الفكرة الشيطانية
كانت مارية فتاة شقية وعنيدة و كانت في نفس الوقت جميلة بحيث يميل جمالها الى الجمال المختلط بين العرق الاسمر والاشقر ، و كانت تحب اللعب واللهو واللامبالاة لكن أمها كانت تضربها احيانا ضربا مبرحا وتعنفها كثيرا و احيانا تحبسها في غرفتها .
في يوم من الايام طلبت والدة مارية منها ان تشتري قطعة من الكبدة لانها عزمت صديقتها للعشاء ، فامسكت مارية الطائشة بالنقود ولما همت بالانصراف اوصتها امها بعدم التأخر او التصرف بغباء ، فما كان لهذه الاخيرة الا ان هزت راسها بالايجاب . مرت مارية بالحديقة فرات بنات جنسها يلعبن فاتجهت اليهن و شاركتهن فى اللعب و اللهو ، ثم انتبهت من غفلتها وتذكرت وصية والدتها فهمت بالانصراف ، ولما فتشت جيب معطفها لتتاكد من النقود لم تجد شيئا. لقد سقطت منها دون أن تشعر ، فبدأ الخوف يساورها وبدأت تحس بالقلق والضعف و تتخيل صور التعذيب والايلام الذي ستتلقاه من امها ، فادركت ان الامر ليس بهين .
جلست مارية في الحديقة تفكر في صياغة كذبة او منفذ ينقذها من ورطتها ، وبينما هي كذلك رات من طرف سياج الحديقة موكب جنائزي صامت يمر ببطئ وكأن الشيطان استحوذ على قلبها وفكرها و وسوس اليها قائلا : لما لا تاخذين كبد هذا الميت لتنجي من ورطتك ؟؟ فذعرت من هول هاته الفكرة الجهنمية ، لكنها تذكرت قهر وتسلط والدتها فتشجعت وعضت على شفتيها المترددتين وعزمت على تنفيذ هاته الفكرة الشيطانية . ازداد قلق مارية عن ذي قبل فقد بدا المساء ينحسر امام ولوج الليل فقامت و تتبعت الموكب . و لم تدم طقوس الجنازة وقتا كبيرا لان المطر بدا يتساقط بغزارة على رؤوس المارين و بمجرد ان انتهت المراسيم انصرف أهل الميت مهرولين وبقيت مارية الخائفة تترقب بقلق و خوف كبيرين خلف شجرة الصنوبر الكبيرة وقد تبللت كليا .
خطر ببالها ان تتراجع عن تنفيذ خطتها ولكن الفكرة كانت قد استحوذت عليها ، فاتجهت الى القبر وجثت على ركبتيها واخذت تزيل التراب عن القبر بسرعة كانها قد جنت . فوصلت اخيرا الى التابوت و دفعت بقوة غطائه ، تسمرت في مكانها بعد أن رات الميت و هو رجل في العقد السادس من عمره ، كان منظرا رهيبا ، كان ايضا ضخم الجثة وقد وضعت احدى يديه فوق الاخرى على صدره مرتديا بدلته السوداء وخاتم الخطوبة في اصبعه . صرخت مارية في وجه الميت كانها تشجع نفسها واخذت تفك اقفال بدلته بايدي مرتعشه هستيرية فظهرت كرشه الكبيرة ثم توقفت . لا بد لها من آله حادة لتشق بطنه .. قامت من مكانها واسرعت متجهة الى اللاشيء و هي تبحث ، فلفتت بصرها قطعة من زجاج ، أخذتها وعادت الى مسرح عملية التشريح .. وبدون تردد اغمدت مارية القطعة الزجاجية فى بطن الرجل واخذت تديرها يمينا وشمالا فتلطخ ثوبها بالدماء وكذلك وجهها ، ثم أدخلت يدها في احشاء الميت وقد ادارت وجهها حتى لا ترى الجثة و هي تشعر بالغثيان ، ثم عادت لتنظر فرأت الكبد ثم شدتها بكل قوة ..
قامت مارية من القبر و دفعت بغطاء التابوت ثم وضعت قطعة الكبد في جيب ثوبها ، و عادت مسرعة الى حنفية الحديقة ثم اشرعت في غسل يديها و وجهها و ثوبها من الدماء ، ثم مسحت نعلها و رتبت جدائل شعرها و هرولت مسرعة الى البيت . دقت الباب وبعد برهة فتحته امها و بمجرد ان راتها امسكتها من اذنها وقالت لها حسابي معك لا حقا . ولما انتهت الدعوة جاءت الام الغاضبة الى مارية و اوسعتها ضربا وسبابا . لم تستطع مارية في تلك الليلة ان تغمض جفنيها فقد كانت صور الميت وهي تمثل بجتثه تمر بخيالها ، فأخذت تبكي وتنتحب بصوت خافت ، و اذا بها تسمع صوتا رهيبا يناديها في راسها قائلا .. مارية انا في الطابق الاول .. ارتعدت مارية و بدا صوت انفاسها يضطرب ، ثم سمعت نداء الميت مرة اخرى يقول مارية انا في الطابق الثاني .. كادت ان تموت من الخوف فنزلت من سريرها واختبات في دولابها الصغير ، ثم جاء الصوت ثقيلا مخيفا .. مارية انا في الطابق الثالث .. حبست انفاسها وكان جسدها يرتجف فلم يبقى سوى الطابق الاخير .. فسمعت الصوت الرهيب .. مارية انا عند الباب .. مارية انا اقترب .. مارية انا عند باب غرفتك .. سامزقك كما مزقت جسدي ساخدك معي الى الجحيم .. مارية انا عند دولابك ،انا اشم رئحة كبدي . اغمضت مارية عينيها ولما فتحتهما وجدت الميت واقفا امامها و جسده مغطى بالدماء ، فهمت بالصراخ ثم انقض عليها بكل ضرواة .
في الصباح جاءت ام مارية لتوقضها من نومها فلم تجدها في سريرها ، و لكن وجدت باب الدولاب مفتوحا فهرعت اليه وفتحته على مصرعيه فسقطت مارية جثة هامدة ولم يكن بها اي خدوش او تنكيل .. لقد ماتت نعم ماتت من الرعب .
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا