عاشقة الإنس
فيوم يوم من الأيام عزمني صديقي فالح على حفلة عرس صديقه في "منطقة الجهراء وبالتحديد في منطقة العيون ولما وصلنا إلى هناك كان العرس عبارة عن خيمة مفروشة على أرض ترابية وكان المكان مغطى بالسجاد الأحمر الجميل ويملأ المكان إضاءة جميلة عبارة عن مصابيح كثيرة معلقة على عمود طويل كما توجد مصابيح تحيط بمكان خيمة العرس هنا وهناك (القنفات والكراسي) مرتبة بشكل جميل وكان حشد كثير من الناس متواجد تحت خيمة العرس وعندما وصلت إلى مكان العرس جاء صديقي فالح وسلم علي واصطحبني إلى صديقه المعرس ثم سلمت عليه وباركت له على زواجه ثم جلست أنا وصديقي فالح نتبادل الأحاديث ثم بعد قليل جاءت فرقة من الفرق الفنون الشعبية وأخذوا يعزفون وكان عزفهم جداً جميل كما يجيدون العزف على الطبول والطيران يجيدون الغناء السامري والحبيتي الجميل وبعد فترة الاستراحة القصير حان وقت العشاء وبعد العشاء بقليل بدأ العزف مرة أخلى على الطيران وبعد لحظات فإذا بأحد الأشخاص ذات البشرة السمراء يأتي في منتصف أعضاء الفرقة التي كانت تدق على الطيران بكل قوة فيبدأ بالرقص وكان رقصه في بداية الأمر هادئاً وبعد ذلك تحول إلى رقص سريع مع أصوات الطبول والطيران وبعد قليل بدا بالانتفاض والارتجاف والرقص الهستيري ولم يتوقف العزف رغم رعب المشهد ثم أخذ يلف رأسه يميناً ويساراً بسرعة وبطريقة مجنونة والناس ينظرون إليه بتعجب وفجأة أطلق صرخة مدوية ثم طار بالهواء حوالي مترين وهو في وضع المستلقي على ظهره ثم يسقط على ظهره مغشياً عليه فتعجبت أنا وصديقي فالح على هذا الحالة فتجمع الناس حوله وهم مستغربين عليه منصدمين مما شاهدوه فجاء أخيه مسرعاً وفرقنا عنه وقالوا ابتعدوا عنه أنه أخي أنه أخي ثم جاء بالماء ورشه على وجه أخيه حتى استيقظ وشرب الماء فاطمئنا الناس عليه وقال لهم لا تقلقوا عليه أنه أخي هذه أمور عادية بالنسبة له لقد تعود عليها في كل عرس يذهب إليه سيكون بخير لا تقلقوا عليه ثم وقفنا أنا وفالح وبعض الحضور على رفعة الرجل من الأرض وأجلسناه على الكرسي وبعد أن ارتاح قليلاً وقف ليلبس الغترة والعقال بمساعدة أخيه ثم أخذه أخيه ليذهب به إلى البيت حتى يرتاح ثم أخذت أنا وصديقي فالح نفكر بكلمات أخيه (لقد تعود عليها تعود عليها في كل عرس) فأخذني الفضول وقلت لصديقي فالح.. يا فالح أود أن أعرف حقيقة هذا الرجل فقال فالح.. عندما يأتي إلى هنا يمكنك أن تسأله.. فقلت هل تتوقع أن يرجع فقال بكل تأكيد.. وبعد فترة وجيزة جاء وجلس بعد أن أوصل أخيه إلى البيت فذهبت غليه أنا وفالح وسلمنا عليه وتحمدنا الله على سلامة أخيه فشكرنا وقال فالح أعرفكم ببعض هذا صديقي محمد وهذا صديقي سعد فرحب بنا سعد وقال لنا تفضلوا .. فلما جلسنا وبعد أن اطمأن على صحة أخيه فقلت له لقد أثير انتباهي كلماتك عندما قلت لقد تعود عليها.. لقد تعود عليها.. فلو تكرمت وشرحت لنا ما المقصود بلكماتك هذه إذا كان هذا لا يضايقك.. فقال لنا لا بكل سرور فهذا لم يعد سراً ويعلم به الجميع كنت أقصد يا أصدقائي أن أخي لم يكن يتحكم بنفسه.. وأن في أي عرس يحضره تحصل معه هذه الحالة فأصبحت عادة وكانت سرجس هي المسئولة وهي التي تجعله يفعل ذلك وهو لا يدري.. فاستغربت وقلت سرجس ماذا تقصد.. فضحك وقال هذه حكاية طويلة عريضة لأن أخي عبد الله هذا متزوج من جنيه اسمها سرجس وهي تحبه جداً كما تقول.. وقلت وأنا غير مصدق متزوج من جنيه كيف فقال سأحكي لك كل الحكاية فقلت له تفضل فقال كنت أنا وأخي ومجموعة من الأصدقاء ذاهبين إلى بر الصبية لكي نتسلى ونمرح ونقضي وقتاً جميلاً.. وفي ليلة من الليالي وبينما نحن نتسامر ونتجاذب أطراف الحديث حول نار أشعلناها لنتدفأ بها وبعد فترة من الزمن استأذن أخي وقال إني ذاهب لكي احلق ذقني فتركنا وذهب وبينما نحن على هذه الحال إذا بصرخة مخيفة يطلقها أخي تهز مخيمنا وعندما ذهبنا مسرعين له فإذا بأخي مغمى عليه في الحمام فرشينا عليه الماء وأيقظناه وقلنا له ما بك لماذا صرخت هكذا فقال لا أعرف.. لقد كنت وأنا أحلق ذقني وشاهدت من خلال المنظرة امرأة خلفي تماماً تهمس بأذني بكلمات لا أعرف معناها فخفت وصرخت من هول المنظر ولم أدري بنفسي إلا وأنتم حولي فطمأنا أخي وقلنا له لا بأس عليك لا تخف كل ما حصل لك هذا كان من الخيال وأخرجناه من الحمام وألبسناه ملابسه ثم ذهب إلى السرير لكي يخلد إلى النوم ويرتاح وعندما نام أخي أخذنا نفكر بما قاله أخي فمنا من صدق ما قاله أخي وقال إنها فعلاً جنية من جن البر وهم يعيشون بكثرة في الصحاري والبر وهذا المكان يكون البيئة الملائمة للجن ومنهم من نفى ذلك وقال لا تصدقوا هذه الخرافات هذا الشيء من محاكات العقل الباطن والتهيؤات ولكن في النهاية اتفقنا على أن نرجع إلى بيوتنا في الصباح على أن نأتي إلى المخيم بعد يومين بعد أن نطمئن على صحة أخي وفي الصباح ومع طلوع الشمس حملنا أمتعتنا وذهبنا إلى بيوتنا وأخذت أخي إلى الطبيب لأنه كان يرتجف ويحس ببرودة تسري في جسمه وبعد التحاليل قال الطبيب بأنه لا يوجد به أي شيء مجرد نزلة برد ولكن بعد يوم لاحظنا على أخي ينظر إلينا بنظرات غريبة وكأنه غريب علينا وكانت تصرفاته غريبة مثل جلوسه في غرفته أوقات طويلة جداً مع أنه يحب الخروج من البيت ولا يهتم بنفسه وتطور الأمر إلى أن أصبح نسمعه يتحدث بالليل في غرفته وهو وحده ونحن نقول مع من يتحدث أخي.. فخافت أمي على أخي وأخذت تبكي عليه وتقول لقد جن ولدي لقد جن ولدي وبعد فترة من العزلة خرج أخي وكان لا يوجد به أي شيء فأخذ يقبل رأس الوالد والوالدة ويسأل عن الجميع كما يفعل بالسابق وعندما سألناه مع من كنت تتحدث كل ليلة.. فجاء بالجواب الذي أذهب الجميع وقال كنت أتحدث مع زوجتي وهنا انصدمنا من هول ما سمعنا فقلنا له زوجتك.. فقال لنا نعم.. فقلنا له اين هي زوجتك.. فقال إنها هنا تجلس في هذا المكان وهو يشير إلى كان مظلم في الصالة وهنا أخذت أمي تبكي على أخي بحرقة لأنها اعتقدت بأنه جن جنونه ولكنني أفهمت أمي ماذا يعني أخي وعرفت من كلامه بأن الجنية لبسته عندما كان بالحمام في البر فأخذت أنا أتظاهر بأني أراها فقلت لأخي مبروك فعلاً إنها بنت جميلة.. فقال لي أنت تراها.. فأجبت بنعم.. فقال ولكن أمي لماذا لا تراها.. فقلت بأن أمي متعبة الآن وسترها عندما تكون بخير فأخذته إلى داره حتى ينام وأتحدث أنا وأمي في هذا الموضوع فأخبرت أمي بأن أخي ليس مجنون فأخبرتها بأن هو مسكون من قبل جنية لبسته عندما كنا في بر الصبية وأن أخي يراها ويتحدث معها كأنه يتحدث مع أي إنسان آخر وأنه يحس بها ويسمعها ويراها ويرى ردة فعلها إذا كانت غاضبة أو راضية أو فرحانة أو زعلانة لذلك يجب عليك يا أمي أن تتقبلي هذا الوضع الجديد لأخي وأن نسايره حتى لا تكون هناك ردة فعل عصبية وعنيف من قبل أخي نحونا وهكذا تفهمت أمي ما يمر فيه أخي وأعتدنا على هذا لوضع أكثر من خمس سنوات فكان كلما أراد أن يفعل شيئ يستشرها مثل يريد أن يخرج.. أو يلعب كرة القدم.. أو يريد السباحة.. أو حتى النوم فحاولت أمي أن تزوجه من ابنة عمه اعتقاداً من أمي على أن هذا الزواج سيحل المشكلة ولكن كان يرفض أمر الزواج بشدة وكان رافض لهذا الموضوع تماماً وكانت الوالدة تلح عليه بالزواج وهو يتضايق وتكون له ردة فعل عنيفة مثل تكسير التحف والأجهزة الإلكترونية أو يغلق الباب عليه ولا يأكل كل هذا بمجرد أن تكلمه أمي بموضوع الزواج فكان يقول لها وقد تغيرت نبرة صوته وأصبحت حادة وناعمة كالأنثى.. لماذا تريدين له الزواج أنني زوجته (سرجس) ألا يكفيك أنا.. فترتعد أمي وتتراجع أمي عن فكرة الزواج وكان أخي يصفها لي ويقول.. إنها بيضاء ونحيفة وشعرها أسود وطويل وجسمها متناسق وجميل وإنها تحبه حباً جماً ولا تستطيع أن تفارقه كما تقول لي وإنني أيضاً لا أستطيع أن أفارقها أبداً وفي يوم من الأيام أحضر الوالد شيخ دين لكي يقرأ على أخي عبد الله فلما أحس عبد الله بالشيخ خرج له يريد أن يضربه فأمسكناه أنا وأبي وأخي وبعض أصدقاء الشيخ ووضعناه على السرير في وضع المستلقي فقال للشيخ وهو يتكلم بصوت نسائي أن أمسكتني سأقتلك سأقتلك.. فقال لها الشيخ لقد جئت لأخص هذا الفتى من شرك.. لماذا أنتي بداخله من أنتي أيتها الخبيثة فقال له أخي عبد الله وهو مازال على صوته النسائي وأصبح صوته أكثر حدة وقوة.. أنا زوجته سرجس وأني أحبه لماذا جئت لكي تفصلنا عن بعض فقال الشيخ لأن هذا الزواج لا يجوز أنتي من الجن وهو من الإنس فقالت له سرجس أنك لن تستطيع أن تفصلنا عن بعض فقال لها الشيخ سوف تنفصلين عن هذا الجسد بالله وكتاب اله فقالت له وهي تهدد الشيخ لن تستطيع أن تفصلنا لقد تعاهدنا على أن لا نترك بعضنا حتى الموت فقال الشيخ ولكن هذا لا يجوز يجب أنت خرجي منه وإلا حقرتك بكتاب الله.. وقالت سرجس إن حاولت أن تخرجني منه فسوف أقتله لأنني لا أريده أن يكون لأحد غيري.. وعندما سمعت أمي كلام الجنية التي كانت تتحدث بلسان أخي فخافت أمي على أخي فقالت أمي وهي تكلم الشيخ من وراء الباب.. أرجوك يا شيخ توقف لا أريد أن أفقده.. فقال لها الشيخ لا عليك يا أم عبد الله لا عليك لا تخافي سيحفظه الله.. فقال لنا الشيخ يجب أن نمسكه ونربطه حتى نقرأ عليه. وعندما تجمعنا عليه لكي نمسكه لن نتمكن منه لقد كنا نحن أكثر من سبعة أشخاص ولكن تمكن منا وأخذ يوزعنا هنا وهناك ولا أعرف من أين أتت له كل هذه القوة عندئذ جاءت أمي ودخلت علينا الغرفة وهي تبكي وتتوسل إلى أبي والشيخ أن يتركوا عبد الله بحاله لأنها ستفقده إذا استمروا بعملهم وهنا رفض أن يكمل الشيخ عمله في وسط هذه الأجواء والتوسلات من أمي.. ومن يومها ونحن اعتدنا على هذا الوضع في البيت فسرجس لا تضايقنا ولا تزعجنا وقد اعتدنا على الأمور الغريبة إن حدثت في البيت ولكن ما يضايقنا هو أن أخي أغلب الأوقات يكلم نفسه أما غير ذلك فلم تضايقنا وحياة أخي عبد الله خارج المنزل حياة طبيعية جداً ما عدا بعض الأحيان عندما يذهب إلى الأعراس فينفعل مع دقة الطيران وإيقاعاتها لأنها تثير سرجس التي تلبسه كما رأيت قبل قليل والآن أصبح عمر أخي خمسين سنة ولم يتزوج لأن لا يوجد من يستطيع أن يقنع سرجس بالزواج عليها.. فضحكت وقلت لصديقي سعد منه المال ومن سرجرس الجنانوة فضحك سعد وقال لي الفال لك يا حبيب فضحكت وقلت الحمد لله إنني متزوج ولدي ولد وبنت فضحكنا كثيراً وبعدها شكرت كل من صديقي فالح وسعد على هذا الوقت الجميل فذهبت إلى سيارتي وأنا أقول في نفسي (حابس حابس يكفينا شر الملابس)
.
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا