وقف ماهر أمام مرآته ، يتطلع إلى معطفه الجديد ، بإعجاب ويضحك بسخرية يشوبها ، الكثير القلق من كلمات زوجته ، التي مازالت ، تدور في رأسه ويتذكرها ، نعم هو لا يقتنع بكلماتها ، ولا يصدقها ولكنها تشعره بالتوتر لا ينكر ذلك فلقد ، حذرته زوجته من شراء ذلك المعطف الأسود الطويل ذو الرقبة الطويلة لماذا ؟
لأنه معطف مستعمل ، وماذا في ذلك ، يا لها من امرأة مهوسة تتخيل الأشياء ، وتتوهم الأمور تذكر كلماتها في عقله :
– أرجوك يا ماهر لا تفعل ، وفر من راتبك واشتري معطف جديد ، تكن أول من يرتده
فأنت لا تعرف من الذي ارتداه من قبلك .
– ماذا تقولين يا رجاء وما هذا الكلام الغريب ، انه معطف مستورد بثمن زهيد وان اشتريته جديد ، سيكلفني نصف راتبي وان لم اشتريه وانتهز الفرصة سيشتريه غيري .
– لا يهم يا حبيبي ادخر من راتبك كل شهر واشتريه ولا تشتري شيء مستعمل
لا تعرف من صاحبة فربما مات صاحبة أو قتل فيه من أدراك يا ماهر .
– وهنا ابتسم ماهر بسخرية :
– وماذا إن مات صاحبة يا رجاء فكلنا سنموت والحي أبقى من الميت ..فلا تقلقي انه محل باله للملابس المستوردة واستعمال خفيف للأجانب ، فلا داعي للخوف والقلق حبيبتي ولا تشغيلين عقلك بتلك الأمور.
– لا تصدق هذا الهراء ارجوك ، يا ماهر لقد اخبرني عزت ابن خالتي وانت تعرف بأنه يعمل بالمشرحة ، أنهم يبيعون ملابس الجثث والقتلى لتلك المحلات التي تبيع الملابس المستعملة ، فلن يسأل أهل القتيل عن ملابسه لا تغامر يا ماهر فنحن لا نعرف مصدر ، ذلك المعطف أرجوك لا تجلب الشر إلى المنزل .
نظر لها الزوج بحيرة فهو لا يؤمن بتلك الخرافات وكلام عزت الكثير ، فهل يعقل أن يبيعوا ملابس الجثث والقتلى من المشرحة .
– حاضر يا رجاء لن اشتريه وسأفعل ما تريدين ، هل ارتحت الآن ؟
نظرت له زوجته بحيرة كانت ، تشعر بأنه سيجلب الشر معه إلى المنزل وسيحدث شيء سيء في النهاية هي ترى ذلك في وجه وعيون زوجها لم ترد رجاء ولكنها هزت رأسها قائلة في سرها :
– أتمنى ألا تشتريه وتنفذ ما في راسك .
ولكنه لم يصغ إلى زوجته ونفذ ما في رأسه ، واشترى المعطف يومها وأرسله لمحل تنظيف الملابس ، وتركه أسبوع بالمحل خوفا من زوجته ، واليوم أخيرا استطاع أن يحضره إلى المنزل ، فلقد ذهبت زوجته إلى منزل أسرتها هي وطفليه لقضاء يومين الإجازة مع أمها المريضة ، وها هو يقف أمام المرآة يقيسه يلف ليراه من الخلف ، من الأمام يعدل رقبته الطويلة ، وهتف بحماس..قائلا:
– انه حقا معطف رائع .وهنا وضع يديه بجيب المعطف باستمتاع وهو يلف أمام المرآة …وهنا أمسكت يديه ورقة فأخرجها بتعجب لم يكتب بالورقة إلا جملة واحدة ” أنت التالي “.
نظر ماهر بتعجب قائلا :
– التالي في أي شيء ربما ورقة تركها صاحب محل التنظيف والتالي في الدور للتنظيف من يدري؟
ألقى الورقة أرضا بعدم اهتمام واخذ ينظر لمعطفه الجديد في المرآة وهنا شاهده يقف خلفه مباشرة ، لا يدري من ، ولكنه لمح شيئا اسود يقف خلفه وهنا شعر بالبرودة الشديدة وانخفاض درجة الحرارة بالغرفة مرة واحدة فشعر بالتوتر وانتصاب شعر يديه وهنا التفت بسرعة للخلف ، ولكنه لم يجد شيئا فهز رئسه بتوتر ووقف دقيقة يلتقط أنفاسه اللاهثة ، وبعدها نظر في المرآة مرة ثانية ليرى المعطف فرآه بوضوح ، شخص يرتدي معطف اسود طويل يشبه المعطف الذي يرتده هو تماما ، يقف خلفه مباشرة تتساقط الدماء من أجزاء متفرقة من جسده ووجهه غارقا بالدماء .
يبتسم ببشاعة فتظهر أسنانه الحمراء المليئة بالماء يا للمصيبة ما هذا حاول ماهر الفرار الصراخ ولكنه لم يستطع ، وفم يكن هناك وقت كافي لفعل أي شيء أخر سوى رؤية نفسه وهو يرتدي المعطف بالمرآة ،
فلقد شاهد الرجل بالمرآة يدخل يديه بانسيابية من ظهره لتخترق عموده الفقري ، وبعدها تخرج من قفصه الصدري من الجهة الأخرى يبتسم ببشاعة كالموت ، كان ماهر يسمع أصوات متداخلة لأنثى تبكي ، تصرخ ببشاعة بأن ينجد زوجها احد قائلا :
– لماذا فعلتها يا رامز لماذا قتلته ايها الحقير اخبرني؟
– لقد أخذك مني ، ولن يأخذك مني شيئا على وجه الأرض ، الا الموت هل تفهمين الا الموت؟
– لاااااااااااا زوجي أرجوكم ساعدوه أنقذوا حياته انه يحتضر لا تمت لا تمت يا باسم
لن يأخذك الموت مني اقتلهم جميعا يا باسم ، عذبهم كما عذبوني بقتلك لا تدعهم يعيشون كما دعوك تموت هكذا لا تترك احد يحيى بسلام.
– لقد طعن 100 طعنه ولا أمل له في البقاء ولكن مازال قلبه ينبض أيها الطبيب فهو مازال على قيد الحياة …
– لا تقلق سيموت بعد دقائق وربما لحظات لن أرهق نفسي مع شخص ميت خذوه إلى المشرحة استعداد لتشريحه وجرده من ملابسه وضعه في الثلاجة.
– ماذا تقول ايها الطبيب فهو مازال حيا .؟
– ألا تفهم أيها الغبي ، قولت لك سيموت ، سيموت ولن أرهق نفسي مع جثة ، هيا احضر التالي فليس عندي وقت لهذا الهراء التالي.
– هل ترى هذا المعطف يا متولي انه حقا معطف رائع ، ما رأيك يا رجل هل تشتريه ؟
– ولكنه غارقا بالدماء وسيحتاج إلى تنظيف كثير ، فلن ادفع إلا نصف ما تأخذه كل مرة هل توافق ؟
– نعم …أوافق رغم طمعك الشديد أيها الجشع ، أعطني المال .
– هيا لا تتكلم كثير ، فانا اعرف من أين تحضرهم ، أعطني التالي ...
اخذ ماهر يستمع لتلك الأصوات الكثيرة المتداخلة وهو لا يفهم شيئا ، يشعر بألم شديد في قلبه ، لا يستطيع التنفس كان الرجل يعتصر قلبه بشدة مرددا :
– أنت التالي … أنت التالي
عادت الزوجة في اليوم التالي فوجدت جثة زوجها على الارض ، ونظرات الرعب مرسومة على وجهه يرتدي معطف اسود طويل الرقبة ، يبدوا انه اصيب بنوبة قلبية مفاجئة اثناء الليل ، ولم يشعر بيه أحد ولم يجد الوقت الكافي لطلب المساعدة
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا