العصر البابلي القديم:
شاء القدر للبلاد أن تتوحد من جديد في أوائل الألف الثاني قبل الميلاد، عندما ظهر "حمورابي" الفارس المغوار في عام 1686 ق.م.، الذي اجتمعت فيه صفات نادرة، شكلت منه قائداً وسياسياً ومصلحاً ومشرعاً، فاستطاع بهذه الخصال أن يوحد البلاد، وأن ينشئ أسرة حاكمة جديدة عرفت بسلالة بابل الأولى (1894 — 1595 ق.م} وهزم العيلاميين في معركة "ضروس"، بعدما أظهر خلالها براعته في حسن التدبير والحزم، ما جعله قادراً على تمزيق جموعهم، وتقدم بعدها وامتدت فتوحاته إلى شمالي بلاد الرافدين وإلى جهات الهلال الخصيب الأخرى، و"حمورابي" له شهرة كبيرة في التاريخ، فكان صاحب فكرة من شريعة واحدة تسري أحكامها في جميع أنحاء المملكة، أطلق عليها "قانون حمورابي" أو "شريعة حمورابي" أو "دستور حمورابي" والذي يعد من أولي الشرائع العبقرية والمتكاملة في العالم، فمن المدهش جمعها للقانون المدني وقانون العقوبات، وقانون الأحوال الشخصية. واتسمت الحياة في العهد البابلي الأول أو القديم بكثرة بناء المدن واتساعها الملحوظ، فضلاً عن التطور العلمي، وانتقلت المعارف البشرية من أطوارها العملية إلى طور التدوين والبحث، واستمرت الحياة في التحضر والتقدم، حتى انتهت تلك السلالة على يد دخلاء آخرين وهم "الكاشيون".
العصر البابلي الوسيط (الفترة المظلمة الثانية}َ
شهدت البلاد تدهوراً كبيراً بعدما غزتها تلك الأقوام التي جاءت من الشرق أو الشمال الشرقي، والذين عُرفوا بالكاشيين، ثم أسسوا سلالة حاكمة جديدة دام حكمها لمدة خمس قرون، لتبدأ بلاد الرافدين في تسطير حقبة تاريخية سوداء. أما الكاشيون فكانوا عند حكمهم قد تخلوا عن لغتهم الأصلية وديانتهم الخاصة، فلا توجد وثائق أو سجلات تاريخية بلغتهم الأصلية وإنما استعملوا اللغة البابلية، وكانوا قد اعتنقوا الديانة البابلية، ومن أشهر عواصمهم، هي العاصمة التي أسسوها في منتصف عهدهم عرفت باسم "دور — كوريكالزو" نسبة لاسم ملك الكايشين "كوريكالزو الأول" في القرن الرابع عشر قبل الميلاد قرب بغداد حالياً، والتي أطلق عليها أيضا اسم "زقورة عقرقوفو". استمر الحكم هكذا حتى ظهرت انطلاقة "الآشوريين"، الذين شرعوا في تأسيس مملكة خاصة بهم في شمال العراق، وبدأوا في محاربة "الكاشيين"، ومنازعتهم على زعامة البلاد السياسية.
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا