حضارة العصر الحجري الوسيط في الشرق الأدنى

  • الكاتب : q8_failaka
  • / 2025-11-04

حضارة العصر الحجري حالوسيط في الشرق الأدنى 

 10000 - 9000 قبل الميلاد

بالرغم من أن القليل قد عرف عن الظروف السائدة في الشرق الأدنى في الفترة الجليدية المتأخرة ما بين عام 10000 و9000 قبل الميلاد فإن من الواضح تماماً أن التغيرات المناخية في هذه المنطقة الأكثر دفئاً كانت أقل حدة منها في أوروبا. ولقد أثبتت الأبحاث الحديثة وجود فجوات في الإقامة في الكهوف في المناطق الجبلية في كردستان والأناضول ولبنان وكثافة قليلة في السكان ما بين الألف الخامس والعشرين والألف العاشر قبل الميلاد. كما وأظهرت وجود جموديات محلية في بعض أجزاء الأناضول حوالي الألف العاشر قبل الميلاد ولكن لم يتم التحقق من آثارها بعد من خلال الأبحاث الأثرية.

أما في أوروبا فإن تراجع الجليديات نحو الشمال قد سبب اختفاءاً تدريجياً في القطعان الضخمة من الحيوانات العشبية وأصبح طعام إنسان العصر الحجري القديم يعتمد على حيوانات متنوعة أقل وفرة وأكثر رشاقة كالغزال والخنزير البري وعلى عدد من الحيوانات الأصغر حجماً.

لقد استطاع الإنسان أن يتكيف مع هذه الظروف الجديدة بطريق مختلفة مطوراً حضارات معروفة باسم حضارات العصر الحجري الوسيط. كان الناس ما زالوا جامعي طعام يؤمنون عيشهم بواسطة الصيد البري وصيد الأسماك وجمع الفواكه وثمار التوت والجوز وغيرها من النباتات الصالحة للأكل. وللمساعدة في البحث عن الطرائد تم تدجين الكلب.

يمكن اقتفاء أثر حضارات العصر الحجري الوسيط في أوروبا الغربية عبر مرحلة لا تقل عن ستة آلاف سنة بدءاً من الألف العاشر حتى الألف الرابع قبل الميلاد وعبر فترة أطول في أجزاء كثيرة من أوروبا. ولقد تعاقبت في منطقة بعد أخرى حضارات قامت بتطوير الزراعة البدائية وتدجين الحيوانات. إن مفهومي حفظ وإنتاج الطعام الجديدين لم يثبت إنهما من أصل أوروبي لأنه لا الأسلاف البرية للأغنام والماعز والخنازير ولا القمح أو الشعير كان موطنها الطبيعي أوروبا.

إن منشأ الزراعة وتدجين الحيوانات يجب البحث عنه في منطقة تكون فيها الحبوب والحيوانات هذه في موطنها وفي حالة برية أي في الشرق الأدنى. لقد كانت الأراضي المرتفعة والوافرة المياه التي تحيط بالصحراء السورية كالهدف ونجود إيران والأناضول هي البيئة الطبيعية لقطعان الأغنام والماعز والخنازير. كما وإن الأسلاف البرية للقمح والشعير والنباتات المتوسطة الارتفاع تفضل ارتفاع (2000 و3000) قدم فوق سطح البحر. أما النوعان الرئيسيان من القمح في العصور القديمة فقد كان النوع الأول ينتشر في حالته البرية في المنطقة ما بين البلقان إلى غرب إيران، بينما النوع الثاني فإن موطنه يبدو في منطقة بلاد الرافدين وشرق تركيا وبلاد فارس من جهة وجنوب سورية وفلسطين والأردن من جهة أخرى. وكذلك فإن توزع الشعير كان يغطي نفس المنطقة من الأناضول إلى أفغانستان ومن القوقاز إلى الجزيرة العربية. والجدير بالذكر هنا أن هذه المحاصيل الغذائية بالإضافة إلى الأغنام والماعز لم تكون موجودة في مصر.

لم يعرف إلا القليل عن مناخ هذه الفترة المبكرة من التاريخ لكن وجود الغابات الكثيفة والمراعي الواسعة التي تضاءلت الآن بسبب الرعي والقطع الجائر للحراج يدل بشكل مؤكد على معدل عال من الأمطار. بطريقة أخرى فإنه يقال أن الشرق الأدنى قبل عشرة آلاف سنة كان له نفس المظهر الطبيعي الذي نعرفه في الوقت الحاضر. على هذه الخلفية، المختلفة تماماً عنها في أوروبا في نفس المرحلة، حدثت تطورات هامة مثل اكتشاف الزراعة وتدجين الحيوانات ووضعت حجر الأساس للحضارة. كل هذه الأمور يجدر النظر إليها على ضوء الدليل الملموس.

إن المرحلة التي يعني بها هذا البحث هي الفترة الممتدة من بداية العصر الحجر الوسيط في الألف العاشر قبل الميلاد وحتى نشوء أول الحضارات الكتابية في مصر وبلاد ما بين النهرين عام 3500 قبل الميلاد. هذه الفترة التي تمتد لستة آلاف سنة وأكثر تمثل عصور ما قبل التاريخ. لم يكن هناك أي كتابة ولذلك فإننا نجهل التسميات التي كانت هذه الشعوب المختلفة تطلقها على نفسها كما ونجهل أيضاً اللغات التي كانوا يستعملونها. ومع ذلك فإن من الممكن تكوين بعض الأفكار عن شكل الناس من الأدلة المأخوذة من الهياكل العظيمة كل الهياكل العظيمة التي عثر عليها كانت هياكل الإنسان الحديث ويمكن تمييز عرقين واضحين على الأقل هما عرق إنسان البحر الأبيض المتوسط وعرق الإنسان الأوروأفريقي الأكثر قوة. ويتميز الإنسان في هذين العرقين بطول الرأس.

 

التعليقات

للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا