ما قبل الموت
للكاتب /صبحي المرسي
إيه اللي بيشوفه الإنسان قبل ما يموت:
الساعة كانت 3 بالليل في مستشفى بالقاهرة، دكتور التخدير كتب في التقرير إن “(حسين.م – 39 سنة ، توقف قلبه لمدة 11 دقيقة كاملة بسبب جلطة مفاجئة.
في الوقت ده، الأطباء شغالين إنعاش، جهاز الصدمات بيتزنق على صدره، واللي حواليه فاكرينه خلاص… مات.
بعد 11 دقيقة، القلب رجع.
رجع، لكن حسين رجع بعقل تاني.
أول ما فتح عينه، كان بيصرخ بصوت متقطع ووشه مرعوب بشكل هستيري وبيقول:
(متدفنونيش تاني!… أنا كنت تحت!… كنت شايف التراب فوق وبيتكتم عليا!)
الأطباء افتكروا إنه يهذي بسبب نقص الأكسجين ،
لكن بعد ما هدي، قال الكلام اللي خلى تمريض المستشفى يبطلوا يدخلوا لوحدهم الأوضة يومين ، قال:
أنا كنت شايف ستة رجالة بيشيلوا جسمي ، بيعدوني في عربة سودا ، وسمعت صوت واحد بيقول:
(اقفلها كويس… مترجعش تاني).
وبعدين اتسد عليا… حسيت الخشب والضلمة والريحة.
لما سألوه:
إنت حسيت إنك بتموت؟
قال:
كنت ميت… بس كنت صاحي.
هل الإنسان فعلاً بيشوف حاجات لحظة موته؟
اللي حصل مع حسين مش حالة غريبة ، لكنها أخطر حاجة في عالم الطب:
الإنسان وهو بيموت بيفوق مش بيفصل.
المخ في لحظة الموت مش بيطفي ، ده بيولع.
الحقيقة المرعبة :
في 2022، فريق أبحاث في أمريكا سجل نشاط مخ لشخص بيموت أثناء عملية.
اللي حصل كان عكس المتوقع:
بدل ما نشاط المخ يقل ، زاد فجأة 10 أضعاف!
المنطق العلمي بيقول الإنسان بيموت لأن مخه بيفقد الأكسجين.
لكن اللي اكتشفوه أثبت العكس:
قبل ما يموت بدقايق ، مخه اشتغل كأنه بيحارب.
المخ بيحاول إيه؟
العلماء بيقولوا إن المخ بيفتح ذاكرة شديدة القوة آخر لحظة قبل الموت. كأن العقل بيفتح بوابة مخفية.
لكن المفاجأة؟
مش كل الناس بتشوف ذكريات سعيدة.
فيه ناس بتشوف:
سقوط في حفرة
قبور
ناس بتبص عليهم
أصوات بتنده
أماكن مظلمة مالهاش نهاية
ليه بعض الناس بتشوف دفنها؟
المخ في آخر لحظة بيحاول يواجه أقوى خوف داخلي عند الإنسان.
لو أقوى خوف عندك هو القبر…
هتشوفه.
لو أقوى خوف عندك هو الخيانة، الغرق، الوحدة، الضلمة…
هتشوفهم.
فين الدين من الموضوع ده؟
في تفسير ديني قديم من كلام ابن القيم بخصوص سكرات الموت، بيقول إن الإنسان لحظة موته يعرض عليه مكانه، سواء خير أو شر.
الطب بيقول: المخ بيعرض أكبر خوف.
الدين بيقول: الإنسان يرى بدايات مصيره.
والنتيجة المرعبة؟
ممكن يكون اللي بيشوفه الإنسان مش خيال ، ولا ذاكرة ،لكن حقيقة مكان رايح له.
طب إيه علاقة ده بالصراخ؟
معظم الناس اللي رجعت من الموت السريري بيصرخوا.
مش لأنهم تعبوا
لأنهم شافوا حاجة مش مستعدين ليها.
في بحث اتعمل في قسم طوارئ جامعة ميشيغان، 42 حالة رجعت بعد موت سريري.
22 منهم شافوا نور
12 شافوا ذكريات
8 شافوا ظلام أو أشخاص أو قبور
والـ 8 كلهم تقريبآ كانوا بيصرخوا.
والخوف الأكبر؟
إن الحالات المخيفة مش بتتحكي بسهولة.
ناس بتخاف تتكلم.
فيه اللي بيسكت ، فيه اللي بينسى ،
وفيه اللي بيمرض بعدها باكتئاب أو قرارات دينية مفاجئة.
هل اللي بنشوفه علامة؟
الطب يقول: المخ بيرتبك.
الدين يقول: الروح ترى بعض حقيقتها.
واللي راجع بعد الموت؟
هو شاهد ، بس مش قادر يفسر.
إحنا كـ بشر بنخاف نعرف.
يمكن لأن الحقيقة أقرب من الخوف.
يمكن لأن الموت مش بيخطف ، الموت بيعرف.
الإنسان في لحظة موته ما بيبقاش نايم ، بيكون صاحي أكتر من أي لحظة في حياته.
الذاكرة مش بتختفي
العقل مش بيستسلم
المخ مش بيطفي
العقل بيفتح آخر
باب، وبعدها يسيبك تمشي لوحدك.
في ناس بتدخل باب نور
وفي ناس بتدخل ظلام
وفي ناس ، زي حسين
دخلوا القبر قبل ما يموتوا.
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا