تحية مرعبة و بعد
أحداث قصتنا تدور في مدينة سوسة و هي إحدى المدن الساحلية للبلاد التونسية
.....فقد كان لي صديق مقرب يسكن إحدى القرى الشمالية للجمهورية التونسية و إنتقل إلى مدينتي لإستكمال دراسته الجامعية.....
فحاولت مد يد المساعدة و البحث معه على مسكن حتى يستأجره.... و بعد جهد و تعب إستطعنا العثور على شقة في مبنى سكني قديم في وسط المدينة العتيقة....
...فقرر إذا أن يسأجر هذه الشقة هو و ثلاثة من زملائه ليتقاسموا العبء المالي خاصة و أن الشقة كانت واسعة و كبيرة....
.فالمبنى كان عبارة عن ستة طوابق و في كل طابق شقتين......
و روي لنا أنه في الطابق السادس الذي سيسكنه زملائي الأربعة تعيش في الشقة المجاورة لهم إمرأة غريبة و وحيدة و هي قليلة الظهور ولا تحب الإختلاط مع الناس و هي تقوم بتربية عدد كبير من القطط و كلبين هم كل إهتماماتها في الحياة
و طبعاً... أول شيء لاحظه زملائي و منذ ليلتهم الأولى صوت القطط العالي و نباح الكلب الدائم الصادر من شقة هذه المرأة طوال الليل و لكن ما أثار إستغرابهم أكثر شيء هو صوت صراخ المرأة و شجارها المتواصل مع أحد المجهولين بصفة مستمرة.....
وبعد تردد قرر أحد الشبان الذهاب إلى شقة هذه السيدة لإستفسار الأمر و إن كانت تريد أي نوع من المساعدة....و لكن ورغم طرقه للباب عديد المرات و لفترات طويلة لم تفتح له ...
و ما زاد الأمور غموض هو وقوع أحداث غير منطقية في شقة الشبان الأربعة كإنقطاع الكهرباء بشكل متكرر و في شقتهم فقط... و سقوط بلور النوافذ أكثر من مرة... و إنكسار المفتاح في قفل الباب عديد المرات... و أيضاً إنقطاع المياه في الحمام و عودتها بشكل غير منتظم و غير مفهوم.....
.فبرر الشبان كل هذا إلى قدم الشقة و غياب الصيانة بها.....ولكن و في الليلة الخامسة كانت الصدمة... فقد أفاقوا الأربعة من نومهم مشلولين و دقات قلبهم تكاد أن تتوقف بعد رأيتهم... ( هالة )..(شبح) ....أبيض اللون.. له شكل بشري و ملامح بشرية يحدق في وجوههم في شيء من الغضب سرعان ما إختفت في الظلام....
.و أكدوا الأربعة بعد ذلك رأيتهم لهذا الشيء الذي ظهر لهم في نفس الوقت بحكم نومهم الأربعة في غرفة الجلوس حتى يكونوا قرب الشرفة و هذا لحرارة الجو المرتفعة في تلك الفترة من السنة...
......مضى الأسبوع الأول على هذه الحالة و الشبان يعانون و يلاحظون أشياء غير منطقية تتكرر بإستمرار بالشقة.... و نظرا لظروفهم المادية الصعبة لم يتمكنوا من إستأجار شقة أخرى. خاصة و أنهم دفعوا أغلب مدخراتهم للسمسار الذي إستأجروا منه الشقة....
....و في نهاية الأسبوع الثاني قرر ثلاثة منهم العودة إلى منازل عائلاتهم لقضاء عطلة نهاية الأسبوع أما صديقي فقد قرر البقاء بالشقة....و قبل أن يأوي إلى فراشه في تلك الليلة و على غير العادة سمع طرقات على باب شقته و عند فتحه للباب وجد أمامه تلك المرأة التي تسكن معه في نفس الطابق فإرتعب لمجرد رأيتها و تسارعت دقات قلبه من شدة الخوف فقد كانت تلك المرة الأولى التي يرى فيها تلك الجارة الغريبة.....فأخبرته أنها فقدت إحدى قططها و سألته إن كان قد رأى القطة أو جاءته للشقة فأجابها بالنفي في إقتضاب و أغلق الباب و الخوف يسيطر عليه فقد كان شكل تلك المرأة مخيف و غريب و غير مريح.....
....وفي تلك الليلة بعد منتصف الليل أفاق صديقي على صوت قط في شقته و كان صوت القط مزعج للغاية و مخيف لأقصى درجة.... فأخذ يتمتم ببعض الآيات القرآنية و حاول إشعال النور حتى يعرف مصدر هذا الصوت بالضبط
لكنه لم ينجح في ذلك... فالنور لم يشتعل كالعادة .
وفي نفس تلك اللحظة تعالى صوت القط....أكثر....فأكثر....
و أصبح أكثر إزعاجا إلى جانب بعض الأصوات الأخرى الغريبة التي تلقي الرعب في القلوب.... أصوات تشبه صوت ركض أو جري أقدام بشرية حافية لا ترتدي حذاء..... فسارع صديقي لفتح باب الشقة و الهروب لكن الباب لم يفتح و إنكسر مقبض الباب في يده.....
و في لحظة خاطفة رأى شيء كأنه رجل طويل يتحرك في الغرفة و يدور حول نفسه مع تعالي أصوات الركض التي أصبحت تشبه صوت ركض الحصان.... إلى جانب أصوات أخرى غريبة و غير مفهومة صادرة من هذا الشيء الذي كان على شكل رجل ضخم لكنه بلا ساقين..
...و هنا إنتاب صديقي الرعب الشديد و دخل في هيستيريا و أخذ في الصراخ طالبا النجدة محاولا فتح الباب بكل قوته......
كل هذه الأمور المرعبة لم تدم سوى 30 ثانية تقريبا لكنها جعلته يسقط أرضا من شدة الخوف و الرعب..
....و أفاق من الصدمة على صوت الجيران و هم يطرقون الباب و يحاولون كسره و فتحه بالقوة....و نجحوا في خلع الباب بعد محاولات عديدة .
....فروى لهم ما شاهد و ما عاش من لحظات مرعبة مخيفة و الغريب في الأمر أن كل الجيران أكدوا سماعهم لهذه الاصوات الغريبة أيضاً و أن سماعهم لصراخه العالي و طلبه للنجدة جعلهم يتسارعون إليه...كما أكد بعضهم أنهم سمعوا نفس تلك الأصوات تأتي من شقة المرأة الغريبة أيضاً... التي رغم الهرج و المرج لم تخرج من شقتها لتكتشف ماذا يحصل و لو من باب الفضول.
....و بعد أن نجح الجيران في إشعال النور قاموا بتفتيش الشقة فعثروا فيها على كومة من شعر القطط في ركن من أركان إحدى الغرف وكان من الواضح أنها لأكثر من قطة نظرا لكثرة الكمية..
....هذا رغم أن الشبان الأربعة لا يمتلكون قطط في الشقة ولا يقومون بتربيتها
فإتفق جميع متساكني المبنى على تقديم شكوى جماعية لمالك العقار و إخراج المرأة الغريبة من شقتها أو إجبارها على عدم تربية الحيوانات فيها.....
...و بعد يومين جاء صاحب المبنى السكني و تجمع جميع الجيران و باقي الطلبة الأربعة و العديد من زملائهم و حتى متساكني المباني المجاورة...(.فقد أصبحت تلك الحادثة حديث الجميع..).....و كم كانت دهشتنا و صدمتنا كبيرة عندما أخبرنا صاحب المبنى أن المرأة صاحبة القطط و الكلبين كانت قد غادرت الشقة منذ أكثر من 6 أشهر و أخبرنا أن الشقة فارغة ولا أحد يعيش بها و بالفعل فتح لنا الباب و لم نجد في الشقة شيء....(فارغة) .....(تماما)...... إلا من كومة من شعر القطط كانت ملقية في ركن من أركان الشقة ....كومة تشبه الكومة التي وجدها المتساكنون في شقة الطلبة منذ يومين
و بما ان كل سكان البناية لم تمر فترة طويلة منذ إستأجارهم لشققهم......زاد هذا في الغموض الذي يحوم حول كامل المبنى السكني و ألقى الرعب و الخوف في قلوب الجميع فقرر أصدقائي مغادرة الشقة ثم بصفة متتابعة خرج جميع المتساكنين و بقيت البناية مهجورة و ذاع صيتها أنها مسكونة بالأشباح
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا