أسطورة جنية العقبة
كان يوجد في عدن عاصمة الجنوب اليمني والتي كانت تعرف قديماً باسم كربتر مكان اشتهر بصلته بأسطورة عن جنية وذلك قبل عام 1850، كان المكان عبارة عن أرض ترابية وخلاء تربط عدن بمدينة المعلا وتسمى العقبة أو باب عدن. وقيل أن الجنية كانت تظهر في هذا المكان وفي زمن لم يكن يضيء في ظلمة الليل سوى القمر والفوانيس.
وفي الستينيات من القرن الماضي انتشرت قصة "جنية العقبة" لتصبح رعباً في حياة السكان، حيث قالوا إنها امرأة جميلة جداً تسير في طريق العقبة في ساعة متأخرة من الليل، وقيل إن جمالها طاغياً مع أنها لها سيقان حمار6، وكانت كل سيارة تمر بالعقبة ليلاً يشعر ركابها بالرعب، وبعضهم يجذبه الفضول ليخرج رأسه من نافذة السيارة لعله يراها، والبعض روى أنه شاهدها أو لمحها، والأكثر جرأة منهم يقول إنها لوحت له بيدها ويقسم اليمين على ذلك وقيل أيضاً أن أحدهم أخذها بسيارته وأنها أحبته وطلبت منه الرحيل معها إلى بيت أهلها في مدينة الجن الواقعة أسفل بحر "حقات".
هناك قصة واقعية ربما كان لها شأن في انتشار الأسطورة:
في عام 1962 وعندما كانت عدن مستعمرة بريطانية قرر الجنرال (وليشاير كمشنر) مسؤول الشرطة إلحاق أول مجموعة من الضباط الخريجين من الثانوية إلى قوة بوليس عدن البريطاني، كانت المجموعة تتكون من الملازم ثاني: محمد حسين باحبيب، نديم عبد الستار، عيديد أحمد شميله، عبد الله سالم الخضر، سعيد عذب، أسامة علي قاسم.
وصل الضباط إلى معسكر البوليس المسلح حيث تقع مدرسة تدريب للضباط وبجانب المدرسة كانت توجد فيلا مكونة من طابقين ومبنية على الطراز الهندي القديم، كانت من أكبر الفلل في المعسكر وفيها حديقة صغيرة.
في الطابق الأرضي سكن بعض ضباط الصف المرشحين لدورة الضباط بينما سكن الضباط الذين ذكرت أسمائهم الطابق الأعلى ومن ضمنهم مؤرخ تاريخي من أبناء عدن يسرد القصة قائلاً:
"كنت ضابطاً أبلغ من العمر 18 سنة، وفي يوم الأحد كان الجميع يذهب في عطلة فتبقى الفيلا فارغة إلا من الطباخ وهو شخصية ظريفة اسمه عبده وبرفقته ضابط نوبة، في تلك الليلة صادف أنني كنت ضابط النوبة، كنت جالساً في مكتب القائد أقرأ والساعة تشير إلى ما بعد منتصف الليل وجاء الطباخ يحمل فراشه وهو ينتفض من الخوف والرعب، وقال لي أنه سمع شيء ما في المطبخ أشعل النور وفتح صنبور الماء6، لم أكن أؤمن بتلك الخرافات وذهبت معه إلى الفيلا ودخلت المطبخ ولكن مما أثار انتباهي بشدة أنني وجدت المواعين مبعثرة وكان النظام العسكري صارم جداً ، وعلى المطبخ أن يكون مرتباً بدقة.
في كل ليلة كنت مناوبتي فيها أرى المواعين مبعثرة وأتساءل عمن قام بذلك6، وهذا الذي لم أستطع فهمه طوال السنين حين أتذكر هذه القصة، أمرت الطباخ النوم في عنبر الجنود وفي الصباح استدعيت العريف العبار مدربنا العسكري، وسألته في هذا الأمر الغريب، ضحك وقال لي هذه قصة غريبة عن الفيلا.
قال لي العريف العبار أنه قبل 12 سنة كان يسكن في هذه الفيلا ضابط هندي يعمل في البوليس المسلح، كانت له زوجة شابة جميلة جداً ، وفي أحد الليالي وهو ينظف مسدسه انطلقت رصاصة بالخطأ واستقرت في صدر زوجته الجميلة فماتت في الحال. فصدم هذا الضابط صدمة شديدة ولم يستطع حتى العمل بعد ذلك الحادث الأليم فغادر عدن دون رجعة، بعده أعطيت الفيلا في رعب من شبح تلك الزوجة الهندية الجميلة التي تظهر وتسير في الفيلا ليلاً، وقد اضطر قائد البوليس المسلح في عدن آنذاك اللفتنانت كولونيل شيبرد أن يغلق الفيلا لتبقى مهجورة وعلى الرغم من فخامتها لم يسكنها أي ضابط عربي أو بريطاني.
وفي عام 1962 قرروا إعطائها لنا عند حضورنا الدورة التدريبية للضباط كانت فكرتهم مستندة إلى إننا مجموعة والفيلا ستكون دوماً مكتظة بالسكان مما لا يسمح لشبح تلك السيدة الهندية بالظهور، كانت روحها تهيم في نفس المكان التي ماتت فيه، وحلفني العريف العبار أن لا أخبر أحد عن هذه القصة في ذلك الوقت حتى لا تحدث بلبلة.
استدعيت الطباخ في الصباح وطلبت منه عدم ذكر القصة مطلقاً وأمرته في العطلة حين تكون الفيلا فارغة عليه أن ينام في عنبر الجنود مع الجنود، وكانت هذه الفيلا من أحسن الفلل في معسكر البوليس المسلح في عدن".
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا