(عالم ما قبل الطوفان - الكارثة الكونية)
حتماً لكل بداية نهاية، ولكل شيء قيامته، ولكل واحد منا نهاية خاصة، ولنا كافة نهاية جامعة، ولكوكبنا المظلوم نهاية محتومة بعد كل هذا الظلم الذي يشهده من عثوّ للإنسان في الأرض وفساد، فبالطبع هو أكثرنا معاناة، ربما لسوء عاقبته الآن؛ أو حتى مستقبلاً، وربما لأنه عاش نهاية أولى لم يعشها الإنسان الحديث، فالكون الآن ليس كما كان عليه من قبل، فلقد تبدل هذا العالم بعالم آخر دون سابق إنذار، وشهدت الكرة الأرضية كارثة تعد من أضخم كوارث الكون منذ بداية الخليقة .. عالم كامل وضخم اختفى في ظروف غامضة، ولم يبق غير القليل من آثاره الصامدة عبر آلاف السنين، في واحدة من أعظم الكوارث الكونية بلا منازع.
الكارثة الكونية (الطوفان العظيم)
المكان: كل أرجاء البسيطة.
الزمان: ما بين 9 آلاف حتى 6650 سنة قبل الميلاد تقريباً (نسبة لأحدث التحليلات الرسوبية في أماكن مختلفة - ومسارات مياه الطوفان التي شكلت الأرض الجديدة).
الحدث: هدوء تام يغطي كوكب الأرض مع نهاية يوم طبيعي .. الملايين من الناس يتناولون عشاءهم ويرتاحون من عناء العمل، ومع مُضي الوقت خلد غالبيتهم إلى النوم كالمعتاد، فازداد الهدوء هدوءاً .. وعندما جاء منتصف الليل أعطت الأرض إنذاراً لساكنيها باقتراب الأجل، واهتزت اهتزازاً مريباً وعنيفاً، ومالت الأرض ميلاً عظيماً؛ وكأن يداً عظمى جرفتها عن محورها، رعد وبرق لم تشهد مثله المعمورة، وبعدها بدأ الغلاف الجوي الأرضي في الاختفاء، ثم انفلقت القشرة الأرضية بسبب الضغوط التي أنهكتها، ويسبب هذا الضغط والتصدع تحررت الأحواض المائية تحت الأرض بسرعة رهيبة .. الكل يفقه دوره .. فبعدها انطلقت محتويات الأحواض المائية إلى السماء نحو أقصى مدى للغلاف الجوي، ثم عادت إلى الأرض بشكل انزلاقي مريب ومهيب، على صورة أمطار، بل شلالات، تغطي الكوكب كله، ثم زاد منسوب المياه عن سطح الأرض، فبدأت التفجيرات البركانية العملاقة في تدمير الأرض بالكامل، فانزلقت وانجرفت قطع من اليابسة حاملة سكان هذه القطع الأرضية نحو البحر مع إحداث هزة مرعبة عند قذف كل قطعة وانجرافها في الماء .. كل شيء يعلم دوره، وكأنه عقاب مبين، فلم تحتمل الأرض ما أصابها من سوء، فتبعثرت وانتابها اضطراب شامل، وتبعثرها محى معالمها، فاختلطت القارات بالبحار.
ثم جاءت الموجة الأخرى من الكارثة، والتي خلفتها تلك التغيرات، فهذه التغيرات قد ساعدت على اندفاع موجات المد، ما ساهم في وجود إعصار مدمر بلغ ارتفاعه 6000 قدم! زحف الإعصار وكأنه يبتلع ما تبقى من الأرض، ثم تمكن من الوصول إلى القطبين الشمالي والجنوبي، وحينها جاء دور تفاعل الحمم البركانية والغازات الخانقة والسامة، للقضاء على ما تبقى من شكل الحياة على الأرض، لتعلن الأرض استسلامها في سيناريو متقن ومرتب بإحكام. من كتاب مختصر حضارات العالم لشريف سامي
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا