جنانوة فيلكا
كما في رحلة صيد الأسماك (حداق) مع الأصدقاء فإذا بنا بالقرب من جزيرة فيلكا فأوقفنا الطراد لكي نرمى خيوطنا وإذا بصديقي سعد يرمى الخيط كما فعلنا نحن فأخذ يسترسل في الحديث عن موقف فقال هي جزيرة فيلكا التي كانت تسمى أحلى الجزر فكان لي بجزيرة فيلكا التي كانت تسمى لؤلوة الكويت قبل الغزو الغاشم على دولتنا الحبيبة الكويت والتي حولها الغزاة عام 1990 إلى ثكنة عسكرية مخيفة والتي أصبحت بعد التحرير خاوية على عروشها لا يسكنها الناس وبيوتها تشهد إلى الآن على حجم الدمار والخراب الذي خلفه الغزاة على هذه الجزيرة الجميلة ففي يوم من الأيام اتفقت أنا وأصدقائي على أن نذهب إلى هذه الجزيرة ونقضي وقتاً ممتعاً هناك فستأجرنا شاليه من هذه البيوت الموجودة في جزيرة فيلكا وكان أغلب البيوت مهجورة ولا يوجد بها نوافذ ولا أبواب وكانت الأوساخ والروائح الكريهة تزكم الأنوف من داخل هذه البيوت القديمة وهذه البيوت المهجورة.. فستأجرنا شاليه من أحد الهنود الموجودين هناك وكان الشاليه يطل على شاطئ البحر وكان بجانبنا أحد البيوت المهجورة التي ليس لها أبواب أو نوافذ كما لا يوجد بها إضاءة لأن الكهرباء كانت مقطوعة فيه وبينما نحن داخل الشاليه نلعب ونتحدث ونتسامر إذا بي أجد نفسي أميل إلى الجلوس على الشاطئ قليلاً لأرفه عن نفسي قليلاً فاستأذنت أصحابي وقلت لهم إنني سأجلس قليلاً على الشاطئ وكانت الساعة تشير إلى الثالثة فجراً وكان الظلام دامس لعدم وجود إنارة في هذه الجزيرة فجلست على رمال الشاطئ وأخذت أفكر في هذه الجزيرة وكيف أصبحت هكذا خراب وهل ستعود كما كانت لؤلؤة وبينما أنا كذلك إذ بس أسمع أصوات كأنها أصوات نساء يصرخون وأطفال يلعبون فتلفت يميناً ويساراً فلم أرى أي شيء فقلت في نفسي لعلها أصوات قادمة من الشاليهات المجاورة لنا فتجاهلت الأمر وبعد قليل إذ بي أرى امرأة تخرج من إحدى البيوت المهجورة وهى تلبس رداء أبيض وشعرها طويل ولكن لم ألمح ملامح لوجهها فانتابني الخوف والذعر فتجمد الدم في عروقي وأحسست ببرودة تسري في جسدي لحظتها لم تعد قدماي تحملني وبعد قليل إذ بها تتجه إلى الشاطئ ثم تبلل قدماها في الماء دون أن تلتفت أو تنتبه لي وكأن بيننا 100 متر فقط ثم رجعت إلى البيت المهجور علي نفس الخط التي خرجت منه والملفت للنظر أنها كانت تسير وهي مرتفعة قليلاً عن الأرض وبعد أن دخلت من حيث خرجت استطعت أن أجمع ما تبقى لي من قوة لأقف على قدمي واركض بكل ما أتيت من سرعة إلى أصدقائي فدخلت عليهم وأنا ألهث وجسمي يرتعش ووجهي مصفر فسألوني أصدقائي والخوف يعتليهم ماذا بك ما الذي حصل فقلت لهم الواقعة التي زلزلت كياني وأنا أتصبب عرقاً فعندها ضحك أصدقائي على كل شيء قلته لهم فقالوا لي... أنت أكيد واهم وأن ما رأيته من الخيال فأقسمت لهم بأغلظ الأيمان بأن ما رأيته لم يكون سوى الحقيقة وإنني شاهدتها بأم عيني فقال أحد أصدقائي لابد أنك مرهق من عناء هذه الرحلة فاذهب وخذ قسطاً من الراحة وقال أحد أصدقائي وحتى تتأكد أنك كنت واهم فإننا غداً صباحاً سندخل هذا البيت المهجور وسنثبت لك بأنه لا يوجد أي شيء داخل البيت فاتفقنا أن ندخل هذا البيت عن الصباح الباكر ونرى ما يمكننا أن نرى داخل هذا البيت وفي الصباح أخذنا العزم على الدخول إلى هذا البيت متوكلين على الله فدخلنا هذا البيت وكانت الساعة تشير إلى السادسة صباحاً بعد شروق الشمس في دقائق وعندما دخلنا إلى البيت كانت البيبان مخلوعة وكان بع بعض الحروف الموجودة على حيطان المنزل وكانت الأوساخ منتشرة في كل مكان في المنزل وكان المنزل مكون من طابقين فدخلنا ونحن نحمل في أيدينا الكشافات حتى تساعدنا على النظر في الظلام ونرى ما يحتويه هذا المنزل الذي كان شديد العتمة في داخله فلما دخلنا إلى داخل أحد الغرف في الطابق الأرضي لم نرى أي شيء غريب حيث كان هناك غرف وحمامات ومطبخ الذي كان محروقاً بالكامل فاتفقنا على أن نصعد السلم الذي يؤدي إلى الطابق العلوي وعندما صعدنا إلى الطابق الثاني رأينا بعض الأثاث المكسور والديكورات القديمة التي تملئها الأتربة والغبار وأوساخ وعظام حيوانات نافقة فكنا ندخل الغرف باحتراس شديد غرفة غرفة إلى أن وصلنا إلى الغرفة الأخيرة التي كانت تقع في نهاية الممر وعندما دخلنا إليها إذ بنا نرى عباءة سوداء تطير باتجاهنا كأنها تريد أن تغطينا فما كان منا إلا أن صرخنا من الخوف وهربنا بكل ما أوتينا من السرعة وإذا بنا نرى ونسمع امرأة تصرخ وهي زاحفة على الدرج وكان شكلها مخيف جداً وهي تقول أين ولدي أين ولدي ثم نسمع أصوات ضحكات غريبة وعالية فأخذنا نُسرع بالخروج بأسرع ما عندنا ويومها لا نعرف كيف وصلنا إلى شاليهنا من كثرة الخوف فنحن أثناء الركض كنا نسقط ونقوم ثم نسقط ونقوم إلى أن وصلنا غلى شاليهنا وعندها أخبرنا الهندي بأننا سنرحل من هذا الشاليه فوراً ونحن نلملم ملابسنا وحاجاتنا وعندها قال لنا الهندي بعد أن لاحظ الخوف بادي على وجوهنا... هل ذهبتوا إلى ذلك المكان المهجور فأجبنا بنعم فقال لنا هذا ما توقعته وعندها قلنا له وماذا يوجد في داخل البيت المهجور فقال لنا توجد عائلة من الجن كنت ألاحظهم وأسمعهم كل ليلة وأسمع ما يقولونه إذ ذهبت إلى الشاطئ ليلاً فكنت أتجاهل الأمر... فعندما أعطينا الهندي إيجار ليلة واحدة لهذا الشاليه وحملنا أغراضنا ورجعنا إلى الديرة وحمدنا الله على السلامة فلم يصيبنا أي سوء منهم وهذا من فضل رب العالمين.. ومن يومها ونحن لا ننسي هذا الموقف الذي عشناه ولمسناه بأنفسنا... فكنت أتذكر كلما جئت إلى هذا المكان أو مرينا بالقرب من هذه الجزيرة.
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا