ، وهكذا نصبت المشانق بالجملة ، وتم صلب وخوزقة آلاف الناس ، وأحرقت اكواخ الفلاحين واغتصبت نسائهم واستعبد اطفالهم .. اما العقوبة الأبشع فقد كانت من نصيب جورجي .. أتهمه النبلاء بأنه كان يطمح لأن يكون ملكا ، فقرروا أن يتوجوه ملكا بالفعل .. لكن على طريقتهم .. فأحضروه إلى ميدان عام حيث كان بأنتظاره عرش من الحديد تشتعل تحته النيران ، أجلسوا جورجي على هذا العرش الجهنمي وقد قيدوه بالسلاسل لكي لا يتحرك ، ثم أتوا بتاج من حديد كانوا قد وضعوه على النار حتى أصبح لونه احمر ، فوضعوه على رأس جورجي ، وجلبوا صولجانا ساخن كالجمر ، فوضعوه في يده .. وهكذا تم تتويجه ملكا ! .. على عرش من نار ..

 

ولم يكتفوا بذلك ، جلبوا شقيقه الأصغر وقتلوه أمام ناظريه ، مزقوا جسده بالفؤوس وقسموه إلى ثلاث قطع .. ثم أحضروا تسعة من قادة جيشه ، من أكثر المقربين إليه ، وكانوا قد جوعوهم لعدة أيام ، ثم جلبوا أسياخ من حديد حامي وغرزوها في جسد جورجي وقطعوا بواسطتها شرائحا من لحمه ، ثم أمروا الرجال التسعة بأن يأكلوا من لحم جورجي المشوي .. فرفض ثلاثة أو أربعة منهم أن يفعلوا ، فقتلوا على الفور وتم تقطيعهم وسلخ جلودهم .. أما الآخرين فوافقوا وتناولوا اللحم وأكلوه .. كل هذا وجورجي حي ينظر ويتألم ويصرخ ..

 

أخيرا حين فارق جورجي الحياة قاموا بتقطيع جسده وأخذوا رأسه ونصبوه على سارية عالية في ميدان عام. أما الرجال الذين وافقوا على أكل لحم جورجي فقد أطلقوا سراحهم.

 

في الحقيقة هذه أتعس وشر قتلة سمعت عنها شخصيا! .. صحيح أن العصور الوسطى ، في جميع الممالك والبلدان ، كانت تغص بالعقوبات المنكرة والقبيحة والمقززة .. لكن هذا أبشع ما قرأته ..

 

كانت ردة فعل النبلاء على ثورة أو أنتفاضة الفقراء في غاية القسوة ، بحسب بعض الاحصائات فأن سبعين ألفا تم قتلهم وتعذيبهم .. لا عجب بعد هذا التنكيل والظلم أن الشعب المجري لم يقاتل أو يقاوم عندما أتى العثمانيون عام 1524 لغزو البلاد ، فسقطت بكل سهولة.

 

اليوم ينظر إلى جورجي كبطل قومي ، ثائر على الظلم ، شهيد في سبيل الحرية ، ويوجد تمثال للسيدة العذراء في المكان الذي تم أعدامه فيه ، كما أن هناك شوارع وساحات عديدة في المجر ورومانيا وصربيا تحمل أسمه

التعليقات

للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا