سارق الأموات..
قاده حظه العاثر إلى مقبرة الاجتماع
بعد الانتهاء من العشاء أسندت رأسي على إحدى حوائط المقبرة وأخذت أفكر كثيراً ولا أدري ما الذي جعلني أرتعب ودبت في جسدي قشعريرة الخوف والموت من هذه القصص المخيفة وأنا أجول بنظري في هذا المكان الموحش كأني أراه لأول مرة وإذا بي أنتبه على أصوات عذبه تشدو بألحان الموت
"كنت فين يا وعد يا مقدر دي خزانة وبابها مسدر"
إنها بكائية موسيقاها سوداء تعزف كلماتها النساء عن.. الموت.. والقبر.
لقد توفي أحد الأشخاص وجاء "التربي" ليضم مواطن جديد إلى عالم الأموات.. وذهبت إلى مقبرتهم بصحبة والدي لنشد من أزرهم وأخذت أنظر إلى "التربي" الذي فتح القبر وبعد البسملة أخذ حفنة من الرمل وقذفها في وجه القبر وبعد ثواني نزل إلى القبر بظهره وكأنه يوجد عداوة بينهما وبعد الانتهاء من الدفن وانصراف الجميع تقدمت إلى "التربي" وكعادتي السيئة أخذت الدهاء طريقي وابتسامة مزيفة تعلو وجهي قائلاً: مرحباً بالرجل المملوء شجاعة.. ابتسم هو وراقت له التحية ورحب بي.
قلت له: لماذا قذفت القبر بالرمل ونزلت بظهرك في القبر؟
أجاب "التربي: قائلاً: يا صديقي لعل وعسى أن يكون أحد العفاريت داخل المقبرة فقذفت الرمل لينتبه لوجودي وأخاف أن أنزل بوجهي لربما لم ينصرف بعد من المكان فنتصادم وجه لوجه ولذلك نزلت بظهري أفضل هذه توارثتها من جدي بعد الذي حدث مع سارق الأموات..
سارق الأموات! سأبالي هذه الليلة الغبراء أسمع عبارات مرعبة كادت أن تقتلع قلبي.. رحت أحدث نفسي..
وحين شاهدني "التربي" متعجباً مندهشاً من قوله استرسل في الحديث قائلاً: كان يسكن في القرية القريبة من المقابر شخص يسرق الأموات بعد دفنهم كان يذهب إلى المقابر ليلاً وينبش القبور ويأخذ الأكفان من على جسد الأموات وأحياناً كان يحالفه الحظ فيجد بعض الخواتم والأقراط الذهبية التي تترك مع الميت كنوع من الإكرام له.
وذات يوم سمع السارق عن موت أحد الأثرياء وفي ليلة حالكة السواد تجوبها رياح باردة بقسوة وتثير الغبار خرج السارق من بيته وذهب إلى المقابر قاصداً قبر الميت الثري وعندما وصل إلى المكان بدأ ينبش القبر ونزل في داخله وقبض على يد الميت بعد أن جرده تماماً من الأكفان يبحث عن الذهب في يده.. ولكن مهلاً فاليد ليست بشرية على الإطلاق.. بل أشبه بحافر حيوان..
وشدته هذه اليد نحوها وهو مرعوباً لا يقوى على الحراك ولا يدري ماذا يفعل ولم يشعر إلا وأيدي العفاريت تقبض عليه من الأمام والخلف ليتجمد الدم في عروقه وأصوات الصراخ المرعبة تخرج من العفاريت الذين أحاطوا به وأخذ قلبه يدق بسرعة معلناً أن يوم القيامة قد قام وأن الأموات قاموا لينتقموا منه لما فعله وإذا به يرى عيوناً كثيرة انبثقت في الظلام عيون حمراء تدوران في محجريهما لم تعد أقدامه تقوى على حمله من الرعب وتوقف قلبه عن النبض وأغلق عينيه واستسلم عزرائيل الذي أخذ روحه..
وفي الصباح وجدوه جثة هامدة يحتضن أرض القبر بيديه..
فسألت "التربي" وجسدي يرتجف: كيف علمتم بما حدث داخل القبر؟
أجاب "التربي" لقد أتوا بأحد العرافين وقال لهم لقد كان في هذه المقبرة اجتماع يضم عفاريت كثيرة وهو اقتحم عليهم المكان.. حظه العاثر قاده إليهم..
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا